آمنة الموسوي تنتقد حالة الانفلات الأمنى
زاوية الكتابكتب سبتمبر 26, 2007, 12:50 ص 653 مشاهدات 0
قيدت ضد مجهول
كتب آمنة الموسوي
كنا نتمنى أن نجد من وزارة الداخلية من يعرض لنا إحصائيات واقعية حول الجرائم اليومية التي تقع ضد المواطنين مثل سرقات السيارات والأموال والبيوت وغيرها، وتقيد ضد مجهول تماما كما يتم عرض القضايا الساخنة مثل القبض على أوكار الدعارة ومخالفي الإقامات، وحتى المخالفات المرورية التي تلتقطها الكاميرات دون جهد يذكر من رجال المرور.
نسمع المئات من القضايا من حولنا يوميا حول مواطنين تمت سرقة سياراتهم، أو اقتحمت منازلهم، أو تم تتبعهم من قبل عصابات عند البنوك أو الصرافين وفي كل مرّة تنتهي القضية بلا شيء فلا يرجع الحق لأصحابه، ولا يتم أي تحقيق جاد لمعرفة الجناة وكأن شيئا لم يكن. بل إن المواطن لم يعد يشعر بأي رغبة في الإبلاغ عن القضية لأنه يعرف إنه لن يصل إلى نتيجة سوى التعب من الجري واللهاث في المعاملة التي لا تختلف عن أي معاملة وزارية تمر سترميه كالكرة من مخفر إلى مخفر ومن إدارة إلى إدارة حتى «تساب ركبه» لتكون النتيجة لا شيء و قيدت ضد مجهول، حتى أصبحت البيروقراطية في الداخلية في خدمة العصابات وليس في خدمة الشعب، إذ إن المواطن هو الخسران من السير في الشكوى بينما يكون المستفيد الأول والأخير هم الجناة الذين يأمنون العقوبة ويأمنون ملاحقة المجني عليه والداخلية.
هذا الإنفلات الأمني أصبحت معالمه واضحة لكل من الجناة والمجني عليهم، لذا لم يعد مستغربا أن نسمع من حولنا بسرقات في وضح النهار كل يوم حتى في شهر رمضان الكريم حيث تتزايد فيه معدل سرقات السيارات عند المساجد وعلى مرأى ومسمع من الجميع، دون أن يأمل أحد من هؤلاء أن تعاد إليه سيارته إلا بالصدفة المحضة أو بعد أن تتمكن العصابة من سرقة مئات السيارات وتهريبها هنا وهناك ودون أن يخشى هؤلاء السرّاق سطوة رجال الداخلية.
وربما لا أدل على الإنفلات الأمني هي القضية التي بات يعاني منها أغلب المواطنين، وهي عصابات محلات الصرافة، فقد أبلغني أحد الأخوة قبل عشر سنوات أنه صرف مبلغا بسيطا عند الصرافين، ولأنه كان وقت الصلاة فقد ركن سيارته عند المسجد ودخل للصلاة وخرج ليجد سيارته قد كسرت وسرق منها المبلغ الذي كان يحتفظ به في صندوق السيارة، وقبل حوالي السنة حدثت نفس الحادثة لمواطن آخر كان قد صرف مبلغا لعلاج ابنه في الخارج، ونزل لثواني من السيارة ليسحب مبلغا من أحد البنوك ليعود ويجد المبلغ مسروقا، وقبل أسبوع حدثت نفس القضية لمواطن اضطرته الظروف لإيقاف سيارته في أحد مواقف المجمعات التي يفترض أن تكون تحت الحراسة، بعد أن صرف مبلغا عند الصرافين ليعود فيجد سيارته مكسورة رغم أن محاولة اللصوص باءت بالفشل لأن المواطن كان قد أخذ معه المبلغ تاركا ظرفا خاليا في السيارة.
الشاهد أنه رغم مرور عشر سنوات على نفس هذه السرقات إلا إننا وحتى هذه اللحظة لم نسمع يوما بأن هناك من قبض على عصابة تتبع المواطنين من محلات الصرافة، بل إن هذا المواطن الذي تعرّض لمحاولة السرقة الأخيرة اضطر للتنقل بين أروقة المخافر من دسمان إلى شويخ الصناعية إلى إدارة مسرح الجريمة مرّات ومرّات حتى حفيت قدماه فقط بسبب إصراره هو على السير قدما في القضية، في حين إنه لم يسمع سوى الدعوات المحبطة من رجال الداخلية تحت مبرر أنه قد سلم بماله من اللصوص فما الداعي لرفع قضية وتجشم عناء المعاملة!!
قيل دائما أن المال السايب يعلّم الحرام، وعلى الرغم من أننا نتوقع أن يكون المواطنون أكثر يقظة من أن يتركوا أموالهم دون رقيب تحت أنظار عيال الحرام، و لكن لا يفترض بالمواطن أن ينقلب إلى مخبر سري وشرطي على حلاله، في حين أن وزارة الداخلية تتهاون في هذه المهمة و تحوّل الأمن إلى لقمة سائغة في أفواه من لا يرتدع بوازع من النفس لا في شهر العبادة ولا في غير شهر العبادة لا عجزا بل تعاجزا وتكاسلا عن أداء الواجب المقدّس، وهو السهر على أمن المواطن وسلامة أهله وماله.
الانفلات الأمني الصارخ الذي نشهده هذه الأيام في الكويت هل سيقيد هو الآخر ضد مجهول؟
تعليقات