الصين ترث أمريكا فأين نقف ؟
محليات وبرلمانأكتوبر 12, 2009, منتصف الليل 1876 مشاهدات 0
في التاسع من ابريل 2003م كانت عربات الهمر الاميركية Hammer تقود الدبابات التي دخلت بغداد واقتحمت ساحة الفردوس،حيث تم سحب تمثال الطاغية صدام من عنقه ليهوي منهارا ويصبح صدام مضرب للأمثال على قدرة الأمريكان في الوصول إلى ما يريدون. وتعود بداية الهمفي Humve كما يسميه العسكريون إلى عام 1983م حين طلب الجيش الأميركي سيارة عسكرية عالية القدرة متعددة الأغراض (High Mobility Multipurpose Wheeled Vehicles) ) فتمت صناعة 70 ألف عربة للجيش الأميركي في الخمس سنوات الأولى، لقد جذبت قوته وتصميمه جيل الشباب واندفاعهم ،فأخذت شركة جنرال موتورز الأميركية GM حق صناعة النوع المدني من هذه العربة تحت اسم H1 ثم H2. وصار الهمر Hammer رمز مرحلة التفوق الأميركي منذ مطلع العقد التاسع من لقرن الماضي.
وفي يوم الجمعة 9 أكتوبر 2009م تم التوقيع على صفقة يجري بموجبها حصول الشركة الصناعية الصينية تنغ زونغ Sichuan Tengzhong Heavy Industrial Machinery Co. على حق تملك ماركة سيارات همر الأميركية Hammer ذات الدفع الرباعي نتيجة المشاكل التي تعانيها شركة جنرال موتورز الأميركية GM . و لا يعتبر هذا الإجراء ومن وجهة نظر اقتصادية إلا صفقة ناجحة من مدراء الشركة للحصول على أثمان مناسبة لماركات الشركة التي يجري تقطيعها إلى عدة شركات اصغر، إلا أن الصفقة وتخلي الولايات المتحدة لرمز من رموزها لا يخلوا من دلالات واضحة على تغير اللاعبين على الساحة الدولية .
فقد احتفلت جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر 2009م بمرور 60 عاما على قيام الحكم الشيوعي،وتوقعت دراسات كثيرة تجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي ليصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول العام 2035.وقد توقع معهد كارنيجي Carnegie أن القوة المالية للصين ستمتد إلى كافة أبعاد العلاقات الدولية بما فيها القوة العسكرية والتأثير الدبلوماسي، وتابع التقرير الذي كتبه الخبير الاقتصادي ألبير كيدل أن الولايات المتحدة ستحتفظ بقوة تأثير ثانوية هامة لتصبح مثل أوروبا حاليا .
وفي ولاية كاليفورنيا التي تباهي بأنها صاحبة خامس أقوى اقتصاد في العالم وجدت انه تم إغلاق محل واحد من بين كل خمس محلات في شارع رئيسي في مدينة هيوارد على خليج سان فرانسيسكو، وصار سعر قنينة ماء الشرب الصغيرة 1.25 دولار،وعلبة السجائر 5.5 دولار، وهي نفس ماركة قنينة الماء التي تكلف في الكويت مائة فلس فقط،ونفس السجائر التي تكلف نصف دينار. من جانب آخر تعالت صيحات أهالي فيرمونت وتكساس وهاواي المطالبين بالاستقلال وبالانفصال عن الاتحاد الأميركي،الذي أثقل كاهلهم بضرائب تذهب لحرب العراق وأفغانستان وإصلاح خراب نيوأورلينز. كما شاهدت صدق توقع صامويل هننغتون بأن تفكك الولايات المتحدة لأسباب ديموغرافية بسبب تنوع الأعراق فيها اقرب مما يعتقد البعض. فأخلاق العمل البروتستانتية البيضاء وروح الرأسمالية التي كونت أمريكا الصناعية في النصف الأول من القرن العشرين قد انحصرت وحلت محلها اتكالية وإهمال وعدم دقة المهاجرين الجدد من اللاتينيين والهنود والشرق أسيويين والأفارقة الجدد.لقد اخترعت أمريكا العولمة بكل ماتعنيه من تبعات اقتصادية وثقافية وهاهي تدفع ضريبة ذلك نزفا من دمها، لقد أخذت الولايات المتحدة بالانحدار بالكساد والغلاء وفقدان أخلاق العمل التي قامت عليها .
تقول الدراسات إن الصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ،وثالث مستورد له بعد أمريكا واليابان.وتقول ان دول الخليج العربي تملك أكبر احتياط نفطي مؤكد.وان الصين تستورد ثلث وارداتها النفطية حاليا من دول الخليج. كما تقول إن حجم التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ أكثر من 80 مليار دولار أمريكي في عام 2008م ويشكل نسبة 70 % من إجمالي حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية ،وقد سعت الصين ودول الخليج إلى إنشاء منطقة للتجارة الحرة لترى النور في المستقبل القريب ، كما شملت المشاريع المقترحة بناء مخزونات نفط إستراتيجية، وبناء مصافي لتكرير النفط، عبر شراكة وتعاون بين الجانبين.وحسنا فعلت دول مجلس التعاون فخلق شراكة اقتصادية بين الطرفين هو اكبر ضمان لاستمرار التعاون المثمر، ولعل خير دليل على ترسخ هذه القناعة زيارة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الصين في العاشر من مايو الماضي لتوقيع عدة اتفاقيات تجارية.
على الساحة الدولية تظهر الكثير من المؤشرات أن الصين تسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة،ليس على المستوى الاقتصادي فحسب بل السياسي أيضا ففي كنفها تحتمي جمهورية إيران الإسلامية من العقوبات الدولية،وفي ظلها نمت وترعرعت كوريا الشمالية النووية،وبمساعدتها تجاوزت السودان الكثير من الإطماع الغربية الرامية إلى إسقاط حكومتها ثم تقسيمها. ولا نحتفل هنا بصعود الصين، كما لا ننوح على سقوط الولايات المتحدة، لكن لعبة الأمم تقول إن الصهاينة قد نجحوا قبيل منتصف القرن الماضي في القفز برشاقة من البارجة البريطانية المتهالكة إلى حاملة الطائرات الأميركية، وكانت النتائج كارثية بالنسبة لنا في العالم العربي والإسلامي، فهل ننجح في تحويل ما نملك من دولارات إلى عملة الصين الرسمية المسماة الرنمنبى Renminbi في الوقت المناسب ؟
تعليقات