القاعدة المفقودة للاستراتيجية الدفاعية الخليجية
عربي و دوليديسمبر 30, 2009, منتصف الليل 1562 مشاهدات 0
في ميزان العمليات العسكرية لا يمثل تقرب سرية ايرانية نحو بئر في حقل الفكة العراقي في ميسان ،ولا دخول 25 فردا من المتسللين الحوثيين لثكنة الجابري السعودي نصرا عسكريا،ولا اخلال بميزان القوى،لكنه وشم في جبين البيئة الامنية للعام المنصرم ،ومؤشر على إن واقع البيئة الامنية سواء البعيدة او القريبة او المحيطة بدول مجلس التعاون تحمل الكثير من التحديات التي لا نتخيل اغفالها عند اجراء التقييم الاستراتيجي لعام 2009م ، لكن إقرار الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون ستكون بلا شك من أهم ماسيرد في التقييم من انجازات. فهل جاءت كما نريد وما هي الخطوات اللاحقة لتفعيلها ؟ جاءت الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون على رأس الموضوعات المهمة والحيوية التي حفل بها جدول أعمال قمة الكويت الـ30 لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عُقدت في 15 ديسمبر 2009. وبعد أن حظيت بموافقة رؤساء الأركان ووزراء الدفاع في اجتماعاتهم الأخيرة تم إقرارها من قِبَل القادة، ما جعلها تحت نظر العديد من المراقبين لأمن الخليج العربي. جدير بالذكر أن هذه الاستراتيجية نقلة نوعية في التعاون الدفاعي، وقد انطلقت من تجارب وأزمات وكوارث مرت بها دول المجلس. واستلهمت توجهاتها من تطلعات القادة، ومن المنطلقات الفكرية والثوابت السياسية لتحولها إلى مفاهيم دفاعية موحَّدة، ودليل للعمل لتحقيق الدفاع المشترك والأمن الجماعي لدول المجلس. وقد أكدت هذه الاستراتيجية النوايا السلمية، وأهمية بناء وتعزيز الثقة بين دول المجلس من جهة وبقية دول المنطقة من جهة أخرى، والتنسيق والتعاون معها من أجل المزيد من الأمن والاستقرار، وللاستمرار في تحقيق التنمية والتطور لدولها وشعوبها، كما أكدت اعتبار القدرات الشاملة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها في دول المجلس وكذلك علاقتها الدولية من مقومات وأدوات الدفاع والردع الاستراتيجي، واعتبارها قيما أساسية في ميزان القوى، يتم تسخيرها واستخدامها وصولا إلى تحقيق الأمن الجماعي والدفاع المشترك. وقد تم تحديد الأهداف الدفاعية الاستراتيجية وطرق ووسائل تحقيقها، واستعراض جميع أشكال التهديدات المحتملة، وكذلك التحديات والمخاطر والأزمات والكوارث المتوقَّعة، إضافة إلى توحيد التوجهات والمفاهيم تجاه مجموعة من القضايا والمسائل ذات الصلة بالعمل الدفاعي. وتتطلع هذه الاستراتيجية إلى تعزيز مجلس التعاون لدول الخليج العربية كقيمة استراتيجية إقليمية وعالمية، وتأكيد مبدأ التكافل الجماعي بين دول المجلس، وترسيخ مفهوم البناء الذاتي لعناصر القوة لتحقيق غايات التكامل والدفاع المشترك والاستمرار في إقامة المزيد من المنظومات الدفاعية المشتركة، إضافة إلى خلق المزيد من التنسيق والتعاون بين الأجهزة العسكرية والأمنية والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة، والتنسيق والتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق الأهداف المنشودة. إن ما يقلقنا هو أن تكون الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خطوة في فراغ، فهذه الاستراتيجية الإقليمية ما زالت تفتقد القاعدتين الضروريتين اللتين تقف عليهما الاستراتيجيات في بعدها القُطري، وهما: الاستراتيجية العليا لمجلس التعاون (أو ما قد يسمى استراتيجية الأمن القومي الخليجي)، والاستراتيجية العسكرية لكل دولة خليجية على حدة، وهذا ما تفتقده دول الخليج في تنظيماتها الأمنية حاليا، باستثناء دولة الكويت التي قامت بإنجاز استراتيجية الدفاع الوطني والاستراتيجية الدفاعية 2006-2016. ولهذا أقرت الاستراتيجية الخليجية في الكويت، فهي مقترح كويتي في فكرتها ومضمونها، بل إن الأب الروحي لها والمكلف بصياغتها كان الضابط الفذ اللواء الركن أحمد الرحماني، الذي عرفته عن قرب كصاحب فكر ومبادرات استراتيجية عدَّة، ومنها طرح الخيارات المتاحة لدول مجلس التعاون لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع القدرات النووية الإيرانية، مع تأكيد ضرورة منع استثناء التهديد النووي الإسرائيلي من الضغط الدولي وتجاوز المعايير المزدوجة، عندما ألقى كلمة الكويت في ندوة «التحديات المستقبلية لمنطقة الخليج عن تهديدات أسلحة الدمار الشامل»، التي أقيمت في دولة قطر عام 2007. وكذلك الإشارة إلى الترتيبات الداخلية المطلوبة في دول مجلس التعاون في جميع المجالات لمواجهة التحديات والمخاطر التي قد تواجهها في الندوة التي أقيمت في مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية قبل ذلك.
إن تحديد الرؤية ووضع الأهداف وبيان الطرق والوسائل ثم بناء قدرات لتحقيق تلك الأهداف.. كل ذلك هو معنى الاستراتيجية. ولبناء مستقبل واعد ومشرق يتصف بالاستقرار والرخاء والرفاه والازدهار لشعوبها خطت دول مجلس التعاون خطوات طموحة، توجتها بإقرار درع تحمي هذه الإنجازات وهي إقرار الاستراتيجية الدفاعية الإقليمية لمجلس التعاون، والتي هي خارطة طريق وخطوط عريضة ما زالت تتطلب وضع تفاصيلها ببناء الاستراتيجيات العسكرية في بعدها القُطري لكل دولة خليجية، وليس ذلك بمطلبٍ خليجي فحسب بل هو مطلب من حلفائنا الغربيين؛ حيث ستسهل تلك الاستراتيجيات الواضحة من تعرفهم على قدراتنا، ومن ثَمَّ تقريب العقائد القتالية لكلا الطرفين مما يمهد لنجاح التعاون.
تعليقات