#شعر | #كريم_معتوق : الشرح مفسدة البلاغة
فن وثقافةالآن أغسطس 15, 2024, 6:01 م 1465 مشاهدات 0
قصيدة رائعة للشاعر الإماراتي الكبير كريم معتوق يطرح من خلالها فكرة جديدة لم يتناولها الشعراء في قصائدهم وهي تساؤل فلسفي هل شرح النص الأدبي يفسد جماليات المضمون أم أن القصيدة أو القصة أو الرواية يُستمتع بقراءتها وتذوق رؤاها الجمالية بغلالة من الغموض في لحظتها دون أن يتدخل الناقد تدخلاً سلبيًّا في تأويل صورها البلاغية بما يتعارض مع رؤية الكاتب. بيد أن كريم معتوق يعمّق قصيدته باستدعاء شخصيات أدبية وتاريخية في كينونة شعرية من منظور ذاتي:
في الليلِ إنْ نامتْ جميعُ الكائناتِ
تقومُ حولي الأسئلَةْ
وتَصيحُ في حُزنٍ كما تنْعَى الهنودُ الحُمْرُ
قَتْلاها صُراخاً للجِبالِ
مِن الدُّروبِ المُقْفَلَةْ
ورَجَوْتُ أنْ يَأتي يُشارِكني النَّحيبَ
السابِقونَ
صرَخْتُ يا دَرْويشُ يا غسّانُ يا ناجي ( 1 )
وأيْنَكَ حَنْظَلةْ
لي في مقامِ الموْتِ قافِيةٌ ، طُقوسٌ
لستُ أعرفُ بَدْأَها
يأتي بِحُزْمَتِها العَويلُ
وفي حقائِبِها تُخبِّئُ زلزَلَةْ
للهِ مِن موتٍ يُطلُّ برأسِهِ
وبغَزةٍ كم ألفِ رأسٍ قد يُطِلُّ
وقد يضِلُّ المرْءُ
ها إنّي نسيتُ مِن الضلالِ البَسْمَلَةْ
ولذا سيخْتارُ القَتيلُ مَماتَهُ
والحُزنُ يَختارُ الضحِيَّةَ
لم أجِدْ موتاً جديراً بالحياةِ كأنَّما
يختارُ موتٌ مَقْتَلَهْ
ومُمثِّلٌ عرَفَ النهاياتِ استعانَ لآخِرِ الأدْوارِ
كي ينجُو بِعُرْيِ مُمَثِّلةْ
لم يبْقَ مُتَّسَعٌ لتَدْخُلَهُ الوَلائِمُ
كلُّ شيءٍ ضاقَ إلا الموتُ
لمّا غادَرَتْ سُحُبُ المُروءَةِ ، نَجْدَةُ الملْهوفِ
قاطِرَةُ الإباءِ مُعَطَّلَةْ
لم يبقَ مِن سرْدِ البُطولَةِ ما يَرى التاريخُ
قد غابَ المُهَلَّبُ والمُهَلْهَلُ في ذُرَى التاريخِ
مُذْ ناحَتْ عليهِ مُهَلْهِلَةْ
وجهانِ لي كالعُملةِ الصمَّاءِ
تقْلبني المواجِعُ مرَّةً "مَلِكاً " فَأهْدَأُ حينَها
و"كتابَةً " تأتي بهيئَةِ مِقْصَلَةْ
يا شرْحُ لا تَفْضَحْ تفاصيلَ الحِكايَةِ
دَعْ لها شيئاً مِن الإبهامِ
لم يكمِلْ حِكايتَهُ الغُموضُ
وأنتَ تبحَثُ عن صِلَةْ
يا شرْحُ مِن زَمنٍ تَجيءُ
كأنَّكَ العَبَثُ المُقيمُ
أُريكَ ما تَرَكَ الخَرابُ بدَفْتَرِ الأعمارِ
فَلْتَصْمُتْ قَليلاً كي يُجاوِرَكَ احترامُ المرْحَلَةْ
يا شرْحُ ها صَدري عليهِ
سنابِلُ الأحزانِ عاليةً إلى سرجِ الشموخِ
وقد أضَعْتَ مِن التوازُنِ مِنْجَلَهْ
فكأنَّ قابِلةً تَدورُ وليسَ من حَبَلٍ
لتُنْجِبَنا الفَضيلَةُ طِفلةً مِن عزَّةٍ
وحِمَتْ عليها الكِبرياءُ
وخطَّها التاريخُ ، صاغَ الأمثلةْ
أنا ما أضَعْتُ على الطريقِ البَوْصَلَةْ
في الليلِ سامَرَني ( المُجَلْجِلُ )
ما ارْتَضَى بالنومِ إلا أنْ يخُطَّ قَصيدَةً
يبكي بها ، فبكَيْتُ مُقْتَفِياً خُطاهُ بزفْرَةٍ
وبِنا الدَّواةُ مُبَلَّلَةْ
____________
1 - محمود درويش ، غسان كنفاني ، ناجي العلي
.حنظلة الرمز الذي كان يضعه الراحل ناجي العلي في
رسوماته للكاريكاتير
تعليقات