أين كبار الإقتصاديين والجمعية الاقتصادية وجمعية المحاسبين وجمعية الخريجين والمعلمين عن قانون الخصخصة.. تساءل يطرحه فهيد البصيري

زاوية الكتاب

كتب 978 مشاهدات 0


 

«باع الكحيلة في عشا ليلة!»

 

اللافت للنظر أنني لم أجد أي دور أو رأي أو تصريح لكبار الاقتصاديين في الكويت في موضوع الخصخصة، كالسيد جاسم السعدون، والدكتور عامر التميمي، وغيرهم، ولا حتى تحليل اقتصادي من قبل المراكز الاقتصادية المعروفة في الكويت، أو حتى من قبل الجمعيات العلمية المتخصصة كـ «الجمعية الاقتصادية»، و«جمعية المحاسبين»، و«جمعية الخريجين» و«المعلمين»، وكأن الأمر لا يعنيهم أو كأنه يدور على كوكب آخر!
والحقيقة أن ترك الموضوع على الحكومة، أو على مجلس هذه الأيام، سيؤدي بالجميع إلى الكارثة، فالحكومات المتعاقبة لم تستطع ضبط تجاوزات البورصة، ولم تستطع كبح جماح الشركات المخالفة، وعجزت عن انشاء هيئة لسوق المال، بل عجزت حتى عن انتزاع رواتب العمال المساكين من شركات التنظيف الجائرة التي فضحتنا في العالم.
فكيف لها أن تضبط خصخصة الدولة في ليلة وضحاها، ودون لوائح، أو أنظمة أو قوانين رادعة، أو حتى قدرة على تطبيق القانون إن وجد!
أما مجلس هذه الأيام فقد نسي نفسه ونسي المهمة التي جاء من أجلها، بل ونسي القسم الذي أقسم عليه أمام الله وأمامنا، ويريد أن «يبيع الكحيلة في عشا ليلة».
ولن يجلب قانون الخصخصة سوى البلاء للجميع، فمشاكل الخصخصة أضعاف أضعاف ما يتوقعه الحالمون بفوائدها، فيكفي أن نشير إلى أن مفاصل الدولة ومرافقها الحساسة ستكون بيد غير كويتية، وسيتم طرد الكويتيين من وظائفهم، فالعمالة الأجنبية الرخيصة لديها استعداد للعمل في ظروف سيئة لن يقبل بها الكويتي، وفي أحسن الحالات سيكون الموظف الكويتي تكملة عدد، وستعاني الدولة من البطالة المقنعة، حيث سيعيش الكويتيون على هامش قانون دعم العمالة، الذي أثبتت الأيام فشله وتحايل الشركات عليه، والنتيجة الطبيعية هي أن هذه الشركات ستستغل هذا القانون في ابتزاز الحكومة من أجل توظيف الكويتيين فهم محترفون في هذا المجال.
ولكن الضرر سيطال الجميع بما فيها هذه الشركات المتذاكية، فالدورة الاقتصادية دورة معقدة ومترابطة، فحين يصبح الكويتيون عاطلين عن العمل، أو يعملون بأجور متدنية فإن قدرتهم الشرائية سوف تقل، عندها ستتأثر ربحية هذه الشركات فتعمد إلى تسريح مزيد من الموظفين، وفي الغالب سيكونون من البقية الباقية من الكويتيين، وهنا ستزيد المشكلة، وتقل القدرة الشرائية للمجتمع بأكمله، ولن تستفيد الكويت أو حتى هذه الشركات من العمالة الأجنبية التي تم توظيفها بدلاً عن الكويتيين، لأن رواتب هذه العمالة ستذهب مباشرة إلى دولهم، وسيعمق ذلك من خسائر هذه الشركات التي ستعلن إفلاسها وهذه المرة إفلاسها يعني إفلاس الدولة، لتدخل الدولة بعدها في دائرة الديون، وهكذا، إلى أن يغرق الجميع... الحكومة، والشركات، والشعب، فالاقتصاد ليس فقط رأسمال غبيا، أو معادلة رياضية يسهل التنبؤ بنتائجها، فالجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية والأمنية والسياسية هي عوامل مهمة ومؤثرة في العملية الاقتصادية، لذلك يمسي الاقتصاديون على رأي ويصبحون على رأي آخر... ولكن بعد فوات الأوان!

فهيد البصيري

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك