بشْر بن عوانة في مواجهة الأسد !

فن وثقافة

رجا القحطاني 2248 مشاهدات 0


كتب رجا القحطاني:

هو بِشْر بن عوانة العبدي
من الشعراء الصعاليك ، وهؤلاء اكتسبوا تلك التسمية "الصعلكة" كونهم يعيشون في معزل عن الناس ،لأنهم مُطارَدون بسبب قيامهم بالسطو على أملاك الأثرياء على الرغم أنهم يمنحون تلك الأموال للفقراء ،
ومن الغريب أنهم يجمعون بين الشجاعة والكرم وسرقة الأثرياء!
ومنهم شاعرنا بشر بن عوانة وكان شجاعاً وقد ألّف قصيدة تُعدّ من روائع الشعر العربي مضموناً وصياغةً ولغة ،وفيها يصف صراعه مع أحد الأسود الذي صادفه في الطريق،
فقد كان بشْر يحب ابنة عمه ولما خطبها طلب منه والدها مهراً كبيرا"ألف ناقة" شريطة أن تكون من نوق خزاعة وكان عمه يريد التخلص منه،
توجه بشر إلى ديار خزاعة  عازماً على إدراك مراده بسلب النوق ،

وفي الطريق تعرض له أحد الاُسود، فلم يجد بشْر بدًّا من مواجهته وتمكن من قتل الأسد ، فنظم هذه القصيدة الرائعة مفاخراً وواصفاً مراحل الصراع،

وموضوع القصيدة لايماثله في الشعر إلا قصيدة أبي الطيب المتنبي الشهيرة التي وصف فيها صراع الأمير بدر بن عمار مع أحد الأُسود أثناء رحلة صيد والتي مطلعها:
ورْدٌ إذا ورَد البحيرة شارباً
ورَد الفرات زئيره والنيلا

، وقيل أن بشر بن عوانة شخصية وهمية اخترعها بديع الزمان الهمذاني حين روى حكاية بشر في إحدى مقاماته، لكن الأمر الأكثر الأهمية جودة القصيدة وقوة معانيها وجماليات الوصف فيها ،
وبمتابعة أبيات القصيدة سيكتشف القارئ بأي شئ استطاع بشْر بن عوانة التغلب على الأسد:

أَفاطِمَ لو شَهِدتِ ببطن خَبتٍ
وقد لاقى الهِزَبرُ أخاكِ بِشْرا

إذن  لرأيتِ  ليثاً  رامَ  ليثاً
هِزَبراً   أَغلباً  يبغي   هِزَبرا

تَبَهنَسَ إِذ تقاعسَ عنه مُهري
مُحاذَرَةً فقلتُ عُقِرتَ مُهرا

أَنِل قَدَميَّ ظهرَ الأَرض إِنِّي
وجدتُ الأَرضَ أَثبَتَ منكَ ظَهرا

وقلتُ  له وقد أبدى  نِصالاً
مُحدَّدةً   ووجهاً   مُكفَهِرّا

يُدِلُّ  بِمِخلَبٍ  وبحدِّ  نابٍ
وباللَّحَظاتِ تَحسَبُهُنَّ جَمرا

وفي يُمنايَ ماضي الحدِّ أَبقى
بمضربه قِراعُ الخَطبِ إِثرا

أَلَم يَبلُغكَ ما فعلت ظُباهُ
بكاظمةٍ غداةَ لَقِيتُ عَمرا

وقلبي مثلُ قلبكَ لستُ أَخشى
مُصاولةً ولستُ أَخاف ذُعرا

وأَنتَ ترومُ للأشبالِ قُوتاً
ومُطَّلَبي لبنتِ العمِّ مَهرا

ففيمَ تَرومُ مثلي أَن يُوَلّي
ويتركَ في يديكَ النفسَ قَسرا

نَصَحتُكَ فالتمس يا ليثُ غيري
طعاماً إِنَّ لحمي كان مُرّا

فلمّا  ظنَّ أَنّ  الغشَّ  نُصحي
وخالَفَني  كأنّي  قلتُ  هُجرا

مشى ومَشَيتُ من أَسَدَينِ راما
مَرَاماً  كان  إذ طَلَبَاهُ  وَعرا

يُكفكِفُ غِيلةً إحدى يديه
ويبسُط للوثوبِ عَلَيَّ أُخرى

هَززتُ له الحُسامَ فَخِلتُ أَنّي
شققتُ به لدى الظلماء فَجرا

وَجُدتُ  له بطائشةٍ  رآها
لمن كَذَبَتهُ ما مَنَّتهُ غَدرا

بضربةِ فَيصَلٍ تركتهُ شَفعاً
وكان كأنَّهُ  الجُلمودُ  وِترا

فَخَرَّ  مُضَرَّجاً بدمٍ  كأنّي
هَدَمتُ به بِناءً مُشمَخِرّا

وقلتُ  له يَعِزُّ  عليَّ   أَنّي
قتلتُ مُناسِبي جَلَداً وَقَهرا

ولكن رُمتَ شيئاً لم يَرُمهُ
سِواكَ فلم أُطِق يا ليثُ صبرا

تُحاولُ  أَن  تُعَلِّمني   فِراراً
لَعَمرُ أبي لقد حاولتَ نُكرا

فلا تَبعد لقد لاقيتَ حُرّاً
يُحاذِرُ أن يُعابَ فَمُتَّ حُرّا


***
-بطن خبْت: بطن أرض متسعة
-تبهنس: تبختر في مشيه
-ماضي الحدّ: السيف
-ظُباهُ : حدُّهُ ، حدُّ السيف

تعليقات

اكتب تعليقك