ماذا لو كان من نشرت ' الداخلية' صوره بريئا؟

محليات وبرلمان

ضرورة للتحقيقات أم للترقيات, وكلام عن قانون يشترط الإدانه أولا

3441 مشاهدات 0


 حين تم القبض على مجموعة من المشتبه في تورطهم في حادثة الإعتداء على فتاة كويتية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي فيما عرف حينذاك بقضية طالبة المعهد التجاري، وتم نشر صورهم بالصحافة المحلية ثار جدل كبير حول مدى توافق نشر مثل هذه الصور مع المادة الدستورية ( مادة رقم 34) التي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهو الجدل الذي  إنتهى بتقديم أحد أعضاء مجلس الأمة بمقترح قانون لم يكتب له النجاح يحظر نشر المتهمين في الصحافة المحلية وغيرها من وسائل النشر طالما لم يكن هناك حكم نهائي وبات.
 
هذا الجدل مرشح ليعود بقوة هذه الأيام نتيجة لتوسع وزارة الداخلية في نشر صور متهمين لم تثبت إدانتهم إلى درجة القيام بنشر صور لإمرأتين إحداهما في أواخر العمر والأخرى في منتصف عمرها، وهو حدث لافت يرى البعض أنه يتضمن تجاوز للأخلاقيات المهنية التي تحظر ذلك، خصوصا إذا ما تعلق الأمر في النساء ما يطرح السؤال التالي على وزارة الداخلية وعلى الصحف المحلية : هل من الأخلاقيات المهنية القيام بتصوير متهمين لم تثبت إدانتهم بعد والقيام بتوزيع هذه الصور على وسائل الإعلام؟  وقيام رؤساء تحرير الصحف بالموافقة على نشر هذه الصور التي تكشف شخصية من فيها للمقربين وإن قامت الصحف أو الوزارة بتغطية موقع  العيون في الصور .
 
ورغم أن البعض يدعم نشر مثل هذه الصور ويجدها وسيلة عملية يتم خلالها ردع أمثال هؤلاء المتهمين وخصوصا في القضايا المتعلقة بالإتجار وتوزيع المخدرات، على إعتبار أن السجن قد لا يمثل الردع الكافي, إلا أن الرافضين لهذا الأمر يعتبرون أن الآثار الإجتماعية المترتبة على عملية التصوير هذه بمثابة عقوبة مبكرة لا يجب ان تفرض على أي متهم طالما لم يحكم بإدانته.
 
هذا الرأي يعتبره البعض معقولا خصوصا أن المتهمين في قضية طالبة المعهد التجاري تم تبرئة بعضهم، وتم العفو عن البعض الآخر، ما يشير إلى أن نشر مثل هذه الصور لم يكن لائقا ولم يكن سوى محاولة من وزارة الداخلية آنذاك لتهدئة الحملة الصحافية التي شنها االمناوؤن للجماعات الإسلامية لمطالبة الدولة بفرض وجودها, وهي الحملة التي إستغلت الحادثة لمحاولة ضرب هذه الجماعات والتخفيف من تواجدها النوعي والكمي المكثف في شتى المجالات في تلك الأيام، في مرحلة إعتبرت ذهبية للجماعات الإسلامية وهي مرحلة ما بعد التحرير التي إستمرت تقريبا إلى غاية العام 2008 ، حينما بدا واضحا أن زمام المبادرة لم يعد بيد هذه الجماعات.
 
حق التقاضي مكفول لكل متهم تثبت براءته أو عدم إدانته إذا ما شعر أنه تعرض للأذى نتيجة لعمليات التصوير هذه، خصوصا إذا إستطاع أن يثبت أن عملية التصوير والنشر لم تكن لدواع يتطلبها التحقيق وهي عملية ليست بالصعبة، فنشر الصور عادة لا يكون مبررا إلا حينما يكون للبحث عن مشتبه أما فيما عدا ذلك فمن الصعب جدا على من قام بهذا الأمر أن يجد له تبريرا معقولا .
 
يحصل في أحيان عديده ان يتورط شخص ما في قضية ما ولأسباب لا تتعلق به شخصيا ويثبت لاحقا أنه بريء من الإتهامات المنسوبة إليه وحينها لا يبقى من آثار القضية سوى عملية تصويره ونشر صوره وما يترتب عليها من آثار شخصية ونفسية كبيرة ما يجعل المجال مفتوحا للمطالبة بتعويض عادل .
 
ويرى البعض ان عملية نشر صور المتهمين في الكويت وخصوصا في الفترة الأخيرة يأتي من باب التنافس بين مسؤولي الأمن لمحاولة الظهور أمام مسؤولي الحكومة ومسؤولي وزارة الداخلية أنهم متفوقين في عملهم كي يحصلوا على ترقيات منتظرة ما جعل المتهمين الذين لم تثبت إدانتهم يتعرضون لعقوبة مبكرة قد لا يستحقونها حينما تثبت براءتهم لاحقا .
 
كما ان بعض المتابعين للشأن الأمني في وسائل الإعلام يستغربون القيام بنشر صور لمتهمين لم تثبت إدانتهم في قضايا معينة في حين لا تتم الإشارة في بيانات وزارة الداخلية لأسماء متهمين في قضايا لا تقل خطورة مثل قضية الإتجار بالإقامات التي نسبت لشقيق عضو سابق في المجلس البلدي، وهو تناقض يوضح مدى الإنتقائية في سياسة النشر التي تتبعها وزارة الداخلية .
 
 نشر صور لإمرأة لديها أحفاد أمر غير إعتيادي من شأنه ربما أن يفتح الأبواب مرة أخرى لإعادة تقديم إقتراح نيابي يحفظ للمتهم كرامته في الكويت، ويحصر العقوبة في المواد التي حددها قانون الجزاء ولا يجعلها تمتد إلى عمليات تصوير من شأنها إيذاء المتهم وعائلته نفسيا حتى قبل صدور حكم نهائي وبات.

الآن - خاص

تعليقات

اكتب تعليقك