ضاري المطيري يكتب عن التزاحم التلفزيوني الرمضاني
زاوية الكتابكتب سبتمبر 11, 2007, 2:18 م 507 مشاهدات 0
فقه المزاحمة
ضاري المطيري
ان التنافس القائم بين القنوات الاسلامية وغيرها من الأمور الطيبة التي تبشر الخير،
وان توجه الدعاة الى الفضائيات والخروج على الشاشات ليعد مؤشرا واضحا على استيعاب
الكثير منهم لمدى تأثير الاعلام على المجتمع، فلا ينبغي بعد ذلك للعلماء والمربين
الانطواء على النفس أو التقوقع عليها تاركين المشاركة الفاعلة في الاعلام، ولننظر
الى الأذان للصلوات الخمس فمشروعيته تبرهن لنا على عناية الاسلام بالاعلام والحرص
على استخدامه الاستخدام الأمثل والنافع، فالثلة من علمائنا ودعاتنا الذي ولجوا
أبواب الاعلام يمنحوننا درسا عمليا لما يُسمى بفقه المزاحمة الذي غفل عنه الكثيرون
في الآونة الأخيرة، حيث ينبغي على المصلحين والموجهين من هذه الأمة ان يزاحموا
المفسدين في الميادين المؤثرة والحساسة عن طريق الحجة والموعظة الحسنة، فالداعية
يعمل بدعوته حيثما حل وأينما كان، وهذا من هدي نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) الذي
كان يستغل وجود التجمعات والحشود الغفيرة كالتي في الأسواق مثل سوق عكاظ ومجنة وذي
مجاز، بل انه كان ينتهز المناسبات الزمانية المتكررة كالحج، وكل ذلك في سبيل ابلاغ
دعوته الى جميع الناس. ونبينا يوسف ( عليه السلام ) لم يكسر السجن عزيمته ولم يحطم
الحبس ارادته في الدعوة الى التوحيد في زنزانته التي مكث فيها أكثر من سبعة أعوام،
ولنا أيضا في ابراهيم ( عليه السلام ) أسوة حسنة، حيث طاف الأمصار لنشر الدين
بإقامة الحجة على المنكرين والجاحدين، فكانت رحلته من العراق الى فلسطين الى مكة لا
تأخذه في الله لومة لائم.
وكما هي الحال في كل عام عند اقتراب حلول رمضان نرى اكتظاظ القنوات وامتلاء الشاشات
بالدعاية والترويج للمسلسلات والأفلام والفوازير التي تهدف الى قتل وقت المسلم
الصائم، فبدلا من العكوف على المصحف قراءة وتدبرا، وبدلا من الحرص على زيارة الأهل
والأصحاب، وبدلا من ان يشارك المسلم في اطعام المساكين في شهر الصيام، يقضي بعضهم
للأسف وقته بلا فائدة مرجوة سوى اتعاب العينين وعوار الرأس، وليت البعض جلس ليشاهد
ما يقوي ايمانه أو يزيد علمه أو حتى ما ينفعه في أمور دنياه، لكن مازال في الأمة
خير والحمد لله، ففي غمرة تلك المسلسلات والأفلام وغيرها من الملهيات تخرج لنا بين
الفينة والأخرى برامج دينية تستقطب الجمهور العربي المحافظ وتُشبع تعطشه لمعرفة
أمور دينه عبر القنوات الاسلامية وغيرها على حد سواء، فمع حلول شهر الخير والبركة
شهر القرآن والنفحات الربانية، يبدأ الإلحاح الشديد من جديد من جمهور المشاهدين
لإيجاد برامج فتاوى وبرامج توعوية ارشادية، ويبدأ الطلب الحثيث من اجل البث والنقل
الحي للصلوات في الحرمين والجوامع الكبيرة بتلك الأصوات الجميلة.
نظرة على «المنظار»
فمن هذه القنوات التي عودتنا مراعاة مثل تلك الأمور الحسنة قناة الكويت الأولى التي
دأبت مشكورة في السنوات الأخيرة على الافساح والاكثار من مثل هذه البرامج الاسلامية
تلبية لخصوصيات وحاجات المجتمع الكويتي المحافظ، وأنا هنا أحب ان أذكر أحد هذه
النماذج التي سترى النور ان شاء الله على الشاشة قريبا، وهو برنامج «المنظار»
الديني التوعوي، الذي اجتهد القائمون عليه في اخراجه واعداده ليخرج بأبهى حلة وأحلى
صورة، حيث يعالج البرنامج على مدار شهر رمضان قضايا اجتماعية وتربوية تخص الأسرة
والشباب وخاصة تلك الأخلاق المستوردة من خارج مجتمعاتنا ليعرض بعد ذلك الضيوف سبل
علاجها بطرق شرعية واسلوب سهل وجذاب، مدة الحلقة بحدود 15 دقيقة حتى لا يسأم
المشاهد، فكثرة الكلام تُنسي أوله، وقد استضاف من مجموعة دعاة الكويت الذين عرفتهم
منابر المساجد بالدعوة الى الله وأطربوا آذان مستمعيهم في اذاعة القرآن الكريم
بحديثهم الممتع والنافع الذي لا يمل، وهذا البرنامج من تقديم فهد الديحاني الذي
اعتدت منه كل جديد، لذا لا أريد ألا يكون الحكم على البرنامج مسبقا وأترك الحكم
للمشاهدين حيث ان شهادتي بمقدم البرنامج مجروحة.
وفي الختام، نتمنى من وزارة الاعلام والمسؤولين في الدولة الحرص على مثل هذه
البرامج ودعمها معنويا وماديا فهي من سبل حفظ أبنائنا من الأخلاق الدخيلة السيئة،
ونرجو ألا تتركز مثل هذه البرامج الناجحة فقط في شهر رمضان بل نريدها ان تمتد الى
غيره وتكون في تواصل مستمر، والحمد لله لدينا في الكويت كفاءات قادرة على الانتاج
والنجاح في هذا المجال الدعوي الاعلامي، لكنها تحتاج للتشجيع وتذليل العقبات
امامها، وهذا هو المأمول من وزير الاعلام الاصلاحي، وقدّها يا المحيلبي بإذن الله،
وفق الله الجميع.
الأنباء
تعليقات