فتح الباب العالي وإغلاق هرمز !
عربي و دولييوليو 4, 2010, 9:58 ص 2502 مشاهدات 0
'مساجدنا ثكناتنا
قبابنا خوذنا
مآذننا حرابنا
والمصلون جنودنا
وهذا الجيش المقدس يحرس ديننا'
كلمات هز بها رجب طيب اردوغان قلوب الاتراك عام 1998م ، فاعتبرها بعضهم تحريض على الكراهية الدينية، فسجن، وعزل من وظيفته،ومنع من الترشح للانتخابات العامة، لكنها من جانب آخر عبدت الطريق لمشواره السياسي في قلوب بقية الاتراك .
و في 4ابريل 2010م أطلقت الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون التركية 'TRT' قناة فضائية ناطقة باللغة العربية في احتفالية ضخمة أقيمت في اسطنبول بحضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ونخبة من كبار الشخصيات التركية وعدد كبير من السفراء العرب في تركيا.
لقد جعلنا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تقربه لنا اسرى عواطفنا للمرة الثانية او الثالثة او الرابعة لا اتذكر ! لقد جعلنا مرتبكين استراتيجيا عاجزين عملياتيا حين قال في 'قمة صمود القدس' التي أنهت أعمالها في سرت 28مارس 2010م 'إن القدس قرة عين العالم الإسلامي وجعلها عاصمة لإسرائيل هوالجنون بعينه' . فعلى تلك الكلمات المفعمة بقدر كبير من العاطفة لرجل الدولة القوي رد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بتحية أجمل منها باقتراحه على القادة العرب إقامة منطقة جوار عربي في رابطة إقليمية تضم الدول المجاورة للبلدان العربية وفي مقدمتها تركيا، الأمر الذي لاقى ترحيباً فورياً من أردوغان نفسه .
وفي تاريخ الخليج العربي تأتي معركة الوجبــة ضد العثمانيين في25 مارس 1893م علامة فارقة في تاريخ قطر. كما ان استيلاء الملك عبد العزيز بن سعود على الاحساء عام 1913 م واخراج العثمانيين علامة فارقة في التاريخ السعودي . من جهة اخرى بقيت البحرين مستقلة عن القوى الكبرى المحيطة ومنها الدولة العثمانية منذ القرن التاسع عشر بفضل اتفاقية الحماية البريطانية،والتي شملت الكويت ايضا، حيث استطاع الشيخ مبارك أن يبحر مقاوما الاطماع العثمانية لمدة 18 عاما، ثم لم يكن امامه الا مساندة بريطانيا في الحرب العالمية الاولى ومنع وصول المدد للعثمانيين المحاصرين في البصرة عام 1915م.
لقد قاوم شيوخ الخليج محاولات العثمانيين زيادة نفوذهم في المنطقة فنفروا من النموذج الانتهازي الذي مارسته الاستانة وأغلقنا مكرهين الباب العالي جهة شرق الجزيرة العربية لمدة تزيد على 80 عاما. واليوم يعود حزب العدالة والتنمية الى الخليج العربي بشخص رئيس الوزراء التركي ،حيث قال في 13 فبراير 2010 م في لقاء مع صحف خليجية 'أن بلاده بصدد المشاركة في أعمال مجلس التعاون لدول الخليج العربية, متوقعا أن تزيد هذه المشاركة من فاعلية المجلس وقوته, ومن التضامن بين تركيا ودول الخليج الست.
لقد تمسك اجدادنا بالولاء للخلافة العثمانية بدوافع عاطفية رغم جلافة رجال الدولة آنذاك، وهاهو أردوغان ينجح في اعادة امتطاء العاطفة للفوز بقلوبنا قبل عقولنا ،وقد نجح في ذلك الى ابعد الحدود .فمن لايتذكر قبل خطابه الاخير في سرت، انسحابه غاضبا من اجل أطفال غزة من قاعة المنتدى الاقتصادي في دافوس في يناير 2009م بعدما ناقش تلك الحرب مع رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز.
أما عقولنا فيحاول أردوغان ولوجها من حقيقة أن تركيا تمتلك أكبر جيش في حلف الناتو، بعد الولايات المتحدة، وتركيا أردوغان هي صاحبة مبادرة اسطنبول 'ICI' لتوسيع التعاون مع دول الخليج العربي ولتحقيق المصالح المشتركة ولتعزيز الامن والاستقرار. لكن من محاذير ذلك أنها شكلت رأس حربة بالتوجه الجديد لحلف شمال الأطلسي القاضي بالاضطلاع بدور في الأمن الإقليمي للخليج ،كما أن تركيا شريك في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الاوسط .و تركيا أيضا عضو في مجلس الأمن الدولي في دورته الحالية .
لقدعادت تركيا لتكتشف أهمية الشرق من جراء ظلم أوروبا لها و منعها من دخول منطقة اليورو. وتأتي التوجهات والأفكار الخليجية التركية المشتركة نحو هذا التقارب الاستراتيجي بين الطرفين ايجابية في معظم نواحيها ،فلأنقرة موقف ايجابي إبان حرب تحرير الكويت 1991م . كما قفز التبادل التجاري بين الطرفين قفزات غير مسبوقة ،ووجدت الفوائض المالية الخليجية التي تبحث عن فرص استثمار آمنة حضن دافئ لها هناك.
من جانب آخر يجعلنا التمعن في خريطة الخليج نتساءل في ضؤ الحديث عن رابطة الجوار الجغرافي المقترحة في القمة العربية ال22 في سرت،عن مغزى الصمت الخليجي غير المبرر تجاه موقع جمهورية ايران الاسلامية من هذه الرابطة. فقد جاء الحديث في هذا الجانب من عمرو موسى الذي قال 'إن الأمر يتطلب أكثر من أي وقت مضى أن نقترح حواراً عربيا إيرانياً للنظر في المشاكل العالقة' . مضيفا 'إني اعلم وأتفهم مدى قلق البعض منا إزاء عدد من المواقف الإيرانية إلا أن هذا لا ينفي بل ربما يؤكد ضرورة الحوار كمرحلة أساسية في تحديد العلاقات المستقبلية مع إيران'. وقد ذهب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الى ابعد من ذلك في عدم مساواة تركيا بايران كدولتين مسلمتين وجارتين يتطلب الوضع الاقليمي الراهن بناء جسور الثقة معهما على نفس النسق،حيث قال 'إن الجلسة المغلقة الأولى ناقشت اقتراح موسى فيما يخص الحوار مع إيران ولكن غالبية الدول العربية لا ترحب بذلك الآن ' . وهنا نتساءل في عتاب خشن لسيد الخارجية المصرية عما حل باللغة الدبلوماسية التي تقرب ولا توسع شقة الخلاف ،فالقول بعدم الترحيب بالحوار يحدث الكثير من الضجه والقليل من التقدم.
إن الحديث عن الانخراط التركي في مشكلات الخليج العربي القائمة يجعل مكانة جمهورية ايران الاسلامية تقفز كسؤال حائر، ويجعل طهران في مزاج اقل تسامحا.فكيف تجاوزنا ارث مثقل بالاسى مع تركيا ولا نفتح نفس النافذة مع جارة لاتبعد عنا الا بضع اميال بحرية ؟ فهل نسعى لتكون انقره قوة موازية لآيران، وهل حكومة أردوغان مهيئة فعلا للعب دور كبير في المنطقة، وهل من أولوياتنا في الخليج العربي خاصة هذا التقرب لتركيا والابتعاد عن ايران،وخلق ما يشبه اجواء الحرب الباردة على ضفتي الخليج العربي ؟
إن فكرة إقامة منطقة جوار عربي أمر صائب ، لكن كم من فكرة ذبلت لانها لم تجد مفردات مناسبة تعطيها الحضور،و كم من فكرة تقمصت مفردات سممت سمو مكوناتها !.
تعليقات