أحمد الجارالله يتساءل عن أنصاف الرجال بعدج قصف إسرائيل لسوريا

زاوية الكتاب

كتب 644 مشاهدات 0


إسرائيل قصفت سورية...فمن هم أشباه الرجال? تحدثت وكالات الانباء والصحف العالمية بالتفصيل الممل, عن الضربة التي وجهها الطيران الاسرائيلي الى سورية الأسبوع الماضي, ودمر خلالها مخازن للذخيرة, والصواريخ والرادارات, مرسلة من ايران إلى نظام دمشق و»أحزاب الله« في لبنان وكاد الاعلام العالمي يذكر الارقام المتسلسلة لهذه الاسلحة, لكن دمشق وحدها, اكتفت بالقول ان طيراناً اسرائيلياً أفرغ ذخيرته فوق اراضيها, دون اي تفاصيل اخرى, لكأن النظام السوري لا يزال يصدق بأن »غرباله« يستطيع حجب الشمس عن كل العالم. وزير الاعلام السوري سئل عن المواقع التي تعرضت للغارات وماذا يوجد بداخلها, فلم تخرج اجوبته عن التعميم المخابراتي المرتكز الى نقطتين لا ثالث لهما وهما ان الطيران المعادي خرق الاجواء السورية وألقى ذخائره, وانه لم يسجل وقوع خسائر بشرية, وحين سئل عن الرد المحتمل لبلاده كرر اللازمة المعهودة بأن كل شيء يعلن في وقته, وكفى المؤمنين شر القتال. لقد كان متوقعاً بعد هذه الاهانة الاسرائيلية لغرور النظام السوري وتلطيخه بوحل الرقة ودير الزور ان تصوب ديبلوماسيته حملتها ضد تل أبيب, لكنه كالعادة استدار وهاجم العرب بحجة ان الجماهير الغفيرة لم تتضامن معه وتنزل الى الساحات والميادين لتهتف ضد العدوان وتحيي صمود السيد الرئيس القائد, وهذا ان دل على شيء فعلى عمق العزلة العربية التي وضع النظام السوري نفسه وبلاده فيها, اضافة للحصار الدولي المضروب عليه, اذ لم يسمع احد مسؤولاً عربياً او دولة عربية أو أجنبية شجبت هذا الخرق الاسرائيلي, اللهم سوى اميل لحود الرئيس المحددة ولايته قسراً على لبنان, اما سائر الدول العربية فهي استمعت من المسؤولين السوريين الى عبارات مموهة, وكلام انشائي خالٍ من الوثائق والحقائق, بل الى اكاذيب دحضتها المعلومات الثابتة, فيما علم أكثر من مسؤول عربي ان النظام السوري أخبر مرجعيته في ايران سراً, بكل الذي جرى وبدقة تامة, وبأن ما دمره الطيران الاسرائيلي يشمل الصواريخ المعدلة بعيدة المدى والرادار ذي الحساسية العالية والاسلحة الاخرى المرسلة إلى »حزب الله«, أي أن المسألة لم تكن مجرد خزان بنزين انفجر ولا »عربانة كارو« قصفت... ومثل هذه المفارقة تعني أن النظام السوري يمعن في ابتعاده عن محيطه العربي وفي استخدام أسلوب التحايل والتذاكي الفارغ معه, فيما يتعاطى مع مرجعيته الايرانية بكثير من الشفافية, وآخر شواهده »السيناريو« الذي وضعه بطريقة لم تخل من الغباء, لقصة ذهاب وزير خارجيته وليد المعلم إلى المملكة العربية السعودية, لان العالم يعرف ان المعلم طلب هذه الزيارة اكثر من مرة, وأبدى استعداده لأن تكون سرية, لكن الرياض أبلغته بأنها ترحب بأي لقاء معه شرط أن يحمل في خواتيمه نتائج جدية, لا أن يتم استثمار هذه الزيارة في ترويج مواقف تسعى إليها دمشق, ومن دون أن »يلحس« النظام السوري تعهداته فور عودته, وان المطلوب هو إبداء حسن النوايا وأول مظاهره رفع اليد السورية عن الانتخابات الرئاسية اللبنانية, وعندما لم يصل رد محدد إلى المسؤولين السعوديين ألغوا الزيارة, علماً انهم, كانوا ولا يزالون, يمدون أياديهم ويفتحون صدورهم لكل عربي شقيق, وهم لا يريدون من سورية سوى أن يعود نظامها إلى أصله الحقيقي, أي إلى انتمائه العربي, وان يتخلى عن سياسة التوريط والانبطاح أمام كل من يريد الشر بهذه المنطقة, وألا تتحول دمشق, قلب العروبة النابض, إلى قناة تحرير للإرهاب والتطرف والتخريب ضد لبنان وفلسطين والعراق وكل العرب... هذه هي حقيقة التوجه السعودي كما هو معروف, أما حقيقة التوجه السوري فقد ظهرت بشكل كالح عندما اعلن نظام دمشق أنه لم يطلب أصلاً زيارة المعلم إلى الرياض, والجواب على هذه الكذبة الواسعة موجود عند الوسطاء العرب الذي زاروا السعودية... هذا التوجه السوري يعني أن الممسكين بالقيادة غردوا نهائياً خارج السرب العربي, وهم يعتبرون العرب أشقاء حين يبصمون على ممارساتهم وردود أفعالهم ويسددون فواتيرهم, لكنهم يصمونهم بالعداوة إذا أبى العرب على انفسهم تصديق اكاذيبهم المتكررة, ألم يصف بشار الاسد العرب بأنهم أشباه رجال رغم كل الدعم الذي قدموه للبنان لمواجهة حرب يوليو التي افتعلها »حزب الله«? والآن ماذا يمكن ان يفعل نظام دمشق بعدما انتهكت اسرائيل عمق اراضيه ودمرت مخازن سلاحه سوى اللجوء الى حائط مبكى الامم المتحدة? في الحقيقة لم نسمع من المسؤولين السوريين منذ 40 عاما سوى ترديد ببغائي للمعزوفة القائلة بأنهم سيردون على اسرائيل بالشكل المناسب والزمن المناسب... وقد يأتي هذا الرد بعد 500 سنة الساعة التاسعة صباحا. أحمد الجارالله
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك