مبرة طريق الإيمان تواصل سلسلة الخلفاء الراشدين

مقالات وأخبار أرشيفية

العوضي: الخليفة 'الصديق' فاق بميزان إيمانه إيمان هذه الأمة إلى يوم القيامة

2589 مشاهدات 0


إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، رجالاً تسوروا الصعاب وطووا البوادي ونازلوا المستحيل فصَدَقوا وصدقوا  فكان الله معهم في السراء والضراء شملاً بالرعاية ولطفاً بالقدر حتى تتالت ذكراهم عبر السنين والعصور مخلدين في صفحات البشرية ومُبشَرين برضى رب العالمين ، إنهم صحابة رسول الله عليه السلام وعليهم السلام.

الأواه العتيق:

في هذه المحاضرة التقى الشيخ نبيل العوضي جموع الحاضرين في مسجد الشايع بالزهراء في إطار محاضرات رياض الجنة التي تنظمها مبرة طريق الإيمان بالتعاون مع إدارة مساجد حولي ليبدأ معهم سلسلة من المحاضرات الدعوية عن الخلفاء الراشدين والتي بدئها بسيدنا عبدالله بن عثمان القرشي التميمي الذي عرف بصفاته فسمي ( أبوبكر الصديق )  فهو الأواه والعتيق والصديق وصاحب النبي قبل البعثة والهجرة وبعد البعثة والهجرة وهو رفيقه في القبر والجنة والذي قال فيه النبي ( لو وضع إيمان الأمة في كفة وإيمان أبي بكر في كفة لرجح إيمان أبي بكر) كما عرف عن  أبي بكر بأنه قد تبرع بكل ماله لنصرة الرسول حتى قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( ما نفعني مال مثلما نفعني مال أبي بكر ) فكان أبي بكر يقول هل أنا ومالي إلا فداك يا رسول الله . 

الفرقة الناجيه:

 بدأ الشيخ نبيل العوضي محاضرته مؤكداً أننا وفي زمن الفتنة الذي نعيشه اليوم زمن الشهوات والشبهات وكثرة أهل البدع والأهواء في حاجة ماسة إلى معرفة ديننا ، أن نعرف هؤلاء الذين تلقوا هذا الدين وحملوه وبلغوه ، أن نعرف خير هذه الأمة وأفضلها ، فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا من هي يا رسول الله .. قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) فقد كان الصديق أبي بكر قريبا من الرسول في العمر فلا يفرقهم سوى سنتان وبضع شهور وقد عرف عنه أنه لم يشرب خمراً قط لا في جاهلية ولا إسلام وذلك لرجاحة عقله وسعة فهمه كما عرف عنه أنه أول هذه الأمة إسلاما فقد اسلم بلا تردد  حتى قال الله عنه في كتابه ( والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المهتدون ) كذلك فهو أول السابقين الأولين ، فقد قال فيه بن تيميه رحمه الله ( يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي .. رزق الهدى من للهداية يسألُ ، إسمع كلام محققاً في قوله .. لا ينثني عنه ولا يتبدلُ ، حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ .. ومودة القربى بها أتوسلُ ، لكنهم قدراً وفضلاً ساطعاً .. لكنما الصديق منهم أفضلُ).

فظاظة عقبة ولين أبي بكر:

وقد أرشد الشيخ العوضي إلى أن العديد من الصحابة من رجال ونساء ومن مبشرين بالجنة قد اهتدوا للإسلام بفضل دعوة أبي بكر لهم ولعل من أشهرهم عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير بن العوام وعبدالرحمن بن عوف وبلال بن رباح والعديد من النساء اللائى أعتقهم لوجه الله بعد أن شراهم من المشركين ، لذا فإن الطعن بهذا الرجل والتشكيك فيه  هو طعناً وتشكيكاً في الإسلام كله ، فقد رأي ذات مرة رجلاً يسمى عقبة وهو يخنق الرسول فدفع أبوبكر عقبة عن الرسول وصاح بالناس ( أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) فانكب الناس يضربون أبي بكر ومعهم عقبة ضرباً مبرحاً حتى سالت دماءه وفقد وعيه وكاد يموت فأقبل بنو تيم ودفعوا عنه الناس وحملوه لدار أمه حتى إذا ما أفاق في المساء قال ( ما فعل رسول الله ، والله لا آكل طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أري رسول الله ، فحُمل إلى دار الأرقم حيث رسول الله والصحابة فلما دخل ووجهه ملئ بالدماء انكب على رسول الله يبكي ويقول كيف أنت يا سول الله   . حتى بكى الصحابة على هذا الحب الشديد الذي يحبه أبي بكر للرسول ، كما كان أبي بكر يجوب الرمضاء يعتق الضعفاء من الرجال والنساء فقد أعتق بلال بن رباح وعامر بن فهيرة حتى أن أباه قال له لو أنك اشتريت رجلاً قوياً ..؟! فقال له أبوبكر يا أبي أنا أفعلها لله ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) .

الهجرة والصحبة:

وقد بين العوضي أن أبوبكر الصديق وفي حادثة الإسراء وجد المشركون يتندرون على قول رسول الله في رحلة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس حتى جاءوا أبوبكر وأخبروه بخبر الإسراء فقال ( إن كان قالها فقد صدق .. إني أصدقه بأكبر من هذا .. أصدقه بخبر السماء يأتيه وهو بيننا ، حتى ازداد الضيق على المؤمنين في مكة وأذن لهم الرسول بالهجرة فكان أبوبكر يلح على الرسول في الهجرة والرسول يدعوه للصبر حتى جاءه أمر السماء بالهجرة فقال له أبوبكر الصحبة يا رسول الله فقال له النبي الصحبة يا أبي بكر فبكى أبا بكر فرحاً بهذا الخبر وبدأ في تجنيد أهله جميعاً لخدمة هذه الهجرة حتى أنه لم يبق لابناءه شيئاً من مال بل سخر كل ماله للهجرة المباركة ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ) ثم خرجا ليلاً ووصلا إلى الغار وبقيا فيه ثلاثة أيام ، كما كان يمشي في الطريق تارة خلف رسول الله وتارة أمامه وتارة عن يمينه وتارة عن يساره وذلك تحسباً لأي خطر يلحق بالرسول فيكون أبا بكر فداءاً له من هذا الخطر  .

وجبت له الجنه:

وقد شرح العوضي العديد من المواقف والأحداث التي تدل علي قيمة ومكانة أبي بكر عند رسول الله وفي هذه الأمة والتي من بينها قوله ( حدث ذات مرة خلاف بين أبي بكر وعمر فذهب أبي بكر حتى يعتذر لعمر فلم يسرع عمر لهذا الاعتذار فرجع أبوبكر إلى النبي وهم عمر خلف أبي بكر ليعتذر له فلما وصل أبوبكر للرسول وأخبره الخبر تمعر وجه النبي وغضب فلما رأى أبوبكر ذلك جثى على ركبتيه وقال يا رسول الله أنا كنت أظلم وذلك حتى يهدئ من غضب رسول الله حتى أقبل عمر لكي يعتذر لأبي بكر فرأه النبي وقال ( بعثني الله إليكم فقلتم كذبت وقال أبوبكر صدق وواساني بنفسه وماله .. فهل أنت تاركوا لي صاحبي ) فكيف وأبوبكر بهذه المكانة يجرؤ البعض بالطعن فيه وفي أبنته الطاهرة الصديقة بنت الصديق ؟! ، ومن مكانته كذلك أن النبي استيقظ يوماً يسأل الصحابة ( من أصبح اليوم منكم صائماً يقول أبوبكر أنا يا رسول الله .. من أطعم منكم اليوم مسكيناً ، يقول أبوبكر أنا يا رسول الله .. من تبع منكم اليوم جنازة ، يقول ابوبكر أنا يا رسول الله .. من عاد منكم اليوم مريضاً ، يقول ابوبكر أنا يا رسول الله .. فقال عليه الصلاة والسلام والله ما اجتمعت في مؤمن قط إلا وجبت له الجنة )وكان الرسول يقول للصحابة إن للجنة ثمانية أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الدقة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان .. فقام أبوبكر يسأل يا رسول الله ما على أحدنا من ضرورة إن دُعي من تلك الأبواب فهل يدعى أحد من الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر.

رق الفؤاد وراقت النيه:

وقد ختم العوضي محاضرته عن الصديق بلمحات من رقة قلبه ومواقف من آخر حياته ( ففي ذات مرة رأى أبوبكر طيراً يطير فبكى فقيل له لماذا تبكي فقال ليتني كنت طيراً قالوا ولماذا قال يطير على الشجر ويأكل من الثمر ثم يموت ولا حساب ولا عقاب ، وقد شاهده عمر يوماً يمسك لسانه ويجره ويقول هذا الذي أوردني الموارد كذلك عرف عن أبي بكر أنه لم يتخلف عن الرسول في جميع غزواته بل أن النبي قد أمره على المسلمين في غزوة تبوك وكان النبي يفضله في أن يؤم الناس للصلاة عند غيابه أو مرضه ويعود إليه الناس للمشورة لو لم يجدوا الرسول  وعندما مات صلى الله عليه وآله وسلم لم يقبل الناس من أحد الحديث عن موت رسول الله من هول المصيبة سوى الحديث من أبي بكر كما يعود الفضل لأبي بكر الصديق في حماية هذه الأمة من فتنة المرتدين ومانعي الزكاة ، كما أنه لم يكن راغباً في الخلافة بعد موت النبي بل لزم بيته يبكي لفراق صاحبة حتى ألح عليه صحابة رسول الله في أن يكون أميرهم فقبل الأمر وشهدت فترة حكمة توسعة لبلاد المسلمين وعدلاً وحباً لآل بيت النبوة وهم جذء منه وأحب إليه من آل بيته حتى مات الصديق في يوم الاثنين في نفس عمر رسول الله وفي لحظة موته بكت عائشة وقالت ( لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر ) فقال لها أبوبكر بل قولي يا عائشة ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ثم دفن بجوار حبيبة رسول الله.

الآن – فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك