مبرة طريق الإيمان تواصل سلسلة محاضرات الأربعاء

مقالات وأخبار أرشيفية

1480 مشاهدات 0


القصة لوناً من ألوان الكلام والأدب يحبها الناس ويقبلون عليها ما لا يقبلون على غيرها ، غير أنه وفي ظل التكنولوجيا والانترنت يتناقل الناس قصصاً لا زمام لها ولا خِطام وهي من قصص الدنيا التي يدخلها من الزيادة والجدل ما يدخلها ، رغم أن القصة ما وجدت إلا لتثبيت الفؤاد ولتكون موعظة وذكرى لمن يعقل ويتدبر( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) ، فالإنسان يأخذ العظة والعبرة من القصة ولا يأخذها للاستئناس   .

في هذه المحاضرة التقى الشيخ حجاج العجمي  جموع الحاضرين في مسجد الشايع بالزهراء في إطار محاضرات رياض الجنة التي تنظمها مبرة طريق الإيمان بالتعاون مع إدارة مساجد حولي ليشرح للحاضرين ما تحمله القصة من مهالك ومسالك ن من مهالك للنار أو مسالك للجنة راوياً بعض القصص التي تناقلها السلف والتي تصب في صالح المؤمن من عظة وعبرة في كل وقت وحين ، والتي كان من بينها قصة رجل ( يا ليته ما تكلم .؟! ) فقد تكلم بكلمة ضيعت عليه دنياه وآخرته وهي قصة من القصص الحق التي رواها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في سنن أبي داوود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كان رجلان من بني إسرائيل متواخيين .. فكان أحدهما مجتهد في العبادة والآخر مصراً على ذنوبه ، فهذا المجتهد في العبادة لا يزال يرى المذنب على ذنبه فيقول له يا فلان أقصر ، فرآه في يوم من الأيام فقال يا فلان أقصر ، فقال هذا المذنب خلني وربي أبعثت على رقيبا ، فقال هذا المجتهد في العبادة والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الجنة ، فقبض الله أرواحهما فبعثهما عنده يوم القيامة ، فقال للمجتهد في العبادة أكنت بي عالماً أو لما في يدي قادراً .. فيؤمر به إلى النار ويؤمر بهذا المصر على ذنوبه فيدخل الجنة برحمة الله ) والفائدة من هذه القصة أن من أعظم المحرمات التقول على الله بغير علم ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ........ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .  
 
و
قد تحدث الشيخ العجمي عن قصة من عجيب القصص ذكرها بن رجب الحنبلي ( أنه كان هناك رجل على جهل فاضح بالدين وعلم قليل يتصدر مجالس الناس ويفتي لهم حتى فحش أمره وبدأ يتقول على الله فأراد أقرانه أن يبينوا للناس عواره فأتوا بأحد العوام وعلموه كلمة ليس لها أصل في لغة العرب وقالوا له اذهب إلى المسجد واطرح الكلمة على الشيخ فذهب الرجل وقال للشيخ ( أصلح الله شيخنا .. ما الخنفشار ..؟ ) فبدأ الشيخ يفكر ثم قال .. الخنفشار نبت يخرج في أرض اليمن .. طيب الرائحة إذا أكلته الإبل عقد لبنها فلا يستساغ شرابه وفي ذلك يقول شاعر اليمن .. لقد عقدت محبتكم فؤادي .. كما عقد الحليب الخنفشار ) ثم قال .. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال له الرجل حسبك كذبت على هؤلاء فلا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفائدة هذه القصة أننا نشهد حالياً العديد من الفضائيات التي تأتي برجال للإفتاء وليس فيهم من العلم بالدين ما يكفي لذا وجب الحذر الشديد من أمثال هؤلاء ، ولعل من جميل القصص أن هناك رجل في الجاهلية يقال له عامر بن أبي الضرب العدواني كان يحكم في مسائل الناس الهامة وعنده رجاحة عقل وطيب أصل فجاءه جمع من الناس ومعهم ذرية لرجل قد توفي وكانت العرب عندها ميراث الرجل أكبر من ميراث الأنثى وكان من بين ذرية الرجل ( خُنثى ) له جهاز الذكر وله جهاز الأنثى فقالوا لعامر بن أبي الضرب لا نعلم أيحكم له بحكم الذكر أم حكم الأنثى ، يقول الراوي فجلس عامر أربعين صباحاً لا يتكلم وكانت له جارية اسمها شخيلة تتجرأ عليه في الكلام فقالت له أن الغنم فنيت ولا يوجد طعام للطبخ وألحت عليه أن يحكي لها قصة سكوته هذه فقال لها القصة فقالت له أحكموا له بمجري البول فإن كان يبول من مجري الذكر كان له ميراث الذكر وإن كان يبول من مجري الأنثى كان له ميراث الأنثى ) والفائدة من هذه القصة أن التفكر في الأمر والتأني وسيلة الفلاح وعدم اللوم من الآخرين فالرجل رغم أنه في الجاهلية فلا عقاب عليه خشي أن يلومه العرب على حكم أخطئ فيه ، كما يذكر أن رجل جاء أبي بكر وهو ما هو في الدين فقال له ( وفاكهة وأبا ) فما الابُ يا خليفة رسول الله فقال أبوبكر لا أعلم فقال الرجل لا تعلم وأنت ما أنت !! فقال أبوبكر أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن تكلمت في دين الله بما لا أعرف .

وقد أرشد الشيخ العجمي إلى وصية النجاة محدثنا عن خطورة الكلمة وقائلاً ( اللسان على حجمه الصغير إما أن يكون عظيم الطاعة أو عظيم المعصية كما جاء في حديث أبي هريرة أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في نار جهنم ) كما قال صلى الله عليه وسلم في النجاة ( إمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكي على خطيئتك ) فذلة اللسان لا تجبر ، فقد ذكر بن كثير أن أحد الخلفاء أتى بمربي لأولاده كعادة الخلفاء قديماً فلما ناهز أبناءه الحلم وكبروا قال لهم المربي في آخر جلساته معهم ( يا أبنائي إن عثرة القدم تجبر أما عثرة اللسان ففيها هلاكك ) ثم ذهب إلى الخليفة ليتقاضى أجره فدخل الولدان على الخليفة في أجمل وأزهى الملابس فقال الخليفة للمربي وهو فخوراً بأبنائه .. أتراهم أفضل من الحسن والحسين ..؟ فقال المربي .. قنبر خادم علي خيراً منك ومن ولديك وقد نسي نصيحته لأبناء الخليفة فأمر الخليفة بجر لسانه حتى مات ، كما أوضح الشيخ العجمي أن أنواع الكلام كما بينها العلماء عديدة ومنها ( كلام لا تُرجى منفعته ولا تُخشى عاقبته ) وهذا ينبغي أن يستغني عنه العبد المؤمن ( وكلام تُرجى منفعته وتُخشى عاقبته ) وهنا يجب أن ينظر العبد المؤمن حسب المصلحة والمفسدة فإذا غلبت المصلحة تكلم وإذا خشي الهلاك سكت ( وكلام لا تُرجى منفعته وتُخشى عاقبته ) وهذا كلام السوء المحض ( وكلام تُرجى منفعته وتؤمن عاقبته ) وهو كلام الخير الذي ينبغي أن يلهج به الإنسان ليلاً ونهاراً  .

وقد أنهى الشيخ العجمي محاضرته بعدة نصائح دينية كان من بينها ( إياك أيها المسلم أن تغتر بطاعتك لله فسيدنا محمد خير البشر فقير إلى تثبيت الله وكان يكثر في سجوده القول ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .. فقالت أم سلمة رضي الله عنها يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب ، قال ما من خلق من بني أدم من بشر إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله يقلبهما كيف يشاء ) فالفضل يعود لله في تثبيت المؤمنين ، كذلك لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ، كما نحمد الله أن جعل مفتاح الجنة بيده وجعل الرحمة عنده فقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله عز وجل خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض فجعل الله منها رحمة واحدة في الأرض فيها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض ) .

يذكر أن محاضرة الأربعاء القادم سوف تستضيف فيها مبرة طريق الإيمان الداعية المصري المعروف فضيلة الشيخ محمد حسان الذي يحل ضيفاً على دولة الكويت بمناسبة احتفالات هلا فبراير التي تنظمها قناة الوطن بالتعاون مع مبرة طريق الإيمان ومشروع درر تحت إشراف فضيلة الشيخ نبيل العوضي .

الآن - فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك