مبرة طريق الإيمان و ( شراب الحب مع الداعية السعودي )
مقالات وأخبار أرشيفيةيناير 16, 2010, منتصف الليل 2098 مشاهدات 0
روعة الحديث في حضرة التُقى جمعت الحاضرين في مسجد الشايع رجالاً ونساء مع الداعية السعودي فضيلة الشيخ عبدالواحد المغربي في حلقة إيمانية فتُرت فيها الجهالة وانزوت فيها الضلالة وتجلت فيها عظيم الصفات فحُفت بالملائكة وسكنتها السكينة .. محاضرة طيبة الذكر متخمة بقطرات دمع الحاضرين المنسابة من قلوبهم التي تعي وعقولهم التي تتدبر ، محاضرة تحت عنوان ( إنه الله الغفور الرحيم ) جاءت ضمن سلسلة محاضرات رياض الجنة التي تنظمها مبرة طريق الإيمان بالتعاون مع إدارة مساجد حولي .
مُلك لا يساوي شربة ماء
بدأ فضيلة الشيخ المغربي محاضرته بالثناء والحمد على الله الذي أوجد كل نسمة وبراها وخلق كل نفس وسواها فالهمها فجورها وتقواها موضحاً أن كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف ، فقد ذكر الطبراني في تاريخه أن أحد الصالحين دخل على هارون الرشيد فعلم هارون أن ذلك الرجل ما جاء إلا ليأمره وينهاه فقال له هارون الرشيد عظني وكان أمامه كوب من ماء ن فقال الرجل .. يا أمير المؤمنين لو بحثت عن هذا الكوب من الماء فلم تجده فماذا تفعل ؟ قال هارون أضحي بنصف ملكي حتى أجده !! فقال الرجل الصالح فإن شربته واحتبس فيك فلم تستطع أن تخرجه فماذا تفعل ؟ قال هارون أضحي بنصف ملكي الآخر حتى أخرجه !! فقال الرجل الصالح ( إذاً لا تفرح بملك لا يساوي شربة ولا بوله ) من هنا وجب على الإنسان ألا يفرح بمعصية أو جاه أو مال أو منصب بل يجب أن يفرح بصلاة وصيام وزكاة أداها تقرباً إلى من يحب فزادته سعادة وحلاوة في القلب .
شراب الحب
ثم تطرق المغربي إلى تلمس حب الله وإعلائه عن كل حب سواه موضحاً أن شراب الحب فيه الصدق والأدب لرب العالمين فالحب الصادق لله يطهر النفوس من الشهوات والنفاق ( شراب الحب يعرف بالمذاقِ .. وما كل السقاة له بساقِ .. وليس بعاشقٍ من لا تراه .. من الشهوات طهراً والنفاقِ ، أحب الله عن أدبٍ وصدقٍ ولا أرضى سوى التقوى خلاقي .. ومن عرف المحبة عن يقينٍ حرامٌ أن يميل إلى فراقِ .. وكيف أحب غير الله يوماً وليس سواه في الأكوان باقي ) فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ن فالله هو المتفرد بالملك والملكوت والكبرياء والجبروت لم يسبقه سبحانه ابتداء ولم يلحق به فناء ، القلوب له مفضية والسر عنده علانية ، لا تختلف عليه اللغات ولا تلتبس عليه الأصوات فصفات الحبيب ألزمت له الطاعة وهو لا يعذب من يحبه .. فهل يعذب ربنا وهو الغفور الرحيم إنساناً أحبه مع خطئه وجرمه ؟ ! فسبحانك ربنا ما أحلمك على من عصاك وما ألطفك لمن دعاك ( هنيئاً لمن أضحى وأنت حبيبه .. ولو أن لوعات الغرام تذيبه ، وطوبى لصبٍ أن ساكن سرهُ .. ولو بان عنه إلفهُ وقريبه ، ومن تكُ راضاً عنه في طي غيبه .. فما ضره في الناس من يستغيبه ، فيا علة في الصدر أنت شفاؤها .. ويا مرضاً في القلب أنت طبيبه ، عبيدك في باب الرجا متضرعاً .. إذا لم تجبه أنت من ذا يجيبه ، بعيداً عن الأوطان يبكي بذلة .. هل ذاق طعم الذل إلا غريبه ، تصدق على من ضاع منه زمانه .. ولم يدري حتى لاح منه مشيبه ، غدى خاسرا فالعار يكفيه والعنا .. وقد آن من ضوء النهار مغيبه ) .
تقلُب الأجفان
وقد أرشد المغربي عن أعظم الحب مؤكداً أنه ذلك الذي تخلو فيه بالمحب في ظلمة الليل فتدعوه وتناجيه وتنطرح بين يديه فهو يحب دعوة حبيبه فيغفر له سبحانه وتعالى وهو الغفور الرحيم ينزل في الثلث الأخير من الليل ويقول لمن يحب ( هل من داع فأستجيب له .. هل من مستغفر فأغفر له ) فأين المحبون لربهم هناك إلا حبيباً خلى بحبيبه في ظلمة الليل ن فالله سبحانه ليس له ند ولا نظير وهو المستغني عن الوزير والمشير أحاط بكل شئ رحمة وعلم ، يعلم مقدار كيل البحار وعدد قطر الأمطار ومثاقيل الذر والأحجار .. لا تواري منه سماءٌ سماء ولا بحر ما في قعره ولا جبل ما في وعره .. كيف لا و ( هو البصير يرى دبيب النملة السوداء تحت الصخر والصوانِ .. ويرى مجاري القوت في أعضائها ويرى بياض عروقها بعيانِ .. ويرى خيانات العيون بلحظها ويرى كذاك تقلب الأجفانِ .. وهو العليم أحاط علماً بالذي في الكون من سراً ومن إعلانِ ) إن هذا الوصف يعظم الله العلي العظيم فهو غفور لا يعجل بالعقوبة يمهل الناس وينعم عليهم ويرزقهم ويغفر ذنوبهم فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الأرض لما فيها من إشراك بهو ولما ترك على ظهرها من دابة فله الحمد فيما نقول وخيراً مما نقول وله الحمد حتى يرضي .
عجيب صنع الله
وقد بين الداعية السعودي أن الله يُعبد فيشكر .. ويُعصى فيغفر .. لا يهتك الستر ويجيب المضطر ، ينصر دعوة المظلوم ويجبر كسر المكلوم .. العفو أحب إليه من العقوبة والرحمة أقرب عنده من العذاب ، والحسنة بعشر حسنات ويتوب على من تاب فـ ( هو الحيي فليس يفضح عبده .. عند التجاهر منه بالعصيان ، لكنه يلقي عليه ستره .. فهو الستير وصاحب الغفران ، وهو الحكيم فلا يعاجل عبده بعقوبة ليتوب من عصيان ، وهو الصبور على أذى أعدائه .. شتموه بل نسبوه للبهتان ، قالوا له ولد وليس يعيدنا شتماً وتكذيباً من الإنسان ، هذا وذاك بسمعه وبعلمه لو شاء عاجلهم بكل هوان ، لكن يعافيهم ويرزقهم وهم يؤذونه بالشرك والكفران ) فتأمل عجيب صنع الله فيك فقد أوجدك من العم وقلبك في صلب أجدادك وآبائك من صلب إلى صلب حتى خرجت ماءاً مهينا واستودعك في رحم أمك علقة بمشيمة ثم مضغة ثم سواك عظاماً فكسى العظام لحماً وجعل لك السمع والبصر والفؤاد فخرجت للدنيا في أحسن صورة ولكنك خرجت خصيماً مبيناً تجادل في ربك بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، أنظر إلى عقلك وقد فكرت في معصيته فهل فجعك في عقلك !! قد نظرت فيما حرم عليك فهل خطف منك بصرك !! قد سمعت ما نهاك عنه فهل ثقل منك سمعك !! قد مشيت إلى ما حرم عليك فهل عطل منك جارحة ، فلا إله إلا الله ما أحلمه على من عصاه وما أكرمه على من جحده وما ألطفه لمن عارض أمره .
نبأ عظيم
وقد شرح الداعية السعودي حال البشر وحال الملائكة عند الله قائلاً .. قال الله في الحديث القدسي ( أنا وعبادي في نبأ عظيم .. أخلق فيُعبد غيري .. ارزق فيشكر سواي .. خيري إليهم نازل وشرهم إلي صاعد ) سبحان الله فهو لم يخلق الخلق ليتقوى بهم من ضعف ولا ليستكثر بهم من قلة فهو الغني وجميع خلقه إليه فقراء ( يا عبادي إنكم لم تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني ) فلينظر الإنسان من ينقذه من همومه ومن يجبر مصابه .. يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم أطت السماء وحق لها أن تئط .. ما من موضع شبر إلا وملك قائم أو ساجد ولله ملك عنقه ملوية تحت العرش وقدامه في الأرض السفلى يقول سبحانك سبحانك ما عبدتك حق عبادتك .. ولله ملك ساجد منذ أن خلقه الله لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة رفع رأسه فيقول سبحانك سبحانك ما عبدتك حق عبادتك ) إنهم المحبون لربهم ملائكة الله لا يعصونه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، فسبحان الله كل يوم هو في شأن فهو يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويشفي سقيماً ويغني فقيراً ويعلم جاهلاً ويهدي ضالاً ويرشد حيراناً ويغيث لهفاناً ويشبع جائعاً ويشفي مريضاً ويعافي مبتلى وينصر مظلوماً ويقصم جباراً .
سقيتكم بالذي منعتكم
وقد اختتم الشيخ المغربي محاضرته بالحديث عن عظم التوبة مهما كان عظم الذنب ذلك أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قائلاً ( إنه لحق بني إسرائيل قحط على عهد موسى عليه السلام فخرجوا إلى الصحراء وهم سبعون ألف أو يزيدون فقال موسى عليه السلام .. إلهي اسقنا غيثك وأنشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والشيوخ الركع .. فما زادت السماء إلا تقشعا وما زادت الشمس إلا حرارة .. فنادى الرب موسى وهو كليمه .. يا موسى إن فيكم عبد يبارزني بالمعاصي أربعون سنة فبشؤمه منعتكم القطر من السماء فمره أن يخرج من بين أظهركم فبه مُنعتم ، فقال موسى يا رب عبد ضعيف وصوتي ضعيف لا يبلغ السبعون ألفا ن فقال الله يا موسى منك النداء وعلينا البلاغ ، فنادى موسى في قومه يأيها العبد الذي بارز ربه بالمعاصي أربعون سنة اخرج من بين أظهرنا فبشؤمك منعنا القطر من السماء ، فلم يخرج أحد .. فألتفت ذاك الرجل وظن أنه هو المطلوب فخاف الفضيحة ونوى التوبة ثم أدخل وجهه في ثوبيه وقال يا رب عصيتك أربعون سنة فأمهلتني وها أنا تائب غليك فاقبلني .. فأقبلت سحابة فأمطرت كأفواه القرب وسقى القوم فنادى موسى ربه وقال يا رب سقيتنا ولم يخرج من بيننا أحد فقال يا موسى سقيتكم بالذي منعتكم به ن قال موسى يا رب أرني ذلك العبد الطائع أنظر إليه ن فقال الرب يا موسى عصاني أربعون عاماً فلم أفضحه .. افافضحه وهو يطيعني ) فربنا غفور رحيم لا يرضي لعباده الكفر ( أسير الخطايا عند بابك يقرع .. يخاف ويرجو الفضل فالفضل أوسع .. مقراً بأثقال الذنوب ومكثراً .. ويرجوك في غفرانها فهو يطمع ، ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي .. وأنت إله الخلق ما شئت تصنع ) .
تعليقات