#كريم_معتوق: أسئلة متأخرة
فن وثقافةديسمبر 8, 2024, 6:17 م 463 مشاهدات 0
قصيدة رائعة- ساطعة للشاعر الإماراتي الكبير كريم معتوق يعبر بها عن أحداث سوريا ومستجداتها المتسارعة ، ويستنكر على الطاغية بقاءه في السلطة رغم كراهية الأغلبية الساحقة من الشعب السوري له.
البشرى ياكريم الحرف، فقد تخلصت سوريا العروبة من قيود الاستبداد وهرب سفاحها وقاتل أطفالها إلى حيث لارجعة، وعادت سوريا الحلم إلى شعبها المظلوم مرتدية ضياء الحرية، ودعاؤنا أن تستقر الأوضاع وتتآلف أطياف الشعب لبناء سوريا في فَجرها الجديد:
( 1 )
لمَ لمْ تكن رجلاً
لنكتبَ رسمكَ الموبوءَ في كتبِ الرِجالْ
العابرينَ إلى المدى، حُبًا
بأقبيةِ المحالْ
الجائعينَ لكلّ ذاكرةٍ
يُلوِّنُها الخلودُ مِن الجمالْ
لِمَ جئتَ تلعنُ ما بَنَتْهُ الشامُ في الحِقَبِ القديمةِ
ربما ثأرٌ برأسِكَ لا يزالْ
لمَ سرتَ مُفتتحًا
تُلَوِّثُ راحتَيْكَ بكلِّ ألوانِ الدماءِ مِن القتالْ
فكأنَّ أندلسًا أمامَك
جئت تحرُثُها بأكبرِ منجلِ
لمَ لمْ تُغادرْ كالكبيرِ "ابن علي"
( 2 )
لمَ لمْ تكن يومًا بشارة فرحةٍ
وأخذتَ اسمَكَ للخلودْ
فلربما يومًا ستكتُبُك القصائدُ
غيرَ ما كتبتْ يداكَ
وغيرَ ما نقشَتْ يداكَ على الجُلودْ
لمَ لم تقلْ أمضي كحُرٍّ ربما
بغدٍ أعودْ
بيدي ورودُ محبةٍ
ولربما جاءَتْ تعانِقُكَ الورودْ
بدلَ اختيارِكَ مَقْتَلي
لمَ لم تغادر حافظًا دَمَنا
كما صنع الرئيسُ "ابن علي"
( 3 )
لمَ لمْ تكن حرًا وترحلُ كالشتاءْ
أوَ ما رأيتَ شوارعًا لفظَتْكَ
أغنيةَ الرحيلِ وكل أفئدةِ الغناءْ
أوَما سمعتَ نِداءَ دَرْعَةَ أولاً
حِمصَ الأبيةِ تَرتَجي
أوَما انتبهتَ إلى النداءْ
أوَما سمعتَ قصيدةَ القاشوشِ
إذْ ألقى قصيدتَهُ لتَلْقَفَ شِعرَنا
كعصا النبيِّ المرسلِ
لمَ لم تلملمْ شنطةَ السفَرِ الأخيرِ وتنجلي
عنا..
كما رحلَ المسافرُ "ابن علي"
( 4 )
لمَ لمْ تلوِّحْ للمساجدِ بالوداع المرِّ
لما أعلنت تحت السماءِ نداءَها
لتطوفَ بالشامِ القديمةِ
ليس مِن ذكرى لديكَ فربما
أبصرْتَ مَن عَشِقوا بيوتَ الشامِ
واحتضنوا بحبٍ رملَها وسماءَها
وطلبتَ عفوَ الشامِ من حَجَرٍ بدوما
أو بأدلبَ والمعرةِ أو حماةَ
أضعتُ فيك العدَّ في المدنِ التي هُدِمتْ
على رأسِ العبادِ وتستردُّ بناءَها
لمْ تعتذر حتى ولو كذبًا لها
وبما ورِثْتَ من الدموعِ لكي تَرُدَّ بُكاءَها
كي لا تعاودَ مقتلي
وتغيبَ لا أَسفًا عليكَ
وليسَ مِن أسفٍ جناهُ "ابن علي"
( 5 )
لمَ لم تقلْ فينا خطابًا صادقًا
من غير ضحكتك الغبية
أو إشارتك الغبيةْ
أو حديثك عن نضالِكَ في العروبةِ
والصُمودِ وتحتَ قُبَّتِكَ القضيةْ
وبأنّ إسرائيل ، أمريكا عدوك
قد سئمنا كذبةَ البطلِ المناضلِ
في مجالِسِكَ الخفِيَّةْ
وبأنَّ لا صوتاً على صوتِ السلاحِ
وتلك في الوطنِ الرَزِيَّةْ
كانت تحاصرُنا بأرذَلِ مِشْعَلِ
قل واختصر "عفوًا فهمتُ، فهمتُكُم"
وارحل بوجهٍ مخجِلِ
صمتًا..
كما فرَّ الزعيم "ابن علي"
( 6 )
لمَ لمْ تجدْ سببًا وجيهًا للبقاءِ
ككل مَنْ عَدَلوا وغابوا في الرحيلْ
حكموا الشعوبَ بطيبةٍ
وبحكمةٍ كتبوا تواريخَ العدالةِ بالدليلْ
وبكا عليهم شعبُهم
لا مثلما يرجوهُ شعبُكَ أنْ يرى الرجلَ البديلْ
وبأنْ يراكَ بآخرِ الأدوارِ
في دور البطولةِ للقتيلْ
أو أن تكون وراء قضبانِ العدالةِ
تنحني خجلاً وإنْ لم تخجلِ
لتكونَ في منجى
كما رَحَلَ النجِيُّ "ابن علي"
( 7 )
لِمَ هكذا مِن غير أسبابٍ
تخَيَّرْتَ العدوَّ على الصديقْ
واخترت مما أنجبَ التاريخُ من قصصٍ
بها المعنى يضيقْ
وجعلتَ نيرونَ الغبي ذريعةً أخرى
لتبقى في البلادِ
فآمنت كفّاك في مدنِ الحريقْ
كيف انحدرتَ لمعجمِ الكلماتِ
والمعنى الذي بك لا يليقْ
لتُميتَ شعبًا أعزلاً بقنابلِ
من صنع فارسَ لم تصدقْ أنّ شعبَكَ قد يُفيقْ
ليردَّ زلزالاً بوجه زلازلِ
لمَ لم تُفارِقْنا كما صنع الفراقُ "ابن علي"
( 8 )
لمَ لم تقلْ عفوًا لمن ماتوا
ومَن في الحرب قد جُرحوا
وشاخوا بالنحيبْ
لمَ لمْ تجدْ سيلَ البراءة في عيونِ الطفل في درعا
وفي "حمزةْ الخطيبْ"
أوَ لم تكن حقًا طبيبْ
يشفي جراح الناسِ
كيف صنعْتَها بدمٍ مجوسيٍ وأسلحةِ الغريبْ
لتكونَ حفارَ القبورِ تُوزِّعُ الأكفانَ بالمجانِ
في عدلٍ عجيبْ
ومضيتَ تهدمُ منزلاً في منزلِ
كيف اختلفتَ عن الحكيم "ابن علي"
( 9 )
لمَ لمْ تكن شجرًا أنانيًا
خذ الثمرَ المحمَّلَ كلَّهُ واتركْ ظلالْ
للشعبِ يأمنُ فيه مِن منفى
ومِن حطبِ القتالْ
ومن احترابِكَ تخمةً للجوعِ
في البلدِ المخضَّب بالجمالْ
لمَ لمْ تكن ترتادُ غيرَ الاعتقالْ
أَوَلَمْ تكنْ أنتَ الوريثَ لكل ما سَخَتِ البلادُ
مِن الحصادِ مِن الغلالْ
قد كنتَ وحدَكَ مَن له حَقُّ القطافِ
كأنَّكَ الموْلى يُوَزِّعُ بالسلالْ
تُعطي وتمنَعُ لا نرى سببًا
يعلَّلُ أو يُقالْ
فكأنَّ ميراثَ الرئاسةِ مُنْزَلٌ لكَ مِنْ عَلِ
لمَ لمْ توزعْ ما ورثتَ كما تنازل "بِن علي"
( 10)
لِمَ لمْ تجد سببًا بتاريخ الغزاةِ العابرينْ
وككُلِّ مَن رحلوا
وترحلُ كالغُزاةِ الراحلينْ
أوَ لمْ تجدْ وقتًا لتقرأَ ما احتوى التاريخُ
مِن عِبَرٍ على مرِّ السنينْ
مَلِكٌ "بلندنَ" غادرَ العرشَ الكبيرَ
لأجلِ سيدةٍ أحبَّ
وسجَّلَ التاريخُ قصَّتَهُ بوردِ الياسمينْ
ملكٌ "بكابولٍ" تنَحَّى
مثلما "فاروقُ" غادرَ طائعًا مصرَ الحبيبةَ
وانحنى ملكًا حزينْ
ما كان آخرُهُم بتونس كان شعبًا مبتلى من مبتلي
لمَ لم تغادر خلسةً
ليلاً كما هربَ الرئيسُ "ابن علي"
( 11 )
إن جئتُ أعتبُ قلتُ يا جرحي مددْ
أوَ لم تجد أمًّا كأمِّكَ
تنجِبُ الأطفالَ تفرحُ بالولدْ
أوَ لمْ تجدْ شيخًا كجدِّكَ
يحرثُ الأيامَ في عُمرٍ تناثرَ كالزبدْ
أوَ لم تجد في عينِ طفلِكَ ضحكةً لغدٍ يجيءُ
وأنتَ تحرقُ كل غدْ
أرأيتَ ؟ كلّ ديانةٍ في الأرضِ
تلعَنُ مَن يُدَنِّسُ في قذارَتِهِ الجسدْ
أوَ لمْ تكن تبكي كما أبكي
على درعا البلدْ
أوَ لم تر الساروت أغنيةً
بها الشعب أتحدْ
أوَ لمْ تجدْ شيئًا يهزُّكَ للصلاحِ
ألمْ تجدْ، أوَ لمْ تجد، أوَ لمْ تجدْ
إن جئتُ أعتبُ قلتُ ها صبري نفدْ
تعليقات