سعدية مفرح تحتفي بذاكرة الشعر الفلسطينية

منوعات

2386 مشاهدات 0

سعدية مفرح

في تجربة هي الأولى من نوعها على صعيد النشر في الكويت، وتحت عنوان 'وجع الذاكرة' صدر للشاعرة سعدية مفرح كتاب جديد احتفت فيه بذاكرة الشعر الفلسطينية عبر تناولها لتجارب خمسة عشر شاعرا من فلسطين. والكتاب صدر ضمن سلسلة كتاب العربي عن وزارة الاعلام الكويتية في 280 صفحة من القطع المتوسط يجي ء في وقته المناسب حيث محاولات الصهاينة الدؤوب من أجل طمس التراث والابداع الفلسطينين جادة ومستمرة.

قدم للكتاب رئيس تحرير مجلة العربي الدكتور سليمان العسكري قائلا: 'ان الشعر الفسطيني يعد أهم محاولة للحل المأمول والذي يتطلب ضرورة حسم العلاقة بين الشعر والواقع في السياق العربي ،ذلك أن الشعر الفلسطيني له مميزاته التي تختلف عن أغلب الشعر العربي، بما يجعله مؤهلا لإنجاز المهمة التي عجز عنها أغلب محاولات الشعر العربي غير الفلسطينية وفي تلك المسألة وحدها يكمن سر ثرائه.

هذه قصائدهم وهذا يكفي

اما مؤلفة الكتاب الشاعرة سعدية مفرح فقد قدمت شعراءها الخمسة عشر المختارين بعناية نقدية وموضوعية وجمالية ايضا تحت عنوان 'هذه قصائدهم وهذا يكفي'، وقالت في التقديم ان مشهد الشعر الفلسطيني، أكثر اتساعا من هذا الرقم المتواضع بكثير، ولعله أوسع من أن يختصر برقم مهما كبر هذا الرقم، ولذلك يبقى رقمنا مجرد اقتراح لفتح كوة على المشهد المفتوح بدوره على كل الأفاق انطلاقا من الحلم الفلسطيني الأكثر اتساعا من كل الآفاق. ففلسطين لم تعد مجرد وطن عربي محتل من قبل عدو صهيوني شرس بل صارت حالة إنسانية مستمرة ومتطورة في سياق الشعر والنثر ومنطلقاتهما الحياتية.

 وبأسلوب دلل على فهمها للحالة الشعرية والسياسية في فلسطين على مدى قرن كامل هو عمر القضية الفلسطينية قالت رئيسة القسم الثقافي في جريدة القبس الكويتية سعدية مفرح :لأنه حلم متسع ومستمر ومتجدد يبقى محروسا برعاة الأمل الذاهبين إلى بيت القصيد الفلسطيني، المندغمين بالحالة الإنسانية، المسلحين بالقدرة والموهبة والدأب، على مر الأجيال الشعرية العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص. ومن هنا يبدو مشهد الشعر الفلسطيني مغريا لكل من يريد أن يختار من بين تفاصيله بعضها، من دون أن يخشى لوم لائم، (وهم كثر.. إذا تعلق الأمر بمختارات شعرية كما تعودنا في السنوات العربية الأخيرة)، فللشعر الفلسطيني خصوصيته المستمدة من خصوصية فلسطين، وللشعراء الفلسطينيين استثنائيتهم، كرعاة للأمل الوطني وحراس لوجع الذاكرة بالضرورة. وعلى الرغم من ضرورة أن يكون للاختيار قواعده غالبا، فإننا هنا لن نحاول الالتزام بها، محتمين بالخصوصية والاستثنائية في سياقهما الفلسطيني أولا، ولأننا سنحاول أن نستعرض كل الأسماء الممكنة أخيرا.

 وأضافت الشاعرة مفرح قائلة : لقد عانت الحالة الفلسطينية المستمرة كوطن وكقضية على مدى ما يقرب من القرن من الادعاءات الشعرية المزيفة فوق ما عانته من ادعاءات سياسية وثقافية وفكرية كادت أن تودي بها إلى مهاوي النسيان، لكنها لحسن الحظ، كانت دائما – وفي نفس الوقت – مسيجة بقافلة من مبدعين استطاعوا حماية الذاكرة وإعادة تكوين ما تداعى منها، تحت وطأة الادعاء، بعفوية ورهافة ووعي وحرص على الفعل الجمالي دائما. فالقضية التي كانت دائما موضوعا شعريا سهلا بقيت عصية في تدفقها الجمالي، ولم يستطع مناوشة البلاغة فيها سوى قلة من الشعراء منهم شعراء هذا الكتاب. وربما لذلك لم اهتم كثيرا بانتقاء «أفضل» ما كتب كل شاعر، ليس لأنني لا أؤمن بأفعل التفضيل عندما يتعلق الأمر بالشعر والشعراء وحسب، ولكن أيضا لأنني لست في موقع اتخاذ أحكام نقدية، ولذلك انتقيت تلك القصائد هكذا، من دون أسباب محددة مسبقا، ولا وفقا لخطة مسبقة، فهي قصائدهم وهذا يكفي، وهم شعراء فلسطينيون وهذا أيضا يكفي. ولم أحرص إلا على اختيار الشعراء والقصائد كنماذج أوضح للمشهد الشعري الفلسطيني خلال المائة سنة الأخيرة، خاصة وأن معظمهم قد اكتملت تجاربهم وخضعت لاختبار الزمن.

 مهمة ليست صعبة

 وأشارت مؤلفة الكتاب المهم والجميل شكلا ومضمونا الى أنها حاولت الاطلاع على معظم ما كتب عن الشعر الفلسطيني وعلى معظم المختارات الشعرية الفلسطينية قبل أن تبدأ باختيار الأسماء، ولم تكن المهمة بعد ذلك صعبة. وشرحت مفرح ذلك بالقول : كل الشعراء المختارين أعرفهم جيدا، ولعلي نشأت شعريا تحت ظلال ما كتبوا، فبعض قصائدهم كان مدرجاً ضمن المناهج الدراسية لمدارس الكويت  حيث درستُ كل المراحل الدراسية، وكثير منها ساهم في تشكيل وجداني القومي في مرحلة مبكرة من عمري. ولذلك فقد كانت الكتابة عن أولئك الشعراء من أيسر وأجمل المهمات الكتابية التي أنجزتها وفقا لتداعيات الذاكرة المحملة بالعبق الفلسطيني، مع بعض الاستعانات الضرورية بمراجع عامة تتعلق بالتفاصيل الدقيقة لحياة كل شاعر من الشعراء الخمسة عشر، وكانت معظم هذه المراجع هي دواوين الشعراء.

 مراحل ونوايا

 وحول مراحل العمل على اعداد الكتاب قالت صاحبته: عمدت في المرحلة الأولى من مراحل العمل على هذا الكتاب الذي أنجز في فترة زمنية قصيرة جدا إلى جمع أسماء الشعراء الفلسطينيين الذين أحببت أن يضمهم الكتاب، فوجدت العدد يربو على الثلاثين اسما، ولكنني اضطررت في النهاية إلى تقليصه إلى النصف تقريبا، استجابة للشروط الفنية التي تتعلق بحجم الكتاب، خاصة أنه يصدر ضمن سلسلة «كتاب العربي» وهي سلسلة دورية موحدة الحجم. فبدأت بالشاعر إبراهيم طوقان المولود العام 1905م، وختمت بالشاعر إبراهيم نصر الله المولود العام 1953م، أي أن الشعراء الخمسة عشر الذين تضمنهم هذا الكتاب كلهم قد ولدوا في النصف الأول من القرن العشرين تقريبا وهيمنت شعريتهم على القرن بأكمله. ولعلهم مع آخرين، لم تتح لي فرصة اختيارهم لقلة المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في الكتابة عنهم في وقت إعدادي لهذا الكتاب، هم الذين خلقوا هوية فلسطين الشعرية على اختلاف مدارسهم الإبداعية وطرائقهم الكتابية ومناهجهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية أيضا.

 وكشفت سعدية مفرح في نهاية تقديمها لكتابها، الذي اجتهدت في تناول موضوعه وكتابة مادة ببراعة وموضوعية وأيضا بشعرية جمالية تليق بها كشاعرة في جعبتها أكثر من ست دواوين شعرية بالاضافة الى الإصدارات الأخرى، عن نيتها تقديم جزء ثان منه يتضمن بقية الشعراء الفسطينيين الذين لم يشملهم هذا الاصدار الذي يمثل تجربة كويتية رائدة على هذا الصعيد ، ويساهم في محاربة محاولات الصهاينة في الذي صد مزينا بغلاف ورسوم داخلية للفنان المصري محمد حجي ، وقدمته مجلة العربي كإهداء للقدس باعتبارها عاصمة للثقافة العربية.  

الآن - المحرر الثقافي

تعليقات

اكتب تعليقك