محمد الخالدي يرفض الدفاع عن السخافات باسم الحرية والإبداع
زاوية الكتابكتب سبتمبر 22, 2007, 11:39 ص 703 مشاهدات 0
لن نتحدث عن المستوى الفني الهابط لكثير من الأعمال التي تعرض على شاشات التلفزيون منذ فترة ليست بالقصيرة، فهو أمر بات معلوما لدى الجميع، كما لن نتحدث عن الدور السلبي لكثير من مؤسسات المجتمع المدني المعــنية بالارتقاء بالذوق العام والمحافــظة على القــيم الأخلاقية من هذا الانحلال، فقد وصلت الأمور حد الضجر غير أننا نتحدث عن الصورة المشــوهة للمجــتمع الكويتي التي يتنافس على تشويهها أكثر فأكثر من يعتبرون أنفسهم «فنانين» ومنهم مع الأســف كويتــيون يفترض أن تكون رسالتهم الدفـــاع عن الكــويت وإبــراز الجوانب المشرقة فيها بدلا من هذا الابتذال والمبالغة في تشويه صورة المجتمع. وأخاطب كل من يحمل في قلبه شيئا من الغيرة على هذا الوطن ويهمه ألا ينظر إلينا الآخرون بوصفنا مجتمعا منحلا لا يفكر إلا في الغرائز البهيمية كما يصوره كثير من تلك الأعمال الهابطة.
لا أشك للحظة في إفلاس كثير ممن التصقوا بعالم الفن من أي إبداع أو مضمون حقيقي، ولا أشك أيضا في أن ما يحرك هذه الفئة المفلسة فنيا وأخلاقيا ليس الفن بقدر ما هو المال، ولذلك فهي فئة لا يهمها أي شيء آخر: لا صورة المجتمع ولا قيمه ولا حتى الدين، ولا تتورع عن تقديم أي شيء مهما وصل من الدناءة والفساد والكذب مادام في النهاية يعود عليهم بالمال. ولكنني أستغرب من قادة المجتمع وأهل الفكر ورجال الدين والسياسة، فأين هم من كل هذا الإسفاف والتشويه؟ وأين هم من ممارسة دورهم الحقيقي في التصدي لمثل هذه الظواهر المشينة والتي تسيء للكويت وللمجتمع الكويتي؟ فهل هذه هي الكويت حقا وهل هذا الذي تظهره بعض المسلسلات الهابطة هو المجتمع الكويتي فعلا؟
لا نقول اننا مجتمع ملائكي ليس لديه أخطاء وعيوب، فكــل المجتمعات البشرية في كل مكان وزمان لديها أخطاؤها وعيوبها، والمجتمع الكويتي ليس استثناء، ولكن المبالغة في تعميم هذه الأخطاء ووصف المجتمع كله بها وغض النظر عما في المجتمع من ظواهر خير ومحبة وأصالة وحسن خلق وأعمال خيرية لا تعد ولا تحصى، كل ذلك يثير العديد من علامات الاستفهام والاستياء أيضا، أم أن «الفن» مقصور على سلوكيات فردية لدى بعض الشواذ والمنحرفين؟ لدينا تاريخ مليء بما يدعو للفخر والاعتزاز، ولدينا شخصيات سطرت أروع نماذج البطولات والتضحية، ولدينا رجال فكر وأعلام تربية ودين وسياسة، لماذا لا نرى مسلسلات تلفزيونية تبرز هذه الأعمال وتلك الشخصيات الكريمة، لماذا لا نرى إلا تجار مخدرات وشبابا منحرفين وبنات بغايا على هذه الشاشة الصغيرة؟
أما مــن يدافــع عن تــلك السخافات التي تفرض علينا فرضا بحجة الدفاع عن «الفن» والحرية الشخصية و«الإبداع» والاسطوانة المشروخة ذاتها فله نقول إن الفن رسالة إنسانية راقية متى ما عجزت عن الارتقاء بالذوق العام والحس الأخلاقي الراقي فإنه لا يكون حينها أكثر من وسيلة للتكسب لا تختلف بأي حال من الأحوال عن التكسب من الدعارة والمخدرات.
وقفة مع الذات، ووقفة مع هذه السخافات هما ما نحتاجه فعلا من نواب الأمة ومسئولي الحكومة وخاصة من وزارة الإعلام المؤتمنة على قيم المجتمع الأصيلة، فإما أن يمارس كل منا دوره بإيجابية لوضع حد لهذا الانحلال، وإما أن ندس رؤوسنا في التراب كالنعام ونعمي أعيننا عما تخفيه مثل هذه الأعمال من مخاطر وفتن ما يؤدي إلى انهيار المجتمع وتفسخه.
تعليقات