#ناصر_القحطاني: سوريا العز

الأدب الشعبي

هي قصيدة بل معلقة شعرية معاصرة أكثر من رائعة للشاعر السعودي الكبير ناصر القحطاني، تتميز مضامينها بانسيابية الألفاظ دون أن يختل بها ميزان الشعرية كي تصل إلى وجدان كل المتلقين بتباين أعمارهم وأفكارهم، هي قصيدة تتناول أحداث ثورة سوريا منذ الشرارة الأولى، ويستعرض بها الشاعر المثقف تاريخ سوريا عبر استدعاءات تاريخية وشخصية مضيئة :

كنتي لاسطورة حطين
بوابة نصر ومعبار
كنتي للظاهر بيبرس
غمد المصقول البتّار

ويعود إلى صوت الرفض لما يلحق بسوريا وشعبها من مأساة على يد الحاكم الطاغيةوأتباعه:

واليوم انتي باتعس حال
مخطوفه بيد الأشرار

لكن الشاعر الشاعر الثائر على الطغيان وسلاحه الكلمة المؤثرة يمتلئ بشعاع الأمل في شعب حر يتطلع إلى مشارف الحرية:

لاولله مايطول الليل
مادام بمرباك أخيار

ويعرج الشاعر على تفاصيل الثورة منذ انطلاقة شرارتها سارداً بطولات هذا الشعب الأبيّ وتضحياتها في أسلوب شعري انسيابي هو الأسلوب السهل الممتنع ، سهل على القارئ تناوله ، ممتنع على الشعراء كتابة مايماثله،
ويتنبأ الشاعر بأن النصر قادم لامحاله ، وتصدق نبوءته ، فها هي سوريا تخلصت من قيود الاستبداد وأغلال الطغيان، وعادت "حرة في ظل الأحرار" :

والنصر بإذن الله جاي
بيد المعبود القهار

جاء النصر ياناصر وفرح به كل إنسان منصف يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، شكرا لك ولكل شاعر أضاء شعره بشرف التعاطف مع الثورة السورية العادلة، والتفاعل مع قضايا الشعوب المظلومة، ولاعزاء لشعراء الذات المنكفئة على الأنانية:

سوريّا يا أم الاحرار
سوريّا ياأم الثوار

يااحلى من جنات الدنيا
واعرق من كل الأمصارْ

أشغلتي ذاكِرْة الراوي
يااطول نشْرات الأخبار

علمتينا انّ التاريخ
يذكر دار وينسى دْيار

كنتي في كل الأزمان
مرصوده تحت المنظار

كنتي تحفه للفاروق
عرّب لك رسم الدينار

كنتي للسيف المسلول
دنياه وللبرزخ دار

كنتي غاده لليرموك
منها كل الغيد تْغار

كنتي لبنت الأزور وصفه
لاستنهاض اخت المغوار

كنتي "للمأمون" عْيون
ترعى الزينه والآثار

كنتي "للمتْوكل" بيت
تجري من تحته أنهار

كنتي للمتْنبي صوت
غنّى به حلو الأشعار

كنتي لاسطورة حطين
بوابة نصر ومعبار

كنتي للظاهر بيبرس
غمد المصقول البتّار

كنتي "للأطرش سلطان"
نار بوجه الاستعمار

كنتي لتْراب الجولان
روح تْحرك فينا الثار

واليوم انتي باتعس حال
مخطوفه بيد الأشرار

لاولله مايطول الليل
مادام بمرباك أخيار

محلى الموعد محلى العرس
موعد "درعا"وشهر آذار

زفوه اربع خمس اولاد
كانوا في عمر الأزهار

ثوره سجلها التاريخ
لصغار وماهم بصْغار

اللي ظلما الاستبداد
ضوّوها مثل الأقمار

قال الشعب: الكل يْريد
إسقاط عْصابة بشار

لا للصمت ولا للخوف
ولا للذل ولا للعار

حنا عْزاز وحنا اخيار
وحنا احرار وحنا كبار

فينا قهر وفينا صبر
وفينا عزم وفينا اصرار

ولنكتب عبر الحيطان
صحوة شعب ونفض عْبار

يسمعها ويقراها الكون
فوق شْفاه وفوق جْدار

من لحظتها لاح البرق
وجا للحريه إعصار

مهما يتْجبر جلاد
وين يروح مْن الجبار

يفرجها الله ياهل الشام
بالرجوىَ والاستغفار

انتو اللي عمّرتوا البيت
واجّرتوه أرخص إيجار

والمستأجر جازاكم
مثل النعمان وسنمار

قلنا كفّ وعفّ وضفّ
ودار ولفّ ولفّ ودار

كل اشويّ يمثل دور
يبو عنتر ياغوار

اليوم القصه ياشام
أكبر من لفت الأنظار

تحت الظلم وخط الفقر
راح اعمار وظل اعمار

نعش الاصلاح المزعوم
دقوا فيه آخر مسمار

يبقى السوري عالي راس
ماباقي شي وماصار

لن يسكت للثاير صوت
حتى اللي خلف الأسوار

يانحيا بْعزه يانْموت
ماعند الأحرار خيار

صبراً مع فقد الغالين
موعدهم دار الأبرار

والحره لو تفقد حُرّ
تنجب غير الحُرّ احرار

فليحيا العدل المنشود
وليسقط حكم الجزار

جند العزه في الفردوس
وجنود الباطل في النار

صدّوهم ردّوهم غصب
لين يْولّون الأدبار

وان مرّيتوا بالتمثال
طشوا بْوجهه سبع احجار

والنصر بإذن الله جاي
بيد المعبود القهار

عذراً ياسوريّا العز
مانقبل لانفسنا اعذار

انتي مْن ادنى الأدنين
حتى اقرب من سابع جار

اللي يجري ماهو عادي
وشلون نْغض الأبصار

تسوَدّ الدنيا في العين
مع بطش وكيد الفجّار

حنا ارباب الحل الصعب
وحنا اصحاب الدم الحار

مانقبل وحشية وحش
ومانرضى طعنة غدار

نبقى بنيانٍ مرصوص
في صف الشعب اللي ثار

لجل المبدا والإنصاف
نوقف في وجه التيار

لا جا للذمه تثمين
ولا جا للموقف تجار

تسقط كل اقنعْة الزيف
وتسقط عُبّاد الدولار

لم يُخلق صوت الأكرام
للشجب ول الاستنكار

واللي تفسدْه الأيام
لن يصلح بيد العطار

مزْبلة التاريخ تْشيل
المتْواطي والسمسار

صبّوا للصادح بالحق
أول فنجالٍ يندار

من فينا يمسي مرتاح؟
يامكثر اجراس الإنذار

والحرب الجايه لو جات
العاقل فيها يحتار

مدري فيها من "صفين"
ولّا فيها من "ذي قار"

يالله تدبيرك يارب
يالله سترك ياستار

واحفظ سوريّا الأمجاد
حرّه في ظلّ الأحرار