القاعدة البحرية الصينية في خليج عدن

عربي و دولي

6938 مشاهدات 0

مجموعة من الطيارات الصينيات

في يوليو 1405 انطلق أسطول القائد الصيني المسلم  تشنغ هي  Zheng He الضخم وبه 27 ألف رجل من ميناء ليوجيا بمحافظة تايتسانغ. وفي خريف 1407 م عاد   تشنغ هي  Zheng He ومعه مبعوثون من جاوا وغيرها لتقديم احترامهم لإمبراطور أسرة مينغ وعشرات السفن محملة بالمنتجات النفيسة من الدول الأجنبية التي وصلها تشنغ هي  Zheng He عن طريق التبادل التجاري، فانجز رحلته البحرية الأولى. لكن الطبيعة السلمية لهذه الرحلات تحولت الى غزوات بحرية بكل ما في الكلمة من معنى ، ولعل اشد من عانى من تلك الغزوات الصينية هم أهل سيلان وأهل هرمز ، فقد تم قتل وأسر  معظم افرادالاسرة الحاكمة في سيلان بينما سيطر الصينيون على التجارة في هرمز . وفي النصف الثاني من عام 1405 م قام تشنغ هي  Zheng He برحلته البحرية الثانية على خط مشابه لخط رحلته الأولى، لمدة سنتين. ثم قام بالثالثة والرابعة . و في مايو 1417م قام  تشنغ هي  Zheng He برحلته الخامسة، وكانت مهمته الرئيسية وصول أسطوله إلى اقصى جنوب ساحل أفريقيا الشرقي. وفي رحلته البحرية السادسة وصل أسطوله إلى ميناء ممباسي بغينيا والصومال.

لقد اعتقدنا أن زمن رحلات الصينيين البحرية السبع قد ولى بغير رجعة ،فليس لدى الصين في الوقت الراهن قواعد بحرية، برية، او جوية في الخارج ، لكن هذا الواقع على وشك ان يتبدل، وأين ؟ على اطراف الجزيرة العربية أخصب أرض لزراعة القواعد الاجنبية منذ ستمائة عام .فقد طرح ألاميرال الصيني ين زو  Yin Zhuo قبل أيام  فكرة تأسيس بلاده لقاعدة بحرية في خليج عدن لتقوم بدعم عمليات قطع البحرية الصينية. وكما كانت الحرب على الارهاب ذريعة للولايات المتحدة بزرع قواعدها حولنا ، وكما كانت مغامرات ايران في مشاريعها النووية ذريعة للفرنسيين لزراعة قواعدهم أيضا، فقد أتخذ الصينيون  تعقب القراصنة الصوماليين كذريعة لزراعة شوكتهم في خاصرتنا قرب باب المندب .

               
صحيح ان من أهم ادوار اية قوة بحرية في العالم هو حماية اقتصاد بلادها محليا وفي اعالي البحار، وصحيح أن قطع البحرية الصينية موجودة في المنطقة منذ اكثر من سنة في مياه خليج عدن لحماية  سفنها التجارية ، لكن مبررات الصينيين للتواجد غير مقبولة أو مرحب بها ، لأن ذلك يفتح الباب أمام دول اخرى لانشاء قواعد بحرية لها في تلك المنطقة،فمالذي يمنع اسرائيل من إقامة قاعدة في ميناء مصوع الاريتيري  الصديق لها لحماية تجارتها البحرية. بل إن التقرب الصيني قد يكرس نظرية الفراغ الامني التي تطاردنا منذ عقود في شرق ارضنا ومغاربها . ويدعم أيضا  دعوات تدويل أمن المنطقة .ومع تدهور الاوضاع في الجمهورية العربية اليمنية يصبح موقفها التفاوضي مع هذه الدول أقل قوة مما يجعلها عرضة للابتزاز  نتيجة أدارة ظهورنا لها اقتصاديا وسياسيا .

سوف يكون التقرب الصيني كسابقه من اساليب التغلغل الاجنبي ، حيث تكون البداية في الحصول على تسهيلات وخدمات من قواعد يمنية او ارتيرية او صومالية  قائمة  كتوفير الغذاء والماء والوقود واصلاح السفن ثم ثكنات لمبيت وترفيه البحارة ، يعقبها تشويه لطبيعة الالتزامات التي  تم الاتفاق عليها ، حيث يبدأ  توسع في نفس القاعدة مدفوع القيمة من قبل الضيف للمضيف ، ليتحول نصف القاعدة اليمنية الى صينية كما جرى في السيلية والبحرين وابوظبي ومصيرة  والظهران وعريفجان .

ولعل من المؤشرات المثيرة لقلق الباحثين، التوسع العسكري الصيني الذي وثقته مؤخرا صحيفة الشعب الصينية في عددها  الصادر في 31 ديسمبر 2009م   تحت عنوان'  7 مسائل حول تطور الجيش الصيني في عام 2010 ' والذي شمل صنع سفينة حربية كبيرة جدا ، هي بلا شك حاملة طائرات صينية .كما كشف مسؤول من القوات الجوية الصينية أن الصين بدأت في صنع طائرة مقاتلة من الجيل الرابع. وأكد نائب قائد القوة الجوية الصينية أنه من المحتمل أن تقوم طائرة مقاتلة صينية من الجيل الرابع بالرحلة الاولى في المستقبل القريب. ويعتبر نقص القدرة على النقل الجوي عائق لتطور القوات الجوية الصينية منذ وقت طويل لكن الشركة الصينية للصناعة الجوية أعلنت في يوم 5  نوفمبر الماضي أنها تقوم بصنع طائرة نقل عسكرية ضخمة.  من جانب آخر قام الجيش الصيني بالعديد من التدريبات والمناورات العسكرية في عام 2009م حيث سجل بذلك أرقام قياسية في تاريخه مثل أول تدريبات معركة مشتركة على مستوى منطقة الحرب وأكبر مناورة اختبارية عابر مناطق الحرب وأكبر مناورة عسكرية لقوات محمولة جوا . وقد أحرز الجيش الصيني تقدما ملحوظا في التبادلات العسكرية مع مختلف الدول عام 2009م. وأشار البيان المشترك بين الجيش الصيني وقوات الدفاع الذاتي اليابانية الذي صدر في نوفمبر الماضي الى أن الصين سيبدأ تبادلات عسكرية مع اليابان ابتداءا من عام 2010م. والى جانبه، سوف يقوم الجيش الصيني بمناورة عسكرية مشتركة مع تايلاند للمرة الأولى ومناورة مشتركة مع أعضاء منظمة شانغهاى للتعاون. وفي مجال القوى البشرية قام الجيش الصيني  بتجنيد أكثر من 100 ألف خريج الجامعات في نهاية 2009م. ويقوم هؤلاء الجنود الجدد برفع قدرات جنود الجيش الصيني. ولمواكبة خروجها من سور الصين العظيم ولمواكبة متطلبات التعاملات الدولية في عصر العولمة  فقد بدأت الصين للتسويق  لشفافية عسكريتها حيث وضحت الصحيفة كيف شهدت شفافية الجيش الصيني زيادة ملحوظة عام 2009م لا سيما بعد افتتاح موقع الكترونية لوزارة الدفاع الصينية، حيث يحصل الجمهور ووسائل الاعلام  كما تقول على المعلومات المختلفة عن الجيش الصيني بسهولة.  ولمزيد من الشفافية سوف تنشر مجلة 'الجيش الصيني' في السنة القادمة نسخة فرنسية وعربية وروسية واسبانية بالاضافة الى النسخة الانجليزية القائمة حاليا. مما يدل على انفتاح الجيش الصيني.

 في بداية عام 1431م، أمر الإمبراطور شيوان تسونغ بأن يقوم  الاميرال الصيني المسلم تشنغ هي  Zheng He بالرحلة البحرية السابعة التي استغرقت أكثر من 3 سنوات، زار ألاسطول خلالها  20 بلدا، وبعث من معه من المسلمين الصينيين من جزيرة هرمز لأدء فريضة الحج في مكة المكرمة.لكن ذلك لم يمنع من أن يسيطروا على تجارة مدينة هرمز العربية في مدخل الخليج العربي سيطرة تامة ، ليس من خلال رخص اسعار بضائعهم بل  من خلال اجبار حكامها على رفع الجمارك قسرا عن البضائع الصينية ، حيث رابط اسطولهم الضخم في ميناء الجزيرة لمدة عامين كاملين .

 

د.ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك