اليوم العالمي لحرية الصحافة

زاوية الكتاب

كتب 2123 مشاهدات 0


 
 
يصادف الثالث من شهر مايو و هو 'اليوم العالمي لحرية الصحافة' ، و يتم سنوياً الاحتفال بهذا اليوم تأكيداً على أهمية هذه الحرية ، و يكون هذا اليوم عادةً فرصة للوقوف على أهم الإنجازات أو المشاكل و العراقيل التي يتعرض لها الصحفيين في مختلف دول العالم ، حتى يتم تقييم الوضع العام للصحافة.. هل تحسنت ؟! أو بقيت كما هي ؟! أو زادت سوءاً و تدهوراً ؟!
لذلك أريد التوقف معكم لمعرفة مدى حرية الصحافة الكويتية من الناحية القانونية و تأثير أصحاب النفوذ و الأموال عليها !
 
أولاً:
أود أن أطرح عليكم مبادئ 'حرية التعبير' وفق القوانين الدولية :
- في عام 1689 أصدر البرلمان البريطاني قانون ( حرية الكلام في البرلمان ).
- في 26 أغسطس 1789 صدر ( إعلان حقوق الإنسان و المواطن في فرنسا ) ، و قد ورد في المادة الحادية عشر ( حرية التعبير عن الأفكار و الآراء هي من الحريات الأساسية للإنسان ، و تقر أن لكل مواطن الحق في التعبير و الكتابة و النشر بكل حرية ، إلا في حالات الإسراف في هذه الحرية ، وفقاً لما يحدده القانون ) .
- في 16 نوفمبر 1945 صدرت في لندن ( الاتفاقية المؤسسة لليونسكو ) ، و قد ورد في الفقرة الثانية من المادة الأولى ( و لهذه الغايات فإن المنظمة تعزز التعارف و التفاهم بين الأمم ، بمساندة أجهزة إعلام الجماهير و توصى بهذا الغرض بعقد الاتفاقات الدولية ، التي تراها مفيدة لتسهيل حرية تداول الأفكار عن طريق الكلمة و الصورة ) .
- في 10 ديسمبر 1948 صدر في الأمم المتحدة ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) ، و قد ورد في المادة التاسعة عشر ( لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير ، و يشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل ، و استقاء الأنباء و الأفكار و تلقيها و إذاعتها بأية وسيلة كانت ، دون تقييد بالحدود الجغرافية ) .
- في عام 1966 صدر في الأمم المتحدة ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ) ، و قد ورد في الفقرة الأولى من المادة التاسعة عشر ( أن أي شخص لا يمكن أن يكون عرضة للضغوطات بسبب آرائه ) .
 
ثانياً:
نقارنها مع مبادئ 'حرية التعبير' وفق القوانين المحلية :
- ورد في الدستور الكويتي :-
* مادة 7 ( العدل و الحرية و المساواة دعامات المجتمع و التعاون و التراحم صلة وثقى بين المواطنين ) .
* مادة 36 ( حرية الرأي و البحث العلمي مكفولة ، و لكل إنسان حق التعبير عن رأيه و نشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما ، و ذلك وفقا للشروط و الأوضاع التي يبينها القانون ) .
* مادة 37 ( حرية الصحافة و الطباعة و النشر مكفولة وفقا للشروط و الأوضاع التي يبينها القانون ) .
- كما ورد في القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات و النشر :-
* مادة 19 ( يحظر المساس بالذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة الأخيار ، أو زوجات النبي <صلى الله عليه و سلم> أو آل البيت <عليهم السلام> ، بالتعريض أو الطعن أو السخرية أو التجريح بأي وسيلة من وسائل التعبير ، المنصوص عليها في المادة 29 من القانون رقم 31 لسنة 1970 ، بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 ) .
* مادة 20 ( لا يجوز التعرض لشخص أمير البلاد بالنقد ، كما لا يجوز أن ينسب له قول إلا بإذن خاص مكتوب من الديوان الأميري ) .
* مادة 21 يحظر نشر كل ما من شأنه:
1- تحقير أو ازدراء دستور الدولة .
2- إهانة أو تحقير رجال القضاء أو أعضاء النيابة العامة ، أو ما يعد مساساً بنزاهة القضاء و حيادته أو ما تقرر المحاكم أو جهات التحقيق سريته .
3- خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام ، أو مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم  و لو لم تقع الجريمة .
4- الأنباء عن الاتصالات السرية الرسمية و نشر الاتفاقيات و المعاهدات التي تعقدها حكومة ، الكويت قبل نشرها في الجريدة الرسمية إلا بإذن خاص من الوزارة المعنية .
5- التأثير على قيمة العملة الوطنية أو ما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالوضع الاقتصادي للبلاد ، أو أخبار إفلاس التجار أو الشركات التجارية أو المصارف أو الصيارفة إلا بإذن خاص من المحكمة المختصة .
6- كشف ما يدور في أي اجتماع أو ما هو محرر في وثائق أو مستندات أو مراسيم أو أي أوراق أو مطبوعات ، قرر الدستور أو أي قانون سريتها أو عدم نشرها ، و لو كان ما نشر عنها صحيحاً و يقتصر النشر على ما يصدر عن ذلك من بيانات رسمية .
7- المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم أو معتقداتهم الدينية و الحض على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع ، أو نشر معلومات عن أوضاعهم المالية ، أو إفشاء سر من شأنه أن يضر بسمعتهم أو بثروتهم أو باسمهم التجاري .
8- المساس بالحياة الخاصة للموظف أو المكلف بخدمة عامة ، أو نسبة أقوال أو أفعال غير صحيحة له تنطوي على تجريح لشخصه أو الإساءة إليه .
9- الإضرار بالعلاقات بين الكويت و غيرها من الدول العربية أو الصديقة ، إذا تم ذلك عن طريق الحملات الإعلامية .
10- خروج الصحيفة المتخصصة عن غرض الترخيص الممنوح لها .
 
- كما أنه ورد في كتاب (جرائم النشر في ضوء قانون المطبوعات و النشر الكويتي و في ضوء قانون الجزاء ) لـ د. طارق عبدالرؤوف صالح رزق :-
* ( جريمة المساس بالحياة الخاصة للموظف العام ) جاء في المادة 214 من قانون الجزاء ؛ إن جريمة القذف لا تقع إذا تضمنت الأقوال أو العبارات أبداء الرأي في مسلك موظف عام بشأن واقعة تتعلق بأعمال وظيفته ، و لا تتوفر الإباحة إلا إذا أثبت حسن نية الجاني باعتقاده صحة الوقائع التي يسندها ؛ و بقيام اعتقاده على أسباب معقولة و باتجاهه إلى مجرد حماية المصلحة العامة < المادة 215 جزاء > .
* ( جريمة قذف و إهانة الموظف العام ) جاء في المادة 214 من قانون الجزاء ؛ لا جريمة إذا كانت القذف يتضمن واقعة تقدر المحكمة أن المصلحة العامة تقتضى الكشف عنها ، و يدخل في هذه الحالة أن تتضمن الأقوال أو العبارات أبداء الرأي في مسلك موظف عام ؛ بشأن واقعة تتعلق بأعمال وظيفته بالقدر الذي تكشف عنه هذه الواقعة .
* ( حقد النقد ) الحق في النقد يجد سند المشروع في المادة 27 و 28  من قانون الجزاء الخاص باستعمال الحق ؛ و الذي يعد سبباً عاماً للإباحة و يتعين عدم الخلط بين الحق في النقد و الحق في الإعلام ، حيث أن الحق الأخير يقصد به حق كل شخص في الإطلاع على الحقائق و الوقائع المتصلة بالحياة العامة ، أما الحق في النقد فيقوم على أساس من التعليق النزيه على الوقائع المعلومة التي صارت في حوزة الجمهور .
و يعتبر القذف مشروعا حتى يقام الدليل على العكس ؛ و على ذلك فإن الجاني لا يكلف بإثبات حسن نيته المتمثل في الاعتقاد بصحة الواقعة المسندة ، أو الرغبة في إعلام الجمهور بما يجري من أمور ؛ أو بوجود دوافع أخري مشروعة فكل هذه الأمور تكون مفترضة قانوناً .
* ( التوسع في نقد الشخصيات العامة ) استقرت أحكام القضاء على أن الطعن في أعمال السياسيين يجوز قبوله بشكل أوسع و اعم من الطعن في موظف عام ، بالذات و أن الشخص الذي يرشح نفسه للنيابة عن البلاد ؛ يتعرض عن علم لأن يرى كل أعماله هدفاً للطعن و الانتقاد .
 
و من ذلك نجد أن القوانين المحلية تقريباً تتطابق مع القوانين الدولية في حق 'حرية التعبير' ، حيث أن القوانين المحلية فرضت عدم انتقاد شخص أمير البلاد ؛ و عدم المساس بالذات الإلهية و القرآن الكريم و الأنبياء و الصحابة و زوجات النبي و آل البيت ؛ و عدم تحقير دستور الدولة ، و هذه النصوص لا اعتراض عليها من الغالبية العظمي ، و لكن باستثناء ما تم ذكره في ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ) ؛ في الفقرة الأولى من المادة التاسعة عشر ' أن أي شخص لا يمكن أن يكون عرضة للضغوطات بسبب آرائه ' ، حيث أن القوانين المحلية لم تتطرق إلى هذه النقطة المهمة ؛ حيث أننا نرى أن الكثير من كتاب المقال عرضه للضغوطات بسبب آرائهم و أفكارهم .
 
 
ثالثاً:
نتطرق إلى مفهوم مصطلح 'حرية التعبير' من وجهة نظر الصحافة العالمية ، هي الحرية في التعبير عن الأفكار و الآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو الأعمال الفنية ؛ بدون رقابة أو قيود حكومية ، بشرط أن لا يمثل طريقة عرض الأفكار و الآراء أو مضمونها ما يمكن اعتباره خرقاً أو مخالفة لقوانين و أعراف الدولة ؛ أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير ، و يصاحب حرية الرأي و التعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق و الحدود ؛ مثل حق حرية العبادة و حرية الصحافة و حرية التظاهرات السلمية .
كما أن المفكر ' ستيوارد ميل ' قال : ( إذا كان البشر أجمعون متفقين على رأي معين ، و ظهر بينهم شخص له رأي مغاير ، فليس للبشر مبرر لإسكاته تماماً ، كما أنه ليس من حق هذا الشخص الواحد إسكات البشر ) .
و قد ذكر في كراسة ميلتون – و هي تعتبر من الأعمدة التي قامت عليها حرية الصحافة – في وصف السوق المفتوح للآراء ( مبدأ إتاحة مناخ التجادل بين الناس حتى تسود الحجج الجديرة بالسيادة ) .
 
رابعاً:
نقارنها مع مفهوم مصطلح 'حرية التعبير' في الصحافة الكويتية ، و بصراحة.. من خلال تجربتي البسيطة في عالم الصحافة الكويتية الذي لم تتجاوز السنتان ( في عدة صحف يومية و أسبوعية و إلكترونية ، حيث نشرت خلالها ما يقارب 220 مقال ) ، و من واقع تجربة النشر في تسعة صحف يومية و خمسة صحف أسبوعية ؛ و ما يزيد عن 15 صحيفة إلكترونية و موقع إلكتروني ، تمحور لدي مفهوم مصطلح 'حرية التعبير' على أنها ( للكاتب الحرية في كتابة آرائه ، و لكن للجريدة حرية نشر هذه الآراء !! ) ، و هذا الأمر موجود لدى أغلبية الصحف اليومية ، أما الصحف الأسبوعية و الإلكترونية لم أجد لديهم هذه 'الديمطراقية' .
 
 
للأسف أصبح الكثير من الصحف اليومية لدينا كـ الأحزاب السياسية في الدول النامية ! شعارها الديمقراطية لكن فعلها 'الديمطراقية' !! نجدها تدعم شخصيات معينة و تمجد بهم و ترفض انتقادهم ! و تشجع انتقاد خصومهم.. بل من الممكن أن تشن حملة إعلامية لـ 'شرشحتهم' !! حتى مواقفهم في القضايا العامة أصبحت تسير حسب أهواء أصحاب النفوذ و الأموال ، فنجدهم في قضايا ( الرياضة / الاقتصاد / السياسة / البرلمان / ألخ.. ) غير حياديه ؛ و أنما محددة التوجه و الأهداف لما يطابق رغبات أصحاب النفوذ و الأموال !!
إن خطورة الأمر قد وصلت إلى الضغط على كتاب المقال لعدم انتقاد شخصيات معينة !! طبعاً هذا بسبب دعم هذه الشخصيات للصحيفة ؛ أو ممارسة الإرهاب عليهم بـ سلطته نفوذه و أمواله !! الذي قد تؤثر على استمرارية دعم الصحيفة !!
و لتتأكد أخي القارئ من أن كتاب المقال الذي منعت مقالاتهم من النشر في الصحف ؛ قد منعت بـ سبب 'سياسة الجريدة لا تسمح بالنشر' و ليس لأنها مخالفة لقانون المطبوعات و النشر ، يمكنك الرجوع إلى قسم 'منع من النشر' في جريدة الآن الإلكترونية !! ربما قد يبادر أحدكم بالقول أن هذه المقالات قد تكون ركيكة أو لا تتمتع باللياقة المهنية ؛ لذلك فهي 'غير صالحة للنشر' و ليس كما يقال 'منع من النشر' ! و أجيبه بأنه قد تكون وجهة نظرك صحيحة في حالة كون الكاتب جديداً على الصحيفة ، لكن إذا كان كاتب قديم في الصحيفة و قد نشرت له العديد من المقالات ؛ فهذا يدل على جودة مقالاته و التزامه بفن كتابة المقال و آدابه ، و لكن شاءت الأقدار أن تكون آرائه لا تنطبق مع مصالح الصحيفة !!
و كلما كنت صريح و جرئ فإن الضغوطات تزداد عليك ؛ حتى أنه قد يتم منعك من النشر في الصحف !! و للأسف هذه حقيقة و ليست خيال ، و خير دليل على ذلك.. مقالة 'خرفان تبمبع' للكاتب محمد عبدالقادر الجاسم < http://www.aljasem.org/default.asp?opt=2&art_id=306 > ؛ الذي ذكر بها أنه قد تم ممارسة ضغوطات على الصحيفة لمنع نشر مقالاته  !! و كذلك تم منع نشر مقالات الشيخ فهد سالم العلي ؛ بعد نشره مقالة 'رسالة إلى الوالد' < http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=174532 > !! و لكنهم لم يستسلموا.. بل استمروا بالنشر في المواقع الإلكترونية الخاصة بهم ، لقد قال أبو جعفر المنصور ( إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تـتـرددا ) .
 
أخي القارئ.. مثلما نعلم أنه هناك محاولات من البعض لتفريغ الدستور من محتواه ، فأننا أصبحنا متأكدين من قيام بعض أصحاب النفوذ و الأموال ؛ بفرض هيمنتهم على الكثير من الصحف لتقييد حرية التعبير عن الرأي !!
أن الكويت تحتل المرتبة الأولى عربياً من حيث حرية الصحافة و التعبير عن الرأي ، لكن أعتقد أنها لن تحتفظ بهذه المرتبة طويلاً ! إذن و بمناسبة 'اليوم العالمي لحرية الصحافة' لـ نحتفل في الكويت ؛ بحرية التعبير الممنوحة لنا و المقيدة من النشر حسب أهواء أصحاب النفوذ و الأموال !!
 
تنويه: 'الديمطراقية' من وجهة نظري هي نقيض الديمقراطية !
 
****
 
قال الأمام الشافعي:
سَهَرِي لِتَنْقيـحِ العُلُومِ أَلَـذُّ لي  ... مِنْ وَصْـلِ غَانِيَةٍ وَ طيبِ عِنَاقِ
وَ صَريرُ أَقْلامِي عَلَى صَفَحَاتها ... أحلَى مِـنَ الدَّوْكـاءِ وَ العُشَّـاقِ
وَ أَلَـذُّ مِـنْ نَقْـرِ الفتاة لِدُفَّهَا  ...  نَقْرِي ِلأُلقِي الرَّمْلَ عَـنْ أَوْرَاقي
وَ تَمَايُلي طَرِباـً لِحَلَّ عَوِيصَةٍ ... في الدَّرْسِ أَشْهَى مِنْ مُدَامَـةِ سَاقِ
وَ أبِيتُ سَهرَانَ الدُّجَى وَ تَبِيتُهُ  ... نَوْمـاً وَ تَبْغي بَعْدَ ذَاكَ لِحَاقِـي ؟!
 
 

كتب: فيصل البيدان

تعليقات

اكتب تعليقك