((الآن)) تنفرد بنشر حكم الضوابط الشرعية
أمن وقضاياالدستورية:الدستور كفل الحرية الشخصية وحرية العقيدة
أكتوبر 28, 2009, منتصف الليل 4190 مشاهدات 0
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 9من شهرذو القعدة1430هجري الموافق 28أكتوبر2009برئاسة السيد المستشار يوسف غنام الرشيد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /فيصل عبدالعزيزالمرشد،وراشد يعقوب الشراح،وخالد سالم علي،وصالح مبارك الحريتي
وحضور السيد/خالد فيصل العزران أمين سر الجلسة.
المرفوعة من حمدعبدالعزيز إبراهيم الناشي
ضد1- أسيل عبدالرحمن العوضي2-رولاعبدالله دشتي 3-وزير الداخلية4-الأمين العام لمجلس الأمة بصفته-5-وزير العدل بصفته.
وحيث أن الطاعن بنى طعنه على ببطلان عمليــة الانتخاب في الدائـــــرة ( الثالثة) وبطلان إعلان فرز المطعون ضدهما الأولى والثانية ، وبطلان عضويتهما في مجلس الأمة ، على أساس أنهما لم تلتزما بارتداء الحجاب الشرعي ، وخالفتا بذلك قانون الانتخاب الذي اشترط للمرأة في الترشيح الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية .
وحيث إن المادة (1) من قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم (35) لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم (17) لسنة 2005 نصت على أن ' لكل كويتي بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب ، ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم تمض على تجنسه عشرون سنة ميلادية وفقاً لحكم المادة (6) من المرسوم الأمير رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية . ويشترط للمرأة في الترشيح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية .
وحيث إن البين من عبارة نص الفقرة الأخيرة المشار إليها بالصيغة التي أفرغ فيها أنها جاءت مطلقة ، مجملة ، دون تحديد تعريف جامع مانع يكون الضابط للمعنى ، وأنه وإن وردت عبارة النص بصيغة الشرط ، إلا أن جوهر الشرط يحمل في تفسيره أكثر من معنى ، وبه خفاء في دلالة المراد فمدلول ( القواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية ) مدلول عام يستوعب أحكام الدين جمعيها ، وما يتصل منها بالعقيدة والأخلاق وأفعال المكلفين وتصرفاتهم وما ورد منها بالكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة وما يستنبط منها بالاستناد إلى الأدلة الشرعية الأخرى ، كما له مدلول خاص بمعنى الفقه الإسلامي الذي يقتصر على فهم ومعرفة جزء من هذه الأحكام وهي الأحكام الشرعية العملية التي تخص أفعال المكلفين ولا تدخل ضمن أحكام العقائد والأخلاق .
ولفظ المعتمدة الوارد بهذا النص قد يعني الأحكام القطعية في ثبوتها وفي دلالتها ، كما قد ينصرف أيضا إلى الأحكام القطعية في ثبوتها وفي دلالتها ، كما قد ينصرف أيضا إلى الأحكام التي تستنبط بطريق الاجتهاد في نطاق الأحكام الظنية بالاعتماد على الأدلة الشرعية المختلفة سواء المتفق عليها ( كالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفــــــة ) أو المختلف بشأنهــــا ( كالاستحسان والعرف ) متى قام الدليل على اعتبارها ، وكانت هناك مصلحة في إتباعها وفقاً لما يقدره ولي الأمر .
وحيث إنه يبين من مطالعة مضبطة مجلس الأمة بجلسته المعقودة يوم الاثنين 8 من ربيع الآخر سنة 1426هـ الموافق 16 من مايو سنة 2005 أنه قد عرض عليه مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (35) لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة ، كان يجري نصه على أن ' يستبدل بنص المادة (1) من القانون رقم (35) لسنة 1962 المشار إليه النص التالي ' مادة (1) : لكل كويتي بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب ، ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم تمض على تجنسه عشرون سنة ميلادية وفقاً لحكم المادة (6) من المرسوم الأميري رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية ثم تقدم بعض أعضاء مجلس الأمة باقتراح بإضافة الفقرة الآتية في عجز المادة (1) من مشروع قانون الانتخاب المقدم من الحكومة نصها الآتي:'يشترط للمرأة في الترشيح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية'وبتلاوة المادة بعد إضافة هذه الفقرة إليها تمت الموافقة عليها دون أية إيضاحات أو أي أية بيان عن سبب هذا التعديل أو القصد منه،حيث صدريها القانون رقم(17)لسنة 2005بالصيغة التي أقرها مجلس الأمة وبمطالعه مذكرته الإيضاحية لتوضيح الأسباب والدوافع التي دعت إلي إصدارة بالصورة التي أفرغ فيها لفهم النص واستخلاص إرادة المشرع منها يبين أنها أكتفت بالإشارة في هذا الخصوص إلي أن هذا التعديل جاء 'حرصا علي العادات والتقاليد التي جبل عليها المجتمع الكويتي' وأنه'أخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية الغراء،تضمنت الصياغة الجديدة للمادة أنه'علي المرأة عند ممارسة حقها في الترشيح والانتخاب،مراعاة الأحكام المقررة في الشريعة الإسلامية'
وحيث إنه من المسلم به في مجال استخلاص الدلالات من النصوص التشريعية أنه إذا أحتمل النص أكثر من معني وجب حملة علي المعني الذي يجعله أكثر أتفا قامع التشريع الأعلى،وعلي النحو الذي يحمله علي أصله من الصحة،وينأي به عن التعارض،حتي ولوكان هذا المعني اقل ظهورا،وعلي ذلك يتعين أن يكون تفسير هذا النص في إطار المبادئ الحاكمة والأصول الواردة بالدستور نصا وروحا إعمالا لمبدأ تدرج القواعد القانونية إذ لايجوز للتشريع الأدنى مرتبة مخالفة التشريع الأعلى مرتبة ،سواء جاءت المخالفة في صورة تقييدماورد مطلقابالأعلي،أو إطلاق ماورد به مقيدا والحاصل أن الدستور الكويتي لم يجعل الشريعة الإسلامية-بمعني'الفقه الإسلامي'- المصدر الوحيد للتشريع،أو يمنع المشرع من الأخذ من مصادر أخري نزولا علي أحوال الناس وشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعا،كما كفل الدستور الحرية الشخصية،وأطلق حرية العقيدة،لأنها مادامت في نطاق (الاعتقاد)أي (السرائر)فأمرها إلي الله،ولم يجز التمييز بين الناس في الحقوق والواجبات بسبب الدين أوالجنس.
والحاصل أيضا أن أحكام الشريعة الإسلامية لاتكون لها قوة إلزام القواعد القانونية إلا إذا تدخل المشرع وقننها،وليس لها قوة النفاذ الذاتي والمباشر،وإنما يتعين أن يتم إفراغها في نصوص تشريعية محددة،ومضمون تشريعي محدد يمكن أن يلتزم به كل من المخاطبين بأحكامه والقائمين علي تنفيذه وتطبيقه،ولايتسني تبعا لذلك مساواتها في الحكم بالنصوص الموضوعية ،فالنص الموضوعي يكون نافذا بذاته فيما تضمنته من أحكام موضوعية،وبالتالي فإن النص المشار إلية لايمكن وصفة بأنه يتضمن حكما موضوعيا محددا،وإنما يعتبر هذا النص وفقا لمضمونه من النصوص التوجيهية،التي ترد مورد الإرشاد والتوجيه،والتي لايقصد بهاالإلزام والوجوب،وهو مايجد صداه فيما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون في هذا المقام فضلا عن أنه لايتصور أن تكون إرادة المشرع قدأتجهت – في أطار هذا النص المجمل القائم- إلي ترك القائمين علي تطبيقه وتنفيذه بتقصي هذه القواعد والأحكام غير المقننة،مما قد يؤدي إلية ذلك من اضطراب وتناقض بين هذه القواعد والأحكام بحسب اختلاف وجهات النظر الفقهية.
وإذ خلصت المحكمة إلى ماتقدم في شأن النص المشار إلية،وكان ذلك استصحابا لأصل صحته لتنفي عنه شبهة عدم الدستورية التي كانت تظاهرة،فإن عدم قبول الدفع المبدي من المطعون ضدها الأولي بعدم دستوريته يكون متعينا.
وحيث إنه متى كان ذلك،وكان الطاعن قد أقام طعنة أبتناء علي فقدان المطعون ضدهما الأولي والثانية لحقهما في الترشيح بإدعاء مخالفتها لنص الفقرة الأخيرة من المادة(1)من قانون الانتخاب المشار إلية ،توصلاإلي القول ببطلان خوضهما الانتخابات وبطلان إعلان فوزهما وبطلان عضويتهما بمجلس الأمة،وذلك خلافا لصحيح الفهم المستفاد من هذا النص علي النحو الموضح آنفا،ومن ثم يكون الطعن علي غير أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض.
فلهذه الأسباب:حكمت المحكمة:برفض الطعن.
تعليقات