الضوء السعودي في نهاية النفق الافغاني

خليجي

1473 مشاهدات 0



 بدأ اهتمام المملكة العربية السعودية الشقيقة بالقضية الافغانية كما صرح الامير تركي الفيصل الرئيس السابق للاستخبارات العامة،مع وصول الشيوعيين الى الحكم عام 1977م.فقد اقلق السعودية بعد ذلك الغزو السوفياتي لافغانستان لانه مخطط  روسي قديم للوصول لمياه الخليج الدافئة، حيث ان غزو افغانستان، خطوة للوصول الى باكستان ثم البحر، والخليج العربي. فبذلت السعودية جهود جبارة لاستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة الغزو ومطالبة موسكو بسحب قواتها.كما لم تذخر السعودية وبقية دول الخليج جهدا طوال الحرب ضد السوفيات على شكل عمليات استنزاف بدعم دعم مالي وعسكري ومعنوي للمجاهدين الافغان .ثم سقطت الجمهورية الديموقراطية الأفغانية المدعومة من قِبل الإتحاد السوفييتي في 1992م  ووصلت قوات طالبان الى كابول وكانت الرياض وباكستان ودولة الامارات العربية المتحدة الدول الوحيدة التي اعترفت بنظام طالبان في أفغانستان بعد وصولها إلى السلطة ،بل ووافق الملا عمر على تسليم بن لادن لما يقوم به من اعمال ضد أمن المملكة وقال: ان مصالحنا معكم وليست مع شخص. وطلب  تشكيل لجنة من ممثلين عن البلدين لترتيب اجراءات التسليم،لكن طالبان نكثت بوعدها ولم ترغب في ان تمارس نفوذاً على  طموحات اسامة بن لادن بشتى الاعذار رغم كونها حكومة ذات سيادة و سيطرة.

لقد كان للسعودية دورا محوريا في القضية الافغانية حتى احداث 11سبتمبر،حيث دخلت الولايات المتحدة ودول الناتوفي دورة تخبط  سياسية وعسكرية لم تنتهى حتى الان .ولآن الشعب الافغاني لا يحمل انطباعات سلبيةعن المواقف السعودية ،ولان طالبان هي التي  كانت ترد اليد الكريمة للملكة العربية السعودية وليس العكس، فقد توجه الرئيس الافغاني –المتأنق دائما - حامد كرزاي الى السعودية يوم الثلاثاء بحثا عن مساعدة تتيح لنظامه التعامل مع حركة طالبان المتشددة. فقد سبق للسعودية رغم المواقف الطالبانية المتقلبة ان نجحت في  ترتيب  اتصالات بين حكومة كرزاي وحركة طالبان في السابق، فقد دعا الرئيس الافغاني المملكة لتقديم المساعدة مجددا في مؤتمر دولي عقد في لندن الاسبوع الماضي.

إن 'المصالحة الوطنية في أفغانستان'هو الملف الشائك لذي يحمله الرئيس  كرزاي للرياض،ولعل ما يدفع المملكة للقبول بإلقاء ثقلها لحل هذا الملف هو خطر' طالبان باكستان' بالاضافة الى مشكلة اللاجئين لتي تضغط بتبعاتها على باكستان، وهي قضايا لا تؤرق الرياض فحسب بل جمع دول مجلس التعاون،حيث ان باكستان تقع ضمن دائرة أمن الخليج العربي الثانية ،والتي تشتعل موازية لقضية الطموح النووي الايراني .وقد جمع كرزاي  تعهدات بمئات الملايين من الدولارات خلال مؤتمر لندن في الاسبوع الماضي لاغراء المتمردين بنبذ التمرد، لكن ذلك كان مجرد تعهدات من نفس نوع التعهدات الجوفاء التي اكتنزت بها جيوب العراقيين لاعادة إعمار بغداد وحكومة محمود عباس في فلسطين،لذلك جدد قادة طالبان ضرورة انسحاب كل القوات الغربية من أفغانستان قبل الموافقة على اجراء أية محادثات، وهنا يأتي الدور السعودي كضؤ في نفق الخراب الافغاني الذي دام لثلاثة عقود . فإشادة واشنطن بالدور السعودي في أستقرار أفغانستان ليست مؤشرا على الفشل السياسي والعسكري لامريكا في افغانستان فحسب ،بل دليل على التفاؤل بأن المبادرة الاخيرة سئؤتي ثمارها ،و أعتراف بالدور الاقليمي للمملكة ودول الخليج في القضايا التي تمس أمنها بعد طول تغييب قسري. ولعل اجواء التفاؤل باستقرار افغانستان هي التي اخرجت بن لادن من جحره محاولا في خطابين له التقرب من طالبان بتبني مواقفهم الداعية لخروجِ القوات الامريكية والدولية وكأنه جزء من عملية المصالحة

د. ظافر محمد العجميالمدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك