عبر دراسة كشفتها 'اليونسكو'

عربي و دولي

نقص المياه يدفع سكان شمال العراق إلى النزوح

803 مشاهدات 0


 منذ عام 2005 اضطر أكثر من 100.000 من سكان شمال العراق إلى النزوح من مساكنهم بسبب النقص الحاد في المياه، وفقا لما جاء في دراسة لليونسكو. فنتيجة للجفاف وللإفراط في ضخ مياه الآبار انخفض مستوى طبقات المياه الجوفية مما أدى إلى تدهور خطير في تدفق المياه في القنوات القديمة المحفورة تحت الأرض والمعروفة في العراق باسمها الفارسي 'كارز' والتي يعتمد عليها المئات من المجتمعات المحلية.
 
توثق هذه الدراسة للمرة الأولى الآثار الناجمة عن الجفاف على نظم 'الكارز' التي اعتمد عليها آلاف العراقيين منذ مئات السنين للحصول على مياه الشرب ومياه الري.
 
وهذه القنوات (الكارز) المصممة خصيصا للمناخ الجاف تحتفظ بالمياه حتى في موجات الجفاف. غير أن دراسة اليونسكو تؤكد أنه مع بداية حلول الجفاف منذ أربع سنوات بلغت نسبة القنوات التي جفت 70%. ومن العوامل الرئيسية التي أسفرت عن هذا الجفاف الضخ المفرط لمياه الآبار بالوسائل الحديثة. وحتى شهر آب/أغسطس من هذا العام لم يعد في شمال العراق سوى 116 قناة جوفية من أصل 683 لا تزال توفر المياه للمنتفعين.
 
وقبل حدوث موجة الجفاف كان أكثر ما يشكل خطرا على نظم القنوات الجوفية في العراق هي الاضطرابات السياسية والإهمال. ولا يوجد اليوم في العراق إلا قلة من الناس الذين لديهم المعرفة اللازمة لصيانة تلك القنوات أو إصلاحها بما يجعل تدهورها يتفاقم.
 
وهذا التدهور السريع لنظم القنوات يسهم في دفع السكان إلى الهجرة بحثا عن مصادر جديدة للمياه. وتؤكد الدراسة أن تناقص السكان بلغ نسبة 70%  بين تلك المجتمعات المحلية المتأثرة بالجفاف منذ عام 2005. وفي 2008  شهدت قرية جفرون، وهي من أكثر القرى تأثرا بهذا الجفاف، نضوب 44 من قنواتها الـ 52 وبوار 113 هكتارا من الأراضي المروية هي مصدر قوتها الوحيد، بما دفع  معظم سكانها إلى هجرها.
 
هناك 36000 من السكان الآخرين على وشك النزوح إذا لم تتحسن بسرعة ظروف معيشتهم. فإلى جانب النذر اليسير من الماء الذي يأخذونه من القنوات الجوفية إنهم يضطرون إلى الاعتماد على خزانات المياه التي تملؤها القاطرات قاطعة مسافات طويلة ذهابا وإيابا، وعلى الآبار التي عليهم أن يستقوا منها المياه على أعماق متزايدة. والكثير من السكان ليس في مقدورهم تحمل العبء المالي لأي من هذين الخيارين.
 
نظرا إلى اعتماد المنطقة تاريخيا على المياه الجوفية ترى اليونسكو أن تدهور نظم 'الكارز' وما ترتب عليه من هجرة السكان يشكلان إنذارا مبكرا بشأن مشكلات خطيرة أخرى تتعلق بتزويد المنطقة بالمياه في المستقبل. ولئن كانت الدراسة الاستقصائية لم تأخذ في الحسبان المدن والقرى التي تعتمد على مصادر أخرى للمياه مثل العيون الطبيعية أو آبار الضخ فإنها تشير إلى أن هذه المجتمعات المحلية معرضة أيضا للخطر.
 
ووفقا لما يرد في الدراسة ينبغي اتخاذ تدابير عاجلة لمنع نزوح المزيد من السكان. وتقدر اليونسكو أن القناة الواحدة من شأنها أن توفر مياه الاستعمال اليومي لحوالي 9000 فرد ومياه الري لما يزيد على 200 هكتار من الأراضي الزراعية. وهذا يعني على المستوى الاقتصادي توفير 300 طن إضافي من الحبوب في السنة أو ما يعادل إدرارا للدخل قيمته 160.000 دولار بسعر السوق الحالي. وحددت الدراسة 50 جماعة محلية من شأنها أن تستفيد من أعمال إصلاح القنوات.
 
إن دراسة اليونسكو تزوّد حكومة العراق بأول عملية جرد شاملة تجرى لقنوات 'الكارز'. فقبل إجراء هذه الدراسة كانت المعلومات المتوافرة عن أعدادها ومواقعها وأحوالها معلومات قليلة جدا. وتوفر الدراسة زخما جديدا للنشاط الحكومي كما يمكن اتخاذها وسيلة للتوعية بنشوء الأزمة الإنسانية المرتبطة بالمياه وأهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه النظم في التخفيف من آثار تلك الأزمة.  وقد أجرى الاستقصاء لحساب اليونسكو الدكتور ديل لايتفوت رئيس قسم الجغرافيا بجامعة ولاية أوكلاهوما (الولايات المتحدة) والخبير الدولي المعروف في نظم ري 'الكارز'.
 
تعمل اليونسكو بالتعاون مع حكومة العراق منذ عام 2007 من أجل إصلاح نظم القنوات الجوفية هذه، وتزمع إطلاق 'مبادرة 'الكارز' الجديدة من أجل إنعاش المجتمعات المحلية' في عام 2010. وهو مشروع يهدف إلى مساعدة المجتمعات المحلية الريفية على إعادة بناء نظمها للري بالقنوات الجوفية وتحسين أحوالها المعيشية

الآن:فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك