سعود السمكه يرى ان المشاركة الشعبية في صنع القرار هي الوعاء الآمن والغطاء الشرعي للوطن

زاوية الكتاب

كتب 447 مشاهدات 0


الحل يكمن في تفهم نظام البلد المتمثل بالدستور سعود السمكه حين يقف المرء ليفتش عن اسباب هذا التجاذب وتلك الاحتقانات التي تتصاعد يوميا على الساحة السياسية.. وتكرار الحديث عن اجراء ما قد تضطر القيادة السياسية لاتخاذه للحد من تلك الاحتقانات وهو حل مجلس الامة، وكما يتردد باحدى الطريقتين: اما حل دستوري تعقبه انتخابات مبكرة خلال ستين يوما، كما هو مدون في الدستور، واما حل يتم من خلاله وقف العمل بالدستور وهو امر يعد انقلابا على نظام البلد الذي تم التوافق عليه والتعاهد على التمسك به بين نظام الحكم والامة عام 1962. اقول: حين يتوقف المرء ليفتش عن الاسباب التي قد تصل بنا - لا سمح الله- لاتخاذ مثل هذا الموقف المدمر بحق البلد ومستقبله لا يجد اي سبب يذكر، بل لا يجد ان هناك احتقانا ولا تجاذبا.. بل هناك عناد ومكابرة وتعنت من قبل فريق قد اغمض عينيه وسد اذنيه عن كل رؤية وسمع الا اذا تم الغاء نظام البلد، يعني لم يعد يكتفي بكل الادوات التي يملكها للتأثير في حاضر البلد ومستقبله. لم يكتف بتدخله السافر بالانتخابات كل الانتخابات، وليس فقط على صعيد مجلس الامة، ولم يكتف بهيمنته على المال العام ولا بنفوذه على الوظيفة ولا بامكاناته على توزيع الغنائم من اراض واستراحات ومزارع، ولم يكتف حين اوصل البلد الى هذه التقسيمات الاجتماعية البغيضة وما يعتريها من نزاعات جاهلية، اصبحت تشكل خطرا قادما على السلم الاجتماعي! كل ذلك من اجل ان يكون كل شيء بيده وهو بيده اصلا.. لكنه لا يكتفي! هذا الفريق الذي يكابر ويتعنت ويوحي للناس بان هناك احتقانا وتجاذبا، الامر الذي يتطلب اجراء ما وهو وقف العمل بنظام الدستور لم يعد يكتفي بكل تلك المكاسب، بل هو لا يريد النظام ولا القانون ولا سيادة لدولة او كرامة لمجتمع او سمعة حضارية او تقدما او تطورا!.. هذا الفريق لا يريد شيئا اسمه مشاركة مهما كان حجم هذه المشاركة، حتى لو كانت صورية مثلما هي عليه اليوم!.. بل يريد سلطة مطلقة بعيدة عن ادنى مساءلة.. هذا الفريق لا يريد لاحد غيره ان يفكر، فهو الذي ينبغي ان يفكر عن الناس، ولا يريد لاحد ان يتحدث عن مصلحة البلد ولا عن حاضر ولا مستقبل.. فهذا الفريق هو ادرى بمصلحة البلد وهو اعلم بما يتطلبه الحاضر ويملك القدرة للتنبؤ بما سوف يكون عليه المستقبل! لكن يا ترى هل يستطيع هذا الفريق ان يحقق حلمه في ظل هذه الثورة المعلوماتية التي غدا يزخر بها هذا العصر، والتي أسقطت الحدود وتجاوزت السدود وغدت، كما الهواء، مشاعا لكل كائن حي.. وهل يدرك هذا الفريق ان مقومات الدولة الحديثة وركائز استمرارها باتت في ضرورة وجود قوانين تمنع من قيام سلطة مطلقة ولى زمانها الى غير رجعة وحلت محلها مؤسسة الدولة التي تستمد شرعيتها بتوافق الامة حكاما ومحكومين عبر نظام يشترك فيه الحاكم والمحكوم في صنع القرار؟! اكرر التأكيد على انه ليس لدينا تجاذبات ولا احتقانات، بل لدينا ازمة نعم وهي ليست وليدة اليوم بل هي ازمة قديمة متجددة، وهي ان هذا الفريق ليس لديه استعداد ان يقتنع باننا في زمن لم تعد فيه السلطة، المطلقة ممكنة، ان لم تكن مستحيلة، وان العصر لم يعد يقبل الانظمة الشمولية، وبالتالي فهو، اي هذا الفريق، لا يريد ان يفهم ان استمرارية الدول والمجتمعات وتمتعها بالامن والاستقرار لا بد ان يقوم على نظام مؤسسي راسخ يعبر عن طبيعة الحياة، وهو ضرورة اشراك الناس في صناعة حاضرهم وتهيئة المستقبل لابنائهم. هذا هو المشكل حقيقة، اما غير هذا فليس سوى محاولات متعمدة لصرف الانظار عنه.. لذلك اقول: ليس لدينا تجاذبات ولا احتقانات تستحق استنفار التفكير.. فالذي يستحق التفكير حقيقة هو ضرورة اقناع فكر ذلك الفريق بضرورة فهم معطيات العصر كحقائق لا تقبل المساومة والتسويف، وهي ان المشاركة الشعبية في صنع القرار هي الوعاء الآمن والغطاء الشرعي للوطن. هذا هو الحل اذا اردنا ان نحتكم للعقل والمنطق.
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك