فرك أذن الصين بالنفط الخليجي والموساد!

عربي و دولي

2483 مشاهدات 0


في العقد السادس من القرن الماضي دار حوار بين ماو تسي تونغ وياسر عرفات..

ماو تسي تونغ: ما عدد الشعب الإسرائيلي؟

أبو عمار: 4.5 مليون.

ماو تسي تونغ: وما عدد العرب؟

أبو عمار: 200 مليون.

ماو تسي تونغ مؤنباً: وماذا تنتظرون لتقتحموا إسرائيل سيراً على الأقدام؟

لكن ذلك الزمن الذي كانت فيه الصين تنظر إلى إسرائيل على أنها من أصحاب السوابق في سجل العدوان والاستعمار والرأسمالية, وكل ما هو ضد الفكر التقدمي قد ولّى. فقد قامت علاقات رسمية دبلوماسية بين الدولتين منذ 1992، ووقع الطرفان مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية بل والعسكرية المتنوعة. ولأن إيران تعد ثاني أكبر مصدر للنفط للصين، حيث تؤمن %14 من النفط الصيني المستورد من الخارج، كما تشارك الشركات النفطية الصينية في الاستثمار بالمشاريع النفطية في إيران، ولأن الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وهي عضو أيضا في مجموعة الست (مع الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا)، والتي تفاوض إيران حول ملفها النووي. من أجل ذلك كله انتهجت واشنطن استراتيجيتين مختلفتين لفرك أذن بكين لعلها تعود إلى رشدها، وتقوم بالعمليات الحسابية الصحيحة في مجال مصالحها.

ولأن دول مجلس التعاون لا تسائل الحليف قبل أن تسايره فإن الاستراتيجية الأميركية الأولى تمثلت في الضغط الأميركي على دول الخليج العربي والتي تصدر النفط الخام إلى الصين لتقديم وعد بتزويد بكين بكل احتياجاتها بأسعار أرخص من إيران مقابل دعم العقوبات المقترحة. لكن زيارة وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في منتصف مارس الماضي للمنطقة لم تؤتِ ثمارها في إقناع بكين فيما يخص تعويضها نفطيا، حيث تدعي أن وارداتها من النفط الإيراني قد انكمشت نحو %40 في الشهرين الأولين من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
فشل السيف العربي في قطع دابر التردد الصيني، جعل واشنطن تيمّم شطر الكيان الصهيوني الذي لا ينضب معينه في مجال الابتزاز السياسي على مستوى الدول.

أما من يطعن في صحة هذه الخلاصة فله أن ينظر مليا إلى ما فعلته إسرائيل في تركيا قبل أسابيع كرد على شجاعة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في وجه الصهاينة، فقد قامت إسرائيل بابتلاع غيظها، بل والاعتذار لأنقرة والتودد لها لكي تعود العلاقات إلى سابق عهدها، وفي الوقت نفسه شرعت أبواب الجحيم على تركيا من خلال تحريك رجالها في الكونغرس الأميركي والبرلمان النمساوي من خلال إحياء قضية الأرمن الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى، وهي قضية لطالما تجاهلها العالم، لكن تبعاتها على أنقرة لو تم تبنيها عالمياً كمذبحة ستكون وخيمة مثل تبعات ما قام به هتلر ضد اليهود كما هو معروف في طروحات الصهاينة.

لقد ردت الولايات المتحدة يدها لخنجر إسرائيل فانطلق مارد الخبث الصهيوني من عقاله، حيث كشفت صحيفة 'صنداي تايمز' البريطانية في 4 أبريل 2010 أن إسرائيل ستوفد أبرز مسؤوليها العسكريين الاستراتيجيين 'اللواء عامير إيشيل' رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي إلى الصين لإقناعها بأنها جادة في خططها لضرب المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت العقوبات الدولية في منع طهران من تطوير أسلحة نووية. وهو ثاني مسؤول عسكري يتوجه للصين بعد رئيس استخباراتها العسكرية اللواء 'عاموس يادلين' المجهز بأحدث البيانات حول التقدم الذي أحرزته حكومة نجاد على طريق صنع قنبلة نووية، حيث يعتقد بعض الخبراء بإمكانية إنجازها في نهاية هذا العام. وكان اللواء يادلين حصل على إذن من نتنياهو للكشف عن دليل جديد للموساد حول التقدم الذي وصلت إليه إيران على صعيد اختبار الرؤوس النووية الحربية وتخصيب اليورانيوم وتحميل صواريخها من طراز (شهاب) رؤوسا نووية.

ولا يختلف اثنان على أن الصين التي تروج أن فرض عقوبات جديدة على إيران يعرقل المساعي الدبلوماسية، إنما هي تاجر يقوم بالمساومة مع مشتر تدفعه الظروف لعقد الصفقة على كل حال، والثمن الذي تطلبه بكين قد يشمل مطالب عدة تتراوح بين تايوان, وتخفيض قيمة العملة الصينية, وحتى قضية حجب غوغل عن الصين.

وبناء على قراءة التغيرات المقبلة على الساحة الخليجية فإن استراتيجية الغضب الجماهيري التي تنتهجها واشنطن من خلال العقوبات الجديدة على طهران، قد تنجح في إقلاق حكومة نجاد، لكن أكبر المحاذير في القضية هي أن الخليج العربي سيكون أضعف نقاط تفريغ غضب نظام الملالي، حيث سبق للرئيس نجاد أن عرض علينا مشاريع للتعاون الإقليمي الأمني والنووي، فرفضناها. وسيبدأ بطرح الأسئلة الصعبة وكيف رفضنا أن نكون جزءا من الحل وقبلنا أن نعرض على الصين ما يضرها فصرنا جزءا من الإشكالية.

د.ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك