الدعيج يقول إن البراك لم يتحرك في قضية الإعلانات إلا بعد إبلاغ الفزيع عنها، وأن النواب يفضلون المساءلة السياسية على الجنائية، لإحراج الحكومة والمساومة على الاستجوابات
زاوية الكتابكتب نوفمبر 5, 2009, منتصف الليل 991 مشاهدات 0
فعلا عبث.. ولكن بمن؟
كتب عبداللطيف الدعيج :
بالفعل، مثل ما صرح النائب احمد السعدون، وقبله النائب البراك، هناك عبث سياسي يجري في البلد، ولا شك في ذلك، لكن السؤال: من يعبث بمن؟
منذ ان طُرح امر الملايين الخمسة كتبنا وكتب غيرنا ان الأسهل والاجدى والاكثر اختصارا للوقت هو احالة السيد وزير الداخلية الى القضاء. لكن هناك من اصر، ولا يزال، على تفعيل «المساءلة السياسية» وعلى اصطياد الحكومة بكاملها على خلفية اعلانات الانتخابات. قانون حماية المال العام اصلا يجرم كل من يعلم بوجود سرقة أو اختلاس للمال العام ويمتنع عن التبليغ عنه. ومع هذا، امتنع نواب مجلس الامة المتحمسون لاستجواب الوزير عن التبليغ، ولم يتقدم أي ممن ازعج العالم بالاتهامات المتوالية للوزير، سواء من الكتاب أو المدونين، أو حتى من المتفرجين، لم يتقدم احد من نواطير المال العام لأداء مهمته الوطنية التي شغل البلد بها. لكن عندما جرؤ السيد نواف الفزيع - وتقدم بالابلاغ ضد وزير الداخلية تطوع النائب مسلم البراك بشكل مفاجئ للشهادة ضد الوزير..! إذاً لماذا لم يبلغ السيد البراك طالما انه يملك المعلومات والادلة– التي سيشهد بها- ولماذا ترك شرف تقديم البلاغ للسيد الفزيع؟!
الآن، بعد طلب الوزير احالة نفسه للقضاء، هناك تشكيك في طلب الاحالة، وهناك اتهام للوزير بالضحك على الناس، هذا امر خطير. والاخطر ان هذا الاتهام يصدر من قبل نواب الامة الذين يملكون التشريع، ويملكون الرقابة على الحكومة في تنفيذها لما يشرعون. نواب الامة يريدون القول ان قانون حماية المال العام مهزلة، وان قانون محاكمة الوزراء هو ضحك على الذقون، مع ان هذا يتناقض وحماس النائب البراك للشهادة، أو هم يمضون الى ابعد من هذا في التمادي، فيطعنون اما في امانة القضاء أو في قدراته.!! ليس هناك غير هذا التفسير للتشكيك في خطوة وزير الداخلية. فاما ان الوزير بريء وواثق من سلامة موقفه أو انه «لاعبها صح» ويعلم قدرات القضاء واتجاهه.
العبث السياسي يتجلى بوضوح هنا، فاذا كان الوزير بريئا وهناك ولو شكا بسيطا في ادانته فيجب التسليم بذلك وعتق الوزير من هذه الاتهامات المتواصلة والحملة العنيدة عليه، فالشك اساسا يجب ان يفسر لمصلحة المتهم، هذا ان صدقت وصحت النوايا. اما اذا كانت قوانين المال العام ليست كافية لحمايته، أو ان الادارات القانونية ليست مؤهلة لتنفيذ هذه الحماية، فان نواب الامة ملزمون بتصحيح ذلك وتشريع القوانين وانشاء الادارات المؤهلة لحماية المال العام.
واضح هنا أن الهدف ليس حماية المال العام أو استعادة الملايين الخمسة المزعومة، ولكن الهدف هو احراج الحكومة والمساومة على الاستجوابات، ولهذا يفضّل الكثيرون المساءلة السياسية على المساءلة الجنائية.. فالمكاسب من المساءلة السياسية أو الاستجواب عديدة، انتخابيا وسياسيا ولدى الاغلبية المؤيدة ماليا.. يعني باختصار تحت دعوى استعادة الملايين الخمسة على الحكومة ان تصرف الكثير لارضاء النواب وتحقيق الدعم للوزير المستجوب. ويبقى في النهاية التأكيد على ان احالة الوزير لنفسه الى القضاء عبث في عبث، لا يجاريه إلا الاصرار على استجوابه من قبل النواب. فالقضية اصلا امام القضاء، والنواب معنيون بالمساءلة السياسية كما هو واضح.. يعني الاستجواب آت آت.. بالإحالة أو من دونها.
بقلم: عبداللطيف الدعيج
تعليقات