القضية الإسكانية بين الإنجاز والتأخير

محليات وبرلمان

الآن 163 مشاهدات 0


تظل القضية الإسكانية واحدة من أبرز التحديات التي تواجهها دولة الكويت، حيث يعاني عشرات الآلاف من المواطنين من تأخر تخصيص الوحدات السكنية. 

ومع ارتفاع عدد الطلبات الإسكانية المتراكمة لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية، يقدر الخبراء أن هناك ما يقارب 100 ألف طلب في قوائم الانتظار، مما يعكس ضغطًا كبيرًا على السياسات الحكومية في هذا القطاع الحيوي.

منذ منتصف القرن العشرين، اعتمدت الكويت سياسات إسكانية تهدف إلى توفير السكن الملائم للمواطنين، مستفيدة من الثروة النفطية. لكن مع نمو السكان وتغير الاحتياجات، أصبحت هذه السياسات تواجه تحديات متزايدة. 

فقد ارتفع عدد السكان إلى حوالي 4.67 مليون نسمة وفقًا لآخر الإحصاءات، مما زاد الطلب على الأراضي والوحدات السكنية، خاصة بين الشباب المتزوجين حديثًا الذين يعتمدون على الدعم الحكومي.

تعمل المؤسسة العامة للرعاية السكنية على توزيع الوحدات السكنية بشكل دوري، حيث أعلنت في السنوات الأخيرة عن توزيع أكثر من 82 ألف وحدة خلال أربع سنوات، وهو رقم يعتبر الأعلى على مستوى دول الخليج. ورغم هذا الإنجاز، يبقى الانتقاد الأبرز متعلقًا بطول فترة الانتظار وبطء تطوير البنية التحتية في المشاريع الجديدة، مثل مدن الصليبية وتيماء، مما يثير استياء المواطنين.

تشهد أسعار الأراضي السكنية في الكويت ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصل سعر الأرض بمساحة 400 متر مربع في مناطق تبعد عن العاصمة بنحو 30 كيلومترًا إلى أكثر من 250 ألف دينار (حوالي 830 ألف دولار). هذا الارتفاع يجعل من الصعب على الكثيرين اقتناء سكن بشكل مستقل، مما يزيد الاعتماد على قروض بنك الائتمان التي لا تتجاوز 70 ألف دينار، وهي غير كافية لتغطية تكاليف البناء بالكامل.

تواجه المشاريع الإسكانية في المناطق البعيدة تحديات إضافية تتعلق بتوفير الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات. فعلى سبيل المثال، يشتكي سكان مدينة صباح الأحمد من نقص المرافق العامة، مما يدفع البعض إلى رفض السكن في هذه المناطق رغم توفر الوحدات. ويرى مختصون أن التوسع العمودي وإشراك القطاع الخاص قد يكونان الحل لتخفيف الأزمة.

 الحكومة تواصل معالجة هذا الملف بحذر، لكن غياب الحلول الجذرية يبقي التوتر قائمًا، مما يزيد تعقيد القضية الإسكانية.

تشير الخطط الحكومية الأخيرة إلى توجه نحو تسريع وتيرة المشاريع الإسكانية، مع التركيز على تقليص فترة الانتظار وتحسين البنية التحتية. ومع ذلك، يرى المراقبون أن النجاح يعتمد على تعاون أكبر بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، إلى جانب إصلاحات تشريعية تتيح مرونة أكثر في توزيع الأراضي والتمويل.

في الختام، تبقى القضية الإسكانية في الكويت مرآة تعكس التوازن بين الطموحات التنموية والتحديات الديموغرافية. 

فهل ستتمكن الحكومة من مواكبة الطلب المتزايد وتلبية تطلعات مواطنيها في المستقبل القريب؟ الإجابة قد تحدد ملامح المشهد الاجتماعي والاقتصادي في السنوات المقبلة.

تعليقات

اكتب تعليقك