أحمد باقر يسرد 15 عيبا شرعيا ودستوريا قبل المداولة الثانية لفوائد القروض
زاوية الكتابكتب يناير 4, 2010, منتصف الليل 1699 مشاهدات 0
العيوب الشرعية والدستورية قبل المداولة الثانية
الاثنين, 4 يناير 2010
أحمد يعقوب باقر
يقوم المشروع الذي صوت عليه المجلس في المداولة الأولى على فكرة في منتهى الخطورة، وهي أن تقوم البنوك وشركات الاستثمار الدائنة بإلغاء الفوائد المستقبلية فقط على المدينين نظير ما تم ايداعه من أموال نقدية من قبل المؤسسات الحكومية دون أن يحدد المشروع مبلغ هذه الأموال وفي أي تاريخ أودعت وإلى متى سيستمر الإيداع، علما بأن فترة سداد المدينين لأرصدة ديونهم دون الفوائد «والأرباح بالنسبة للبنوك الإسلامية» تتراوح بين 10 و15 سنة وفقاً للمشروع.
وخطورة هذه الفكرة تتبين إذا ما علمنا أن حجم الأموال المودعة حالياً يصل إلى 9 مليارات دينار وهي أموال عامة وتجميدها لمدة 10 إلى 15 سنة دون تحقيق أي عائد منها هو مخالفة لدور النائب الذي أقسم على الحفاظ على الأموال العامة.
وتجميد الأموال وعدم تنميتها طوال هذه المدة من أجل دفع فوائد وأرباح القروض عن كل المقترضين المعسر والقادر، ومن اقترض قرضاً بسيطاً بعشرات الدنانير مع من اقترض 70 ألف دينار هو الهدر وليس الحفظ. أما من سدد أو لم يقترض فلن يستفيد شيئاً، وكذلك لن تستغل هذه الأموال في المشاريع أو المصالح العامة للشعب طيلة هذه المدة.
وهذه وباختصار شديد أهم المآخذ على المشروع:
-1 انه أخل بميزان العدالة حيث إنه كرس مليارات الدنانير من المال العام لخدمة فئة المقترضين وحدهم الذين يبلغون 270 ألفاً بينما يوجد حوالي 200 ألف مواطن من أرباب الأسر غير المقترضين وبعضهم أشد حاجة وأضعف دخلاً من المقترضين ولم تسمح لهم البنوك بالاقتراض، فهؤلاء لم يلتفت لهم القانون بل ويأخذ مالهم باعتبارهم من ملاك المال العام لخدمة من اقترض فقط وفي هذا عقوبة لكل من لم يقترض أو اقترض وسدد لسنوات.
-2 انه فرط في المال العام حيث إنه لم يستخدمه لعلاج المعسرين فقط كما تدل أحكام الشريعة وانما استخدمه لدفع فوائد وأرباح كل المقترضين حتى من ليس لديه أي صعوبة في دفع الأقساط الشهرية منهم مثل أصحاب الرواتب المرتفعة والموسرين القادرين وأصحاب الأقساط اليسيرة.
وإذا كانت الفائدة المركبة هي أحد الأسباب المعلنة التي أطلقها النواب لتسويق مشروعهم فإن أكثر من نصف القروض ليس فيها فوائد لأنها أخذت بأرباح ثابتة متفق عليها مع البنوك الإسلامية أو بفوائد ثابتة من البنوك التقليدية.
ولكن المشروع ساوى بين الربا المتفق عليه والربا المركب والأرباح الإسلامية فاسقطها جميعاً دون تمييز كما ساوى بين القادر والمعسر بلا مبرر.
-3 لم يتطرق المشروع إلى خسارة المال العام بتجميد 9 مليارات دينار لسنوات طويلة.
والجدير بالذكر أن معدل الربح أو الفائدة طيلة السنوات العشر الماضية كان يتراوح بين ٪3.6 إلى ٪6.4 وأحياناً بالنسبة لودائع بعض المؤسسات الإسلامية مثل هيئة القصر كان يصل إلى ٪8 وبذلك ستكون الخسارة الإجمالية من 4 إلى 6 مليارات دينار تمثل دخلاً مفقوداً للمال العام كان يمكن أن يستغل للمصالح العامة.
-4 ابقى المشروع على الفوائد الماضية وأسقط الفوائد المستقبلية على القروض بحجة أنها أي الماضية استحقت دستورياً، والصحيح أنه حتى الفوائد المستقبلية استحقت دستورياً بعقود صحيحة قانوناً ولا يمكن إسقاطها إلا بتعويض عادل «مادة 18 من الدستور»، وقد تم بحث هذه المسألة بالتفصيل أثناء صياغة قانون الـB.O.T في اللجنة المالية حيث بين خبراء المجلس والحكومة وديوان المحاسبة انه لا يجوز دستورياً إلغاء العقود التي تمت في السابق بقانون لاحق إلا بتعويض عادل، وبالتالي فإن البنوك تستطيع اللجوء إلى القضاء إذا لم تحصل على فوائدها كاملة من تلك الايداعات الحكومية.
-5 لم يتطرق المشروع لمن تم اصلاح أوضاعهم بالإجراءات التصحيحية التي قام بها البنك المركزي والتي تم فيها إعادة 83 مليون دينار من البنوك إلى المقترضين.
-6 المضحك أن القانون في مادته الثانية ألزم البنوك الربوية بالإسقاط ولكنه جعله جوازياً للبنوك وشركات الاستثمار الإسلامية، لأن أرباح البنوك الإسلامية هي ملك للمودعين والمساهمين شرعاً ولا يجوز إلزامهم بإسقاطها لذلك فإن المشروع يكافئ من تعامل مع البنوك التقليدية ويعاقب من تعامل مع البنوك الإسلامية.
-7 أفتى جمع من الفقهاء أنه لا يجوز دفع الفائدة من المال العام والواجب اسقاطها من دفاتر البنوك وإذا لم يمكن فإن أولى الناس بتحمل كلفتها هو من تعاقد ورضي بها.
-8 نقل الدكتور عصام العنزي الاستاذ بكلية الشريعة فتوى مجمع الفقه الإسلامي أنه إذا اضطرت الدولة للإيداع في البنوك الربوية فإنه لا يجوز لها أن تترك الفائدة للبنك يستفيد منها وانه يجب عليها أن تصرفها في عموم مصالح المسلمين.
-9 إن الإخلال بتلك المعايير السابقة هو إخلال بميزان الشريعة كما بينه الفقهاء دكتور عجيل النشمي ود. أحمد الكردي ود. محمد الطبطبائي ود.عصام العنزي ود. سليمان معرفي فعلى النواب الرجوع والتمعن في فتاواهم المنشورة.
-10 رغبة في تجميل المشروع نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية على أن يقوم البنك المركزي بمواءمة الايداعات مع الشريعة ولما كانت اكثر من نصف الايداعات في بنوك تقليدية ومختلطة بالأموال والمعاملات الربوية فإن هذه المواءمة غير ممكنة فعلياً، ولذلك نص قانون البنوك الإسلامية على ضرورة فصل الأموال والمعاملات الشرعية عن الربوية وأوجب إنشاء لجنة شرعية مستقلة للأموال والمعاملات الإسلامية.
-11 نصت الفقرة 3 من المادة الثانية على أن يقوم البنك المركزي بتعويض المؤسسات الحكومية المودعة عن الدخل المفقود، وفي هذا دليل على أن المال العام سيتكبد خسارة وهو محرم شرعاً والدليل أيضاً على أن المال العام سيدفع الفائدة وهو محرم شرعاً أيضا كما انه ليس من اختصاص البنك المركزي تعويض المؤسسات العامة عن أرباحها المفقودة، كما نصت المادة 11 من المشروع على أخذ الأموال اللازمة لتنفيذ القانون من الاحتياطي العام للدولة وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من التضحية بالمال العام لدفع فوائد القروض ودون مبرر.
-12 رغبة من الإخوة النواب في تجميل الوجه القبيح للمشروع أضافوا مادة تمنع البنوك من الاقتراض بفائدة في المستقبل «م 9»، وليس هذا القانون هو الموضع المناسب لهذا الاجراء المهم إذ إن مكان هذا التعديل هو قانون البنوك وقانون التجارة لو كانوا جادين، ومعروف أن قانون البنك المركزي يتطرق بالتفصيل لهذا الموضوع وهو مكون من 100 مادة في عشرة اجزاء أما وضع مادة مخالفة في قانون آخر من شأنها أن تنسف كل أو معظم مواد قانون متكامل فهو عيب تشريعي واضح، وكان يجب أن تدرج التعديلات في قانون المركزي وقانون التجارة بعد دراسة متأنية وتعديلات مناسبة على عدد من المواد حتى لا تحدث فوضى تشريعية.
-13 من العيوب الأخرى في المشروع أنه لم يتطرق إلى كيفية اسقاط الفوائد في شركات الاستثمار حيث إن قانونها لا يسمح لها بأخذ الودائع، كما أن المشروع تجاهل حقيقة أن ما تم ايداعه من أموال نقدية يختلف من بنك إلى آخر وليس هناك تناسب بين حجم الايداعات وحجم القروض فقد يكون الايداع في البنك «أ» أكثر بكثير من الايداع في البنك «ب» بينما قروض البنك «أ» أقل بكثير من قروض البنك «ب».
-14 أن القانون إذا صدر فإنه سيفتح الباب في المستقبل لإدخال فئات جديدة من المقترضين فكلها تم تغير تاريخ الاستفادة من القانون للقروض التي تمت قبل 1/ 4/ 2008 وهو التاريخ الصحيح لأن فيه تم العمل بالتعليمات الجديدة التي اصدرها البنك المركزي، دون مبرر إلى تاريخ 30/ 9/ 2009 تم تغيير التاريخ مرة اخرى في جلسة المداولة الأولى 23/ 12/ 2009 إلى تاريخ 14/ 12/ 2009 فإنه سيتغير في المستقبل مرات ومرات من اجل ادخال فئات جديدة من المقترضين على حساب المال العام وستكون حجتهم قوية إذ انهم سيقولون إن هناك سابقة تم فيها دفع الفوائد عن غير المعسرين والعدالة تقتضي معاملة من سيقترض في المستقبل بنفس الاسلوب وسيكتفي في المرات القادمة بتعديل التاريخ فقط ليشمل الدفعات القادمة.
-15 من مساوئ المشروع انه الغى القانون رقم 28 لسنة 2008 وهو قانون صندوق المتعثرين الذي حصر المساعدة من المال العام بمن يثبت إعساره وذلك بقرض حسن تخفض به مديونيته ثم يقوم هو بسداد القرض الحسن بدون فوائد بعد أن يسدد مديونيته للبنوك، ولا يوجد في هذا القانون أي عيوب شرعية لأن مثله كمثل بيت الزكاة، كما انه قليل الكلفة على المال العام وغير قابل للتكرار ولا يشجع على الاقتراض وليس فيه اخلال بمبدأ العدالة لأنه محصور بالمعسرين فقط.
هذه ملاحظات شرعية ودستورية ومالية أرجو أن يتأملها الإخوة النواب وهم يوقعون عن رب العالمين.
تعليقات