العباءة سبب ترهلهن ولو لبست نساؤنا البنطلونات الضيقة لاهتممن بأجسامهن-رأي الوشيحي الذي يرى ترهل الدولة كترهل المرأة السمينة
زاوية الكتابكتب نوفمبر 24, 2009, منتصف الليل 3300 مشاهدات 0
آمال
ألبسها عباءة
محمد الوشيحي
ذات يوم مغبر... ساقتني قدماي الخبيثتان إلى إحدى الإدارات الحكومية لأنجز معاملة، فوقفت أمام موظفة كانت صورة طبق الأصل من الممثلة السورية منى واصف، إنما على مقاس أضخم، وبحبة خال أكبر.
وضعتُ أوراق معاملتي على مكتبها وانتظرتُ توقيعها، لكنها نحّت الأوراق جانباً وراحت تتفرس في وجهي، وتتفقد تفاصيله، فخفتُ منها وارتعت، فواصلتْ تفرسها في تفاصيل وجهي، وأخذت ترفع حاجبيها وتزّم شفتيها، ثم تعيد النظر إلى أوراق المعاملة، ثم تعيد رفع حاجبيها وزمّ شفتيها! فقرأت (أنا) آية الكرسي، و'القارعة ما القارعة، وما أدراك ما القارعة'، وأيقنت بالهلاك المبين.
وفجأة فشخَت شفتيها على مصراعيهما وضغطت على أسنان لو عضّت بها الحديد لبكى، فظننت أنني أتيتها في وقت الولادة، وفكرتُ أن أطلب لها سيارة إسعاف، لكن اتضح لي أنها كانت تبتسم، فتنهدت بعمق، وشكرت المولى الذي ألهمني قراءة 'القارعة'. وبصوت يشبه جلجلة قضبان السكك الحديدية سألتني: 'أنت الذي كنت تظهر في التلفزيون وتقول الديرة خربانة؟'، فأجبتها مرتعباً: 'لكنهم صلّحوها'.
فأشفقَت عليّ بعد أن رأت وجهي مصفرّاً لشدة الرعب، وقامت من على كرسيها تهز كتلتها في اتجاه الآلة الطابعة، بعد أن ثبتت عباءتها جيداً على جسمها! 'حركة يعني' كي لا تثيرني بقدّها... حينذاك، اكتشفتُ السبب الحقيقي الذي من أجله تتمسك بعض الخليجيات بارتداء العباءة رغم أنهنّ يضعْنَ أطناناً من الماكياج على وجوههنّ، فالأمر لا علاقة له بالحشمة إطلاقاً. على أن بعضهن يرتدينها بدافع الحشمة فعلاً.
والعباءة هي أحد أسباب ترهل أجسام نسائنا، ولو أنهن كنّ يرتدين البنطلونات الضيقة لأولين اهتماماً شديداً لمحاربة النتوءات الشحمية المزعجة للعين. لذا نشاهد الأوروبيات، بقاماتهنّ التي تشبه الأعمدة الرومانية، يتقافزن برشاقة ولياقة لا يخشين هبوب الهواء العذب، في حين نشاهد الخليجية تحتاس حوسة الأرملة لو هبّت نسمة هواء، و'تسلّم النِّمَر' وتوقّع على أوراق نهاية الخدمة ما إن تلامس قدماها شواطئ الأربعين من عمرها، فتلجأ إلى العباءة، وتتفرغ لشتم مفاصل ركبتيها.
والدشداشة أخت العباءة من الرضاعة، لذا يحرص رجال أوروبا على الرياضة كي يظهروا في صورة زاهية، بينما نحرص نحن على توسيع الدشداشة.
والعباءة، أخت شمّا، لا تغطي الترهلات فقط، بل ترتديها بعض نسائنا على الأسمال البالية ويدخلن أرقى المجمعات دون أن يكتشف أحد أسمالهن. وما دامت العباءة برّاقة وتستر وتغطّي، فلا شيء تحتها يهم.
وفي عهد سمو رئيس الحكومة الحالي، ترهلت الدولة بطريقة منفّرة، فلم يعالج ترهلاتها، ولم يدخلها إلى نادٍ صحي، بل جلبَ لها عباءة فضفاضة براقة فازدادت ترهلاً. والعباءة التي جلبها سموه إلى الديرة هي عباءة الإعلام. لذلك تسير بعض الصحف والفضائيات خلف سموّه بالطبلة والمزمار، وتفتري على كل من ينتقده ويعارضه. وبعضها لا يخاصم بشرف، ففي الأسبوع الماضي قرأنا كيف أطلقت إحدى الصحف، أو العباءات، على وزير الديوان الأميري وصفاً تخجل من سماعه الراقصات. ولن أستغرب لو اعتمدت 'العباءات' أسلوب فبركة الأصوات والصور وغير ذلك من أساليب الخسة والدناءة لترهب خصوم الرئيس.
تعليقات