أ. د عبداللطيف بن نخي: مناشدة ثانية إلى اللجنة العليا للطاقة

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 1357 مشاهدات 0


في مقال سابق عنوانه «مناشدة إلى اللجنة العليا للطاقة» ناشدت اللجنة العليا للطاقة توظيف الخيارات والبدائل المتاحة ضمن إدارة الطلب على الكهرباء «Demand-Side Management» لتعزيز أمن الطاقة في الكويت. وتحديداً، ناشدتها الايعاز إلى وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجدّدة لاستعجال إصدار قرار مأمول بإلزامية تواجد مُدقّق للطاقة في المباني والمرافق العالية الاستهلاك، التي يزيد استهلاك الكهرباء فيها على مقدار سنوي أو معدّل أقصى تُحدّدهما الوزارة.

واليوم، لنفس الغرض الإستراتيجي، ألا وهو تعزيز أمن الطاقة في الكويت، أناشد اللجنة العليا للطاقة العمل على توفير خدمات تدقيق استهلاك الطاقة في المباني السكنية، تكون مجانية (أو بسعر مُخفَّض) بالمستويين الأول والثاني لمرّة واحدة لكل مبنى سكني، وتتجدّد هذه المنحة مع كل تجديد جذري للبناء أو أنظمته المستهلكة للطاقة. وفي الوقت ذاته، أناشدها تأسيس منظومة متكاملة لحوكمة أنشطة تدقيق استهلاك الطاقة في المباني والمنشآت.

جميع المُناشدات الواردة في المقالين (السابق والحالي) إلى اللجنة العليا للطاقة مُشتقّة من ممارسات سارية في العديد من دول العالم، من بينها دول عربية وخليجية. المشترك بين مُخْتَلف هذه الممارسات هو كونها محكومة بمنظومة حكومية شاملة واسعة، ولكنها تتباين في تفاصيل المنظومة بما يتوافق مع خصوصيات كل دولة.

لذلك، سأكتفي في هذا المقال بالإشارة إلى جزئيّات من تجربة الجمهورية التونسية في مجال التدقيق على كفاءة الكهرباء في المباني والمرافق بالقطاعات غير السكنية، وإلى جزئيّات من تجربة المملكة العربية السعودية في مجال التدقيق على كفاءة الكهرباء في المباني السكنية.

في تونس، وفق البيانات المتاحة في موقع الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة (الجهة المعنية بتصميم وتنفيذ سياسة الدولة في مجال التحكّم في الطاقة) على شبكة الإنترنت، «يعتبر التدقيق الطاقي إجبارياً للمؤسسات التابعة للقطاع الصناعي والتي يساوي إجمالي استهلاكها للطاقة 800 طن مكافئ نفط أو يزيد. ويشمل هذا الالتزام أيضا المنشآت التابعة لقطاعي النقل والخدمات التي يبلغ إجمالي استهلاكها للطاقة ما يعادل 500 طن مكافئ نفط أو يزيد. ويبقى التدقيق الطاقي سارياً لمدّة 5 سنوات». «ولا بدّ أن يتم التدقيق الطاقي من قبل خبير مُدقق مؤهّل مع احترام كَرّاسات الشروط القطاعية التي أعدتها الوكالة». «في حين يمكن للمؤسسات الراغبة في إجراء تدقيق طاقي وفق الإجراءات الواردة أدناه أن تستفيد من منحة بقيمة 70 في المئة من تكلفة الاستشارة وبسقف 30 ألف دينار» تونسي، أي ما يقارب 3 آلاف دينار كويتي.

وفي السعودية، أطلق المركز السعودي لكفاءة الطاقة منصّة «تدقيق الطاقة»، التي توفر خدمة تدقيق كفاءة الطاقة بالمستوى الأوّل، من قبل مُدقّق «مُستقل» مُرخّص، لملّاك المباني السكنية المهتمين بكفاءة الطاقة. ويأمل المركز أن تساهم هذه المنصّة في تحقيق هدفين إستراتيجيين، هما: التشجيع على العمل الحر، وزيادة كفاءة الطاقة في القطاع السكني.

وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق هذه المنصة جاء ضمن طيف من مبادرات المركز الرامية إلى تحسين وازدهار خدمات الطاقة في المملكة. حيث أطلق المركز مجموعة من المنصات الإلكترونية الخاصّة بقطاع تدقيق كفاءة الطاقة. كما أصدر المركز مجموعة من الوثائق المنظّمة، من بينها لائحة محدثة للترخيص لمقدمي خدمات كفاءة الطاقة، ولائحة مدققي الطاقة «المستقلين»، والنسخة المحدثة من «الدليل الوطني للقياس والتحقق».

الشاهد أن منظومة «حوكمة قطاع كفاءة الطاقة في المباني» واسعة، ممتدّة إلى عدّة جهات حكومية (كوزارتي «الكهرباء والتجارة») وغير حكومية. لذلك، مناشداتي مُوجّهة إلى اللجنة العليا للطاقة، لقيادة جهود إعداد دراسة متكاملة بشأن مشروع تأسيس منظومة وطنية لحوكمة قطاع كفاءة الطاقة في المباني والمنشآت، ثم تسويق المشروع في مجلس الوزراء الموقر... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك