نحن أحوج للبرادعي من مصر
محليات وبرلمانديسمبر 1, 2009, منتصف الليل 1900 مشاهدات 0
على صدر صفحتها الأولى كتبت جريدة الدستور المصرية في 18 نوفمبر 2009 «لنرشح البرادعي»، كما تنافست الأحزاب الأميركية على ضم إيزنهاور واختار التشيك رئيسا حاصلا على نوبل، بل إن إسرائيل حاولت جعل أينشتاين رئيسا لإسرائيل وفشلت، بينما نجح النمساويون في جعل كورت فالدهايم رئيسا لهم رغم أنه كان يعمل سكرتيرا للأمم المتحدة، وقضى معظم عمره في المنظمات الدولية. وفي نفس السياق أعلن «حزب الغد» المصري على لسان زعيمه أيمن نور دعوته للدكتور محمد البرادعي لخوض الانتخابات الرئاسية عن الحزب، حيث قال: «إذا كانت هناك منافسة بيني وبين د.البرادعي فإنني أزكي البرادعي». كما أعلن «حزب الوفد» وضع برنامج زمني لحشد التأييد الشعبي لترشيح د.البرادعي، في حال موافقته رسميا على خوض انتخابات الرئاسة 2011. أما د.محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسه فلم يكن بعيدا عن هذه الأجواء السياسية، فقد أعلن أن الوضع في البلاد يمر بمرحلة الحضيض، وطالب بوضع دستور يحدد مدة الرئاسة، ويتيح الفرصة لكافة الطوائف للمشاركة في العملية السياسية، ثم أضاف أنه قد يخوض الانتخابات الرئاسة عام 2011 في حال توافر ضمانات كافية لنزاهتها.
وموافقة البرادعي وربما فوزه في الانتخابات الرئاسة المصرية عام 2011 قد لا تعد مكسبا لشقيقتنا الكبرى جمهورية مصر العربية؛ لأن في مصر الكثير من المؤهلين للوصول إلى رئاسة الجمهورية، ولأن مسوغات ترشيحه لا تخرج عن أمور ثلاثة، أولها أن من يدعونه لحمل اسم حزبهم سيكونون هم من يدير الأمور بنفس عقلية الأحزاب العربية العقيمة، ثم إن مجرد تغيير الرئيس حسني مبارك صار هدفا في حد ذاته بعيدا عن حسابات الاستقرار والعلاقات الدولية التي بناها الرجل طوال سني حكمه، وأخيرا هل تتوفر أجواء الديمقراطية التي جعلت من أيزنهاور وفالدهايم رؤساء ناجحين، أم إن ما نملك في وطننا العربي كله هو أقل من ربع الديمقراطية الموجودة هناك وهي التي سيعمل البرادعي في أجوائها الملوثة؟
البرادعي ليس بعالم ذرة، بل يحمل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من الولايات المتحدة الأميركية، وقد التحق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1984، ثم عين رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية عام 1997، وأعيد اختياره عام 2001 ولمرة ثالثة في سبتمبر 2005. وإن المكان اللائق للدكتور محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تركه الوكالة في 30 نوفمبر هو قيادة المشروع النووي المصري، أما إذا حالت الظروف السياسية دون ذلك، فعلى دول مجلس التعاون العمل على الاستفادة من جهوده. حيث إن معظم دول مجلس التعاون قد أخذت الخطوة الأولى لتبني استخدام المفاعلات النووية كمصدر للطاقة، وصار خيارا حقيقيا أمامها، فقد أعلنت دول مجلس التعاون في ديسمبر 2006 أن المجلس بصدد إعداد دراسة حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية بهدف توليد الكهرباء وتحلية المياه. وفي فبراير 2007 اتفقت دول مجلس التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعاون حول دراسة جدوى اقتصادية تتعلق ببرامج إقليمية لتوليد الطاقة النووية. في حين وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة مع الوكالة الدولية عام 2003 مذكرة تفاهم تتعلق بالسلامة النووية. وفي يناير 2009 وقعت الإمارات مع الولايات المتحدة اتفاقيه ثنائية للتعاون حول الطاقة النووية، كما وقعت مع كل من بريطانيا واليابان وفرنسا اتفاقات مماثلة. كما ناقشت فرنسا مع المملكة العربية السعودية مسألة المساعدة في إنتاج وتطوير الكهرباء من الطاقة النووية، ووقعت الولايات المتحدة مذكرات تفاهم مع كل من مملكة البحرين والسعودية. ووقعت سلطنة عمان اتفاقية تعاون مع روسيا بهذا الشأن في يونيو 2009، كما صدر من دولة قطر ما يشير إلى أنها تبدي اهتماما كبيرا بتطوير القدرات الوطنية في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. أما الكويت فقد أعلنت عن اهتمامها بهذا البرنامج بمساعدة فرنسية، وشكلت لجنة لهذا الغرض في مارس 2009.
وعليه فإن الخيار النووي الخليجي برنامج طويل المدى، ولعل خير ما تريده دول المجلس في مرحلة التأسيس هو رجل بإمكانه رسم خريطة الطريق للمشروع النووي الخليجي السلمي سواء كان مشروعا مشتركا أو منفردا، ولا يوجد من هو بمعارف البرادعي في هذا المجال إلا البرادعي نفسه.
تعليقات