فالح المطيري يٌبدي استغرابه من غرفة التجارة 'المختصة بالاقتصاد' تلبس ثوباً أقصر منها وتتدين؛ وجمعية إحياء التراث 'المختصة بجمع الصدقات وتوزيعها'، تسبل ثوبها لما تحت الكعبين وتتسيس.

زاوية الكتاب

كتب 1165 مشاهدات 0


غرفة التجارة والنص القرآني!
فالح ماجد المطيري

 
كنت أتمنى من غرفة التجارة وأعضائها الكرام أن تلهب ظهر الحكومة ببيان يحثها على سرعة إنجاز حزمة من القوانين الاقتصادية والتنموية المعطلة منذ سنوات وقد علاها غبار الإهمال والنسيان!

بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع غرفة تجارة وصناعة الكويت وأعضائها الكرام، بشأن شراء فوائد مديونيات المواطنين، إلا أنها تبقى إحدى أهم الجهات التي يجب أن يحترم رأيها حول هذه القضية بحكم التخصص الذي يمارسه أعضاؤها، وتبقى مسألتا الاتفاق أو الاختلاف حول القانون محكومتين بالأطر الاقتصادية التي يجب ألا يخرجا عنها؛ من حيث مواءمته وملاءمته للحالة المالية للدولة وقواعد علم الاقتصاد.

فمن حق الغرفة أن نحترم رأيها لو أنها أصدرت بياناً تبين فيه الآثار الاقتصادية السلبية لإقرار هذا القانون من حيث زيادته لنسبة التضخم وانخفاض القيمة الشرائية للدينار؛ وانتشار سياسة الاستهلاك السلبي لدى المواطنين واتكاليتهم على الحكومة في جميع مناحي حياتهم.

ومن حق غرفة التجارة أن تهتز جدرانها خوفاً على النظام المصرفي في حال إقرار هذا القانون، فهم أهل اختصاص في المجال ووجهة نظرهم يجب أن تحترم.

لكن أن تصدر الغرفة بياناً تلجأ فيه إلى النص القرآني 'مع شديد احترامي وتقديسي له'، فقد خرجت من مجالها ودخلت مجالاً آخر سيفتح الباب لنقاش بعيد عن الاقتصاد وقواعده، وسيقول قائل: لماذا لا تصدر الغرفة بياناً تطالب فيه بتطبيق الزكاة على الشركات والمؤسسات العاملة في الكويت؟ كما ورد في النص القرآني وصحيح الحديث!

وسيقول آخر إن بيان الغرفة المستند إلى 'النص القرآني' يتوافق تماماً مع 'روح' قانون شراء الفوائد، فهذا القانون يطالب بإسقاط 'الفوائد الربوية' على قروض المواطنين! المحرَّمة 'بالنص القرآني' أيضاً.

كنت أتمنى من غرفة التجارة وأعضائها الكرام أن تلهب ظهر الحكومة ببيان يحثها على سرعة إنجاز حزمة من القوانين الاقتصادية والتنموية المعطلة منذ سنوات، وقد علاها غبار الإهمال والنسيان!

كنت أتوقع من الغرفة أن تصدر بياناً تنعش فيه ذاكرة الحكومة حول الفوائض المتراكمة منذ سنوات بلا أي فائدة، التي تتعامل معها بسلوك العجوز البخيل الذي يدفن أمواله تحت 'البلاطة' بينما أبناؤه يتسولون الجيران.

مشكلتنا أننا نسينا، أو تناسينا في خضم صراع المصالح المحتدم بين الكتل والتجمعات، أننا في دولة مدنية تحكم بالدستور والقانون، فأصبح اللجوء إلى خلط الأوراق ومزج الدين بالسياسة ديدن الجميع، فغرفة التجارة 'المختصة بالاقتصاد' تلبس ثوباً أقصر منها وتتدين؛ وجمعية إحياء التراث 'المختصة بجمع الصدقات وتوزيعها'، تسبل ثوبها لما تحت الكعبين وتتسيس.

***

بعد عبور سمو رئيس الحكومة لمنصة الاستجواب 'بأغلبية ساحقة'، طالب سموه 'الأقلية' باحترام رأى الأغلبية، فهل سيحترم سمو الرئيس رأي 'الأغلبية' التي وافقت على قانون شراء المديونيات وتوافق حكومته عليه، علماً أن عدداً كبيراً منهم قد صوَّت لمصلحة سموه؟

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك