في طعن المحامي الحمدان
أمن وقضايا((الآن)) تنفرد بنشر حيثيات 'التقييم الحكمي للموظف'
إبريل 28, 2010, 3:49 م 1556 مشاهدات 0
قضت المحكمة الدستورية صباح اليوم برئاسة المستشار/ يوسف غنام الرشيد: بعدم دستورية ما تضمنته المادة (14) من المرسوم بنظام الخدمة المدنية الصادر في 4/4/1979 قبل تعديلها بموجب المرسوم رقم (235) لسنة 2005 من قصر الالتزام بتقديم تقرير الكفاءة عن الموظف الذي يرى الرئيس المباشر بأنه ممتاز أو ضعيف دون الموظف الحاصل على غير هاتين المرتبتين وبسقوط الفقرة الثانية من ذات المادة التي يجري نصها على أنه (ويعتبر جيداً من لم يقدم عنه تقرير وفقاً للفقرة السابقة) لارتباطها ارتباط لزوم لا انفصام فيه.
جاء ذلك على أثر الدفع بعدم الدستورية الذي دفع به المحامي/ خالد الحمدان عن موكلته التي أعاق عدم كتابة تقرير كفاية عنها دون ترقيتها لمنصب قيادي والذي طعن فيه أمام لجنة فحص الطعون والتي قضت بالإحالة إلى المحكمة الدستورية.
وقالت المحكمة الدستورية أن الدستور الكويتي قد حرص على تأكيد مبدأ المساواة في عدد من نصوصه باعتباره ركيزه أساسية للحقوق والحريات جميعاً، ودعامة من دعامات المجتمع وميزاناً للعدل والإنصاف، فنص عليه صراحة في المادة (29) منه التي قضت بأن: ' الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو الدين ' وهو النص المتمم لنص المادة (7) من الدستور الذي يقضي بأن: ' العدل والحرية والمساواة من دعامات المجتمع'، ولنص المادة (8) الذي يقضي بأن: 'تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين' دالاً الدستور على أنه قصد بذلك أن يحيا المواطن في الدولة حياة ملؤها الأمن والطمأنينة، وينعم فيها مع باقي المواطنين بالمساواة في الحقوق والواجبات، في إطار روابط قائمة على عدالة اجتماعية شاملة، قوامها تكافؤ الفرص أمام الجميع.
وقال حكم المحكمة الدستورية أنه من المسلم به أن المساواة تعني في جوهرها التسوية في المعاملة بين المتماثلين وضعاً أو مركزاً، والمغايرة في المعاملة بين المختلفين وضعاً أو مركزاً، والمقصود بمبدأ المساواة لدى القانون هو أن يكون الجميع أمام القانون سواء، لا تفرقة بينهم أو تمييز، فالحقوق التي يمنحها القانون وينعم بها الناس يستظلون بها وفق قواعد موحدة، وتحظى من القانون بحماية واحدة وبدرجة متساوية، والواجبات التي يفرضها القانون على الناس يخضع لها الجميع على السواء دون تفرقة بينهم، كما أن المساواة في مجال الوظيفة العامة تعني أن يتساوى الجميع فيما يتعلق بشروط الخدمة فيها وأوضاعها، وفقاً لمقاييس موحدة لدى توافرها، وأن يعامل الموظفون ذات المعادلة من حيث الحقوق والواجبات المقررة للوظيفة وفق قواعد موحدة.
وأشار الحكم إلى أنه من استعراض أحكام المرسوم بنظام الخدمة المدنية الصادر بموجب التفويض التشريعي إعمالاً لنص المادة (1) من قانون الخدمة المدنية رقم (15) لسنة 1979، أن هذا المرسوم قد أخضع الموظفين المخاطبين بأحكامه – فيما عدا شاغلي الوظائف القيادية – لنظام تقييم الكفاءة، وهو نظام يقوم في الأساس على قياس أداء الموظف بصفة دورية خلال فترة معينة، استظهاراً لكفاءته واجتهاده وإنجازاته، ومدى التزامه بواجبات وظيفته واضطلاعه بأعبائها، وما عسى أن يتكشف من نواحي القصور في عمله، وفق عناصر يجرى تقريرها تبعاً لاصطلاحات معينة تتضمن تبياناً دقيقاً لها، يتم إدراجها في التقرير المعد لتقدير الكفاءة، بحيث يتم على أساسها تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر منها، بلوغاً إلى تحديد مستوى أدائه عن عمله خلال تلك الفترة، باعتبار أن أداء العمل هو المعيار الذي يؤخذ به لتقييم الكفاءة وإيجاد التعادل بين الموظفين والتحقق من مدى توفر عناصر الكفاءة في حقهم، وإجراء التقدير المتوازن لعوامل الجدارة وعناصر التمايز في شأنهم، ليكون ذلك مدخلاً للمفاضلة بينهم عند الترقية إلى ما يعلوها من وظائف، وفض التزاحم فيما بينهم عليها عند النظر في شغلها بالاختيار حتى لا يلي شئونها إلا من هم قادرين حقاً على تصريفها ، وفقاً لترتيبهم بحسب الجدارة التي بلغها كل منهم من ذي قبل، محدداً هذا النظام الإجراءات التي تتبع في تقييم الكفاءة ووضع التقرير وتقديمه واعتماده وفق مراحل متعددة حتى يستكمل شكله القانوني الصحيح مستهدفاً من تطلب مرور التقرير بكافة مراحله، التخفيف من وطأة التحيز والتحكم، والبعد عن نوازع الهوى والغرض حتى يضمن الموظف عدم غمط حقه ونيل حظه في الترقية عند حلول موعدها، والحكمة في ذلك ظاهرة، فتوقيع الرئيس المباشر على تقرير الكفاءة يتيح له الفرصة لإبداء رأيه بحرية وعرضه على من يعلون في المسئولية وجاب، لأنه الرئيس المسئول عن العمل لكي يشعر الرئيس المباشر بأن هناك رقابة على أعماله فيضطر إلى مراعاة الدقة والنزاهة، والتجرد وأن يحرص على تقرير الحقيقة فيما يكتب، كما وأن عرض تقرير الموظف على لجنة شئون الموظفين وأكثر خبرة، وأدق وزناً وحكماً، ولاغرو في أن المراحل التي يمر بها التقرير تمثل في حد ذاتها ضمانات لا غنى عن لزوم إعمالها وإتباعها حتى يأخذ كل ذي حق حقه، ويطمئن كل موظف على مستقبله الوظيفي ومصيره تحقيقاً للعدالة التي لا تستقيم موجباتها إلا بتوفير هذه الضمانات له حتى يتحقق لنظام تقييم الكفاءة أهدافه ومراميه، فيرتفع مستوى الأداء في العمل وتنمو الكفاءات، ويعود ذلك على المصلحة بالفائدة.
وأضاف الحكم متى كان ذلك، وكان الحاصل أن النص المطعون فيه قد أوجب على الرئيس المباشر تقييم كفاءة الموظفين – الذين يرأسهم – مرة على الأقل في السنة وأن يقدم تقريراً عن الموظف الذي يرى فيه أنه ممتاز أو ضعيف، وأن يُضمن هذا التقرير الأسباب التي خلص فيها إلى تقدير كفاءة الموظف سواء بالامتياز أو الضعف، ثم يعرضه على من يعلوه في المسئولية ليقوم بدوره بإبداء رأيه وملاحظاته وإرساله إلى وحدة شئون الموظفين خلال أجل محدد من عرضه عليه، ثم أعتبر هذا النص الموظف الذي لم يقدم رئيسه المباشر تقريراً عنه أنه قد حصل على تقدير (جيد) دون أن يوجب على الرئيس المباشر ذكر أسبابه، تاركاً له تقرير هذا الأمر دون قيد أو ضابط ليكون ذلك راجعاً لمطلق تقديره بغير معقب عليه في ذلك، على الرغم من كون الموظف على رأس عمله ولم يقم به مانع قانوني يحول بينه وبين وضع تقرير عنه، وإذ قصر الحكم الوارد بهذا النص الإلتزام بتقديم تقرير الكفاءة عن الموظف الذي يرى رئيسه المباشر بأنه ممتاز أو ضعيف دون الموظف الحاصل على غير هاتين المرتبتين، والذي كان يتحتم أن تمتد مظلة هذا الحكم إليه، فإن النص يكون بذلك قد جعل طائفة من الموظفين يستظلون بالضمانات التي وفرها لهم أحكام المرسوم في هذا الشأن، وجعل طائفة أخرى منهم يتجردون من الضمانات المقررة للموظفين الأولين، حال أنهم جميعاً يُظلهم مركز قانوني واحد، ومن ثم فإن النص يكون بذلك قد أخل بمبدأ المساواة، لانطوائه على تمييز غير مبرر، فضلاً عن إخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص بالمخالفة للمواد (7 ، 8 ، 29) من الدستور.
تعليقات