'مع كل نواقص الأسرة فإنها لم ترتكب الخطأ الفادح بقطع علاقاتها مع المجتمع..مقطع من مقالة د.غانم النجار متحدثا عن زمن عبدالله السالم
زاوية الكتابكتب أكتوبر 26, 2009, منتصف الليل 733 مشاهدات 0
زمن عبدالله السالم
ترابط الأشياء
د. غانم النجار
من السذاجة تصوّر التحولات والتطورات السياسية التي جرت خلال الفترة ما بين 1950 و1965، على أساس أنها نتاج حراك سياسي محلي فقط، فقد يصح أن النشاط المحلي والدور الذي لعبته القوى السياسية والفئات الاجتماعية ذات التوجه الإصلاحي والشيخ عبدالله السالم، كان لهما دور مؤثر ومحوري في الدفع بتلك التحولات إلى أن تنجب في نهاية الأمر الدستور سنة 1962، لكن من غير الممكن تجاهل الدور الدولي ممثلاً في بريطانيا، التي كانت حتى ذلك الوقت ترتبط بمعاهدة حماية مع الكويت.
كما يصح أيضاً الأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية، سواء في العراق كسقوط الملكية سنة 1958، وسقوط الملكية في مصر سنة 1952، وطبيعة التنافس الإقليمي بين مصر والعراق، وتأثيره على الحراك السياسي الكويتي. بالطبع ليس من المفيد المبالغة في الدورَين الدولي والإقليمي، لكن من غير المفيد كذلك تجاهلهما، والتعامل مع حالتنا السياسية وكأنها جزيرة، وهي ليست كذلك، لذلك كانت الرسالة التحليلية التي بعث بها المعتمد السياسي البريطاني في الكويت جي دبليو بيل بتاريخ 23 يناير 1957 إلى رئيسه مستر بوروز، ذات أهمية خاصة، حيث طرح فيها سؤالاً بشأن أفضل السبل للحفاظ على المصالح البريطانية في الكويت خلال السنوات الثلاثين المقبلة، ويلاحظ في النص أنه:
'مع كل نواقص الأسرة فإنها لم ترتكب الخطأ الفادح بقطع علاقاتها مع المجتمع، فلديها علاقات وثيقة مع الأسر القوية والمؤثرة في البلاد، بل إن أحداث نوفمبر قرّبت بعض صغار الأسرة من الحركة الإصلاحية، كما أنهم قد اتخذوا مواقف مستنيرة من احتياجات الدولة، ودرجة عالية من المسؤولية تجاه الناس والشعب، فالشيخ عبدالله الجابر في دائرة المعارف، وصباح الأحمد في دائرة الشؤون الاجتماعية أو دائرة المطبوعات والنشر، وصباح السالم في دائرة الشرطة، وحتى الشيخ فهد السالم في إمبراطوريته، وجدناهم يشجعون الشباب الكويتيين على الانخراط في العمل العام، الذين يلعبون دوراً مهماً في الشأن العام، وسيكون لهم، مستقبلاً، دور أكبر، وبالطبع لا توجد ضمانات بأن يشعروا بالإحباط بسبب بطء التطور، ومن ثم يلقون بأنفسهم مع الحركة الإصلاحية.
أما بالنسبة إلى الأجانب الذين ترتكز عليهم وبسببهم مجمل الانتقادات للأسرة، فإنهم منقسمون على أنفسهم ويعرفون أن هناك مشاعر سلبية بين الكويتيين ضد الوجود العربي.
فإن كان هدفنا هو الإبقاء على مصالحنا النفطية مدة 30 سنة قادمة مثلاً، فعلينا أن نركز على الحفاظ على الاستقرار الداخلي بالدرجة الأولى والتطور المنظم، أما إذا تطورت الأمور إلى (صدامات وعدم استقرار)، فإن مصلحتنا تقتضي أن تكون لنا قدم في كل معسكر (معسكر الأسرة ومعسكر الإصلاحيين).
بالنسبة إلى الأسرة، فإن مصلحتنا تقتضي مطالبة الشيخ بمنح تنازلات حكيمة للضغوط الاجتماعية المتزايدة، مثلاً في إصدار قواعد قانونية، وقد حققنا شيئاً من النجاح في إصدار قانون المرور، وإن كنا قد انتظرنا مُطوّلاً 3 سنوات لتحقيق ذلك.
ولن يكون سهلا إقناع الحاكم لتقديم هذه التنازلات، فهو مازال يلومنا على دورنا في السويس، وأنه لولا علاقته بالناس لما تمكن من السيطرة على الموقف، وأننا نسبب له دائماً الإحراج، لكن ربما نحقق نجاحاً أكبر مع الشيوخ الشباب، والحقيقة أن اعتمادنا سيكون على الشيوخ التقدميين في تحقيق الإصلاحات، أما الحفاظ على العلاقة مع الإصلاحيين فسيكون الأكثر صعوبة، وقد حققنا بعض النجاحات في السابق، لكن من دون أن نحصل على ثقتهم ومنطقهم الواضح بأنهم لن يضعوا أيديهم في أيدي البريطانيين، لأنهم الأمل للشيوخ في حال حدوث قلاقل، وقد انقطعت تلك الاتصالات نهائياً منذ شهرين ونصف الشهر، لكننا بدأنا نسعى إلى إعادتها مجدداً، وسيعتمد ذلك إلى حدِّ بعيد على الأحداث خارج الكويت، وأي تسوية في الشرق الأوسط'.
إذاً، فحكاية التطور السياسي مترابطة وليست معزولة أو منعزلة، كما أنها تتغير بموجب تغير الأحداث، فالثابت الوحيد في السياسة هو التغير.
تعليقات