لبنان: القاضي الإصلاحي نواف سلام رئيساً مكلفاً للحكومة
عربي و دولييناير 13, 2025, 9:08 م 285 مشاهدات 0
المستحيل أصبح واقعاً في لبنان، هكذا لخّص الكثير من اللبنانيين ما شهدته الساحة السياسية، أمس، فبعد انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وإطلاقه عناوين إصلاحية وتغييرية في خطاب القسم، يتجه لبنان إلى تغيير سياسي كبير، بعد أن نال القاضي نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، والمعروف بتوجهاته الإصلاحية ونزاهته، الأصوات الكافية في الاستشارات النيابية الملزمة لتكليفه من جانب رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة جديدة.
وعلى وقع التغييرات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في سورية المجاورة، حيث سقط نظام بشار الأسد، الذي لطالما تدخل سلباً في لبنان، وتعرض نفوذ إيران لضربات كبيرة، يبدو أن هزيمة حزب الله السياسية قد اكتملت، حيث نجح سلام، الذي لطالما عارض الحزب وصوله إلى رئاسة الحكومة، من دون أي معركة، ومن دون الحاجة حتى إلى أي تصويت من قبل الحزب، الذي لم يسمّ أي شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة، في لوحة تختصر تراجع قدرات الحزب السياسية بعد أن خسر قيادته في حرب مع إسرائيل أفقدته كذلك الكثير من قدراته العسكرية وممر إمداداته عبر إيران.
واشتكى حزب الله من تعرضه لكمين، بعد أن بنى هو ورئيس مجلس النواب نبيه بري سرديتهما بشأن موافقتهما على انتخاب عون بعد معارضتهما له لأشهر طويلة على أنهما حصلا على تنازلات كبيرة في الملف الحكومي، ليتبين أن «الثنائي الشيعي» خارج معركة رئاسة الحكومة تماماً.
وفي تفاصيل يوم المفاجآت هذا، أن الحزب وبري كانا يشعران بارتياح لتسمية بعض أطراف المعارضة النائب فؤاد مخزومي مرشحاً لرئاسة الحكومة لأنه غير قادر على نيل الأغلبية المطلوبة لتكليفه، لكن قبل قليل من بدء المشاورات النيابية الملزمة التي بدأها عون في قصر بعبدا، أعلن مخزومي انسحابه لمصلحة سلام. وكان النائب إبراهيم منيمنة، وهو مرشح معارض آخر، قد أعلن في وقت سابق استعداده لسحب ترشيحه لمصلحة القاضي المعروف بخبرته الواسعة، والذي ينال قبولاً دولياً واسعاً، ويتحدر من عائلة بيروتية عريقة أعطت رؤساء حكومة للبنان، بينهم صائب سلام وتمام سلام.
وفي المبدأ، حصل سلام على أصوات 84 نائباً، بينهم الكتل النيابية التابعة لكل من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، والحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، وأصوات عدد من النواب السنة والنواب التغييريين، ليتجاوز الأغلبية المطلوبة وهي 65 نائباً من أصل 128.
وفي ضربة ثقيلة أخرى، رفض عون طلباً من حزب الله وحركة أمل لتأجيل استشارتهما حتى اليوم، الأمر الذي دفع الحركة والحزب إلى التراجع بعد قليل من إعلانهما طلب التأجيل والذهاب إلى القصر الرئاسي، حيث قال رئيس كتلة الحزب محمد رعد: «مرة جديدة يكمن البعض من أجل الإلغاء والإقصاء»، مضيفاً: «نعرب عن أسفنا ممن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية، ومن حقهم أن يعيشوا تجربتهم، ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية». وكان رعد يشير بذلك إلى عدم نيل سلام صوت أي نائب شيعي. لكن من المعروف أن حزب الله نفسه مرّر تكليف حسان دياب رئيساً للحكومة من دون أي صوت سني، فيما يمكن معالجة مسألة الميثاقية بتعيين وزراء شيعة.
ويرى داعمو سلام في وصوله إلى رئاسة الحكومة فرصة لإحداث تغيير في أداء المؤسسات الرسمية، وتنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب، الذي تعهد بـ«بدء مرحلة جديدة»، يكون للدولة فيها حق «احتكار حمل السلاح»، ويكون اللبنانيون جميعهم «تحت سقف القضاء والقانون».
ودعا النائب جورج عدوان، من كتلة حزب القوات اللبنانية المسيحي، في تصريح لصحافيين بعد تسمية الكتلة سلام، حزب الله إلى «الانخراط في العمل السياسي»، مضيفاً: «زمن السلاح ولّى إلى غير رجعة. ليتفضلوا إلى العمل السياسي... ونحن نمد أيدينا إليهم لنتعاون في بناء الوطن».
وقال النائب جبران باسيل، رئيس كتلة التيار الوطني الحر، الذي شكل حتى الأمس القريب الحليف المسيحي الأبرز لحزب الله، بعد تسمية سلام: «نرى فيه وجهاً إصلاحياً».
وكانت صحيفة «الأخبار»، المقربة من الحزب، عنونت في عددها الصادر أمس: «سباق رئاسة الحكومة: انقلاب أميركي كامل؟». وأوردت في تقريرها: «إذا ما سارت الأمور باتجاه تسمية القاضي نواف سلام من قبل أغلبية تجمع معارضي حزب الله ومعارضي ميقاتي والراغبين بتلبية رغبات الفريق الأميركي - السعودي، فهذا يعني أن الانقلاب الشامل قد حصل».
ولا يعني تكليف رئيس جديد تشكيل حكومة أنّ ولادتها باتت قريبة. وغالباً ما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهراً، بسبب الانقسامات السياسية والشروط والشروط المضادة في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة.
وكتب وئام وهاب، الوزير الدرزي السابق، الذي كان محسوباً سابقاً على حزب الله، أنه إذا لم يشكل سلام الحكومة خلال أسبوع «فعليه الاعتذار حتى لا يستنزف زخم العهد»، مضيفاً: «تنبهوا لمحاولة عزل الشيعة، هذه خطيئة كبيرة».
تعليقات