حسان: على المؤمن أن يخاف على القلب من قلب وتحويل

مقالات وأخبار أرشيفية

الخشية خروج من سجن الهوى لساحة الهدى، ومن نجاسة النفس لطهارة

1407 مشاهدات 0


رجل يتحسس القلوب من خلال الكلمات ويرشد النفوس الحيرى إلى الطريق المثلى ، كانت محاضرته مزدحمة بالعيون والسواعد والأفئدة المحبة له ففاض فيها بكلمات لم يعد لها العدة بل كان رزق السامعين ورزقه فيها على الله   .

الخشية:

في هذه المحاضرة التقى الشيخ محمد حسان  جموع الحاضرين في مسجد الشايع بالزهراء في إطار محاضرات رياض الجنة التي تنظمها مبرة طريق الإيمان بالتعاون مع إدارة مساجد حولي ، وقد بدأ الشيخ محاضرته موضحاً مفهوم الخشية وقائلاً ( الخشية هي الخوف المقرون بالعلم ، والخشية أخص من الخوف فالخوف لعامة المؤمنين ولكن الخشية فهي للعلماء العالمين العارفين ، كما أن الخوف ثمرة من ثمرات الإيمان .. والإيمان سبب من أسباب الخوف ، قال تعالي ( وخافوني إن كنتم مؤمنين )فالخشية خوف مقرون بمعرفة بـ الله وبأسماء جلاله وصفات كماله وبقدره وهيبته وعظمته ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) والهيبة تكون للمحبين أما الإجلال فيكون للمقربين ن فالهيبة شعور يملئ القلب نتيجة للمحبة والمحبة شطر العبودية فالعبودية حب وإنقياد وإذعان وذل واستسلام .

خوفان وأمنان:

وقد تطرق الشيخ حسان إلى القلب قائلاً ( كل قلب ليس فيه الخوف والخشية قلبٌ خرب .. لا يتأثر بأية أو تهزه كلمة أو يحركه حديث أو موعظة فقد قيل للحسن البصري يا أبا سعيد إننا نجالس أقواماً يخوفوننا بالله سبحانه وتعالي حتى تكاد قلوبنا أن تطير من شدة الخوف والخشية فقال الحسن يا أخي إن تخالط أقواماً يخوفونك في الدنيا حتى يدركك الأمن في الآخرة خيراً من أن تخالط أقواماً يؤمنونك في الدنيا حتى يدركك الخوف في الآخرة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ( قال الله تعالى في الحديث القدسي وعزتي لا أجمع على عبدي أمنين وخوفين فإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة وإذا خافني في الدنيا أمنته في الآخرة ) فالخشية أن نترك ما نهانا الله عنه فهو يعلم السر وأخفى ( إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت .. ولكن قل علي رقيبُ.. ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب ..إذا ما قال لي ربي أما أستحييت تعصيني ، وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني ، فما قولي له لما يعاتبني ويقصيني ) .

مراتب الخوف:

وقد أوضح الشيخ حسان مراتب الخوف المقرون بالعلم أي الخشية قائلاً ( أن الخوف ينقسم لثلاث مراتب أولها الخوف من مكر الله في الحياة الدنيا ، وثانيها الخوف من سوء الخاتمة ، وثالثها الخوف من عذاب الله في الآخرة ، فالمؤمن لا يأمن مكر الله وعليه أن يسلك طريق الانكسار لله فالله هو الغني ونحن إليه الفقراء .. فقر اضطراري لا ينفك عنه أحد من الخلق مهما كان جبروته ، وفقر اختياري هو فقر المحبين إلى ربهم فالله في عظيم المقامات التي تحدث فيها عن سيد الخلق سيدنا محمد تحدث عن قيمة العبودية ففي الإسراء قال ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) وفي مقام الدعوة قال ( وإنه لما قام عبدالله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ) وفي مقام التحدي للمشركين قال ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ) فالخوف من مكر الله يورث القلب الانكسار ( فما سمي القلب قلب إلا من تقلبه .. فاحذر على القلب ُ من قلبٍ وتحويل ).

أحوال الصحابة:

وقد تطرق الشيخ إلى بعض من أحوال الصحابة قائلاً ( إن عثمان بن مظعون صحابي جليل ممن شهد بدر وأول من لقب بالسلف الصالح وأول من دفن بالبقيع لما مات قبله النبي بين عينيه وبكى فسالت دموعه على خدي عثمان ، وكانت امرأة من الأنصار يقال لها أم العلاء فقالت رحمة الله عليك شهادتي فيك أن الله أكرمك فسمعها رسول الله وقال لها فما يدريكِ أن الله أكرمه قالت سبحان الله .. فمن ..؟! فقال عليه الصلاة والسلام أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير ووالله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم ) ولننظر لما قاله سيدنا علي عندما خرج عليه الخوارج البغاة فقد قال ( محمدٌ النبي أخي وصهري ، وحمزة سيد الشهداء عمي .. وجعفرٌ الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة أبن أُمي .. وبنت محمدٍ سكني وزوجي منوطاً لحمها بدمي ولحمي .. وسبطا أحمدٍ ولداي منها فأيكم له سهماً كسهمي ) وها هو معاذ بن جبل الذي أقسم فيه رسول الله وقال يا معاذ والله إني لأحبك قال لإخوانه في ليلة موته أنظروا هل أصبح الصباح فقالوا لا  بعد .. ثم كررها مرات  فقالوا له لا بعد ماذا تريد ؟ فنظر معاذ وقال أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار ثم بكى وقال اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أنني لم أرد الدنيا لغرس الأشجار ولا لجري الأنهار ولكن لظمئ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالرُكب ن وها هو الشافعي الإمام الذي يعد كالشمس للدنيا والعافية للناس دخل عليه أحد تلاميذه في حالة الموت فقال له كيف أصبحت يا إمام فقال الشافعي 0 أصبحت من الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً ولعملي ملاقياً وعلى الله مقبلاً ولا أدري أتصير روحي إلى الجنة فأهنئها أم إلى النار فأعزيها ).

تحقيق الخشية:

وقد ختم الشيخ حسان محاضرته موضحاً كيف يمكن تحقيق الخشية ومؤكداً على أن تحقيقها في أصول ثلاث هما الخروج من ضيق الجهل إلى فضاء العلم والخروج من سجن الهوى إلى ساحة الهدى ثم التخلص من نجاسة النفس إلى طهارة القدس ، لذا على المؤمن أن يخرج من دائرة الجهل بالله إلى العلم والمعرفة بجلاله وكماله وعظيم صفاته ( لا الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور ..وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم قبل النشور نشور ) كذلك يجب الخروج من سجن الهوى إلى ساحة الهدى فلا ينبغي أن نتبع الهوى فنضل عن سبيل الله فعلينا امتثال الأمر واجتناب النهي والوقوف عند الحد بعلم وإخلاص وإتباع ن وللتخلص من نجاسة النفس إلى طهارة القدس علينا أن نصاحب ونجالس الأخيار الذين يذكرون الله وأن نعمل بما نعلم ونبتعد عن الدافعين إلى الحرام فالمرء على دين خليله فلينظر الإنسان من يخالل.

الآن – فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك