عندما يُربّي الأبناء الآباء بقلم: أحمد جار الله
فن وثقافةالآن أغسطس 21, 2024, 9:28 م 1745 مشاهدات 0
في الماضي
عندما كان المراهق يفكر بالتدخين فإنه يبدأ هذه المرحلة سريا مع اخذ التحوطات اللازمة لعدم اكتشاف فعله الخطير ولاسيما من دون علم اهله وبمعدل نصف سيجارة أو واحدة أو اثنتين في اليوم
وغالبا ما تكون خارج البيت مع رفاق السوء ثم تليها مرحلة اقتنائه سرا لعلبة سجائر كاملة يخفيها عن الانظار كما يحرص على استخدام العطور كي لايكتشف اهله رائحة السجائر الكريهة المنبعثة منه ..ومن ملابسه ..
اما مرحلة كشفه فغالبا ماتكون من الأم التي تعلم بحرصها وفراستها أن ابنها يدخن السجائر في لحظة ما فتواجهه ب ( شتيمة محترمة ) وتهدده بابلاغ الأخ الكبير أو الأب في حال لم يمتنع عن التدخين ..
وتستغرق هذه المرحلة السرية وكشفها خمس سنوات تقريبا ..
ثم تأتي المرحلة الأخطر حين يكتشف الأب الأمر عبر وشاية من أحد أصدقاء ابنه وحينذاك تتم معالجة الموضوع مباشرة ب( راچدي) محترم من كف الأب على وجه الابن الصامت الخجول يجعله إما أن يترك التدخين نهائيا ويعتذر ..والا إمست حملة ضربه اشتراكية وشعبية من الأب والابناء الكبار ..
أو أن يتدخل طرف وسيط مثل العم أو الخال في القضية ويشترطون على المراهق الذي أصبح شابا أن يدخن قليلا لكن ليس أمام والده أو في البيت ..فثمة شيء من الاحترام مازال باقيا في ذلك الزمن للأب ..
وبعضهم حتى بعد زواجه يخجل من التدخين أمام والده ..
اما في زماننا الديمقراطي فإن المراهق يبدأ التدخين علنا أمام والديه وبكل وقاحة ودون المرور بالمرحلة السرية أو مرحلة ( المواجهة مع الأم ) ولا مرحلة الراچديات من كف الأب ..
وانما يبدأ علنيا وليس بالتدريج من السيجارة بل مباشرة من النرجيلة القبيحة المظهر
التي يضعها أمام الأب ويبدأ التدخين بروائحه الكريهة صحيا وذوقيا
أمام والديه الصامتين الخائفين منه ومن زعله ...أو خدش شعوره المرهف ..
فهو من يربيهما الآن ..وعليهما طاعته والبر به وتجنب التأفف منه ...وتوفير مصرف النرجيلة والانترنت والسكن المريح والدلفري واذا شعر بالضجر فجأة فإن مفتاح السيارة الحديثة تحت تصرفه ليخرج بها عابثا في الشوارع بسرعة جنونية ...
بينما يتوجه الاب إلى المسجد صامتا مقهورا على حاله مع ولده .. ليؤدي صلاة العشاء ..
وتختم الأم المسكينة المصحف مرتين في ليلتها تدعو بالهداية لابنها ...قبل عودة ابنهم الهمام فجرا إلى البيت ...بعد سهرة حمراء مع اصدقاء السوء ..
وياويل الوالدين من انتقاده أو مساءلته أين كان ومع من يسهر !
تعليقات