الحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الذكرى ٣٤ للغزو: ما آلت إليه أوضاع البلاد هو النقيض تماماً للكويت التي ضحى من أجلها الشهداء والأسرى والمقاومون
محليات وبرلمانأغسطس 2, 2024, 12:54 م 260 مشاهدات 0
تحلّ الذكرى الرابعة والثلاثون لغزو النظام العراقي السابق بلادنا الكويت واحتلالها، وفي هذه المناسبة لابد أن نستذكر أبناء الوطن الذين روّوا بدمائهم أرض الكويت دفاعاً عن حريتها وفداءً لاستقلالها، كما نستذكر تضحيات ألوف الأسرى من العسكريين والمدنيين، ونستذكر معها بطولات المقاومة الباسلة، وتلك الوقفة الوطنية الجماعية الشجاعة للشعب الكويتي في وجه قوات الغزو والاحتلال العراقي تمسكاً بحرية الكويت وسيادتها وشرعيتها الدستورية، كما نستذكر معاناة شعبنا الصامد داخل الوطن والمشرّد في المنافي طوال الأشهر السبعة للاحتلال، ولا ننسى تلك الوقفة المشرفة لأبناء الكويت في المؤتمر الشعبي الكويتي في جدة عندما توحّد الكويتيون جميعاً حول هدف التحرير والتمسك بالسيادة الوطنية وتوافقوا أميراً وحكومةً وشعباً على عودة العمل بالدستور وعودة الحياة البرلمانية.
ولكنه من المؤسف أنّ تمر كارثة وطنية كبرى بحجم كارثة الغزو والاحتلال دون أن يُحاسب عن مسؤولية التقصير فيها والتهاون والتراخي عن مواجهتها أي مسؤول حكومي أو عسكري.
ويؤلمنا أنّه بعد أربعة وثلاثين عاماً على تلك الكارثة لا يزال هناك مَنْ يحاول شقّ لحمة النسيج الوطني الاجتماعي للكويتيين، الذين ضربوا أروع الأمثلة في التاريخ على وطنيتهم، فيحاول أن يسيء إلى هذه الفئة أو تلك من فئات المجتمع الكويتي ويرفض الإقرار بمبدأ المواطنة الدستورية المتساوية للكويتيين جميعاً، هذا ناهيك عمن لا يزال يتنكر لشهداء الكويت وأسراها من الكويتيين البدون، هذا في الوقت الذي لا يزال فيه يتم تجاهل ضرورة الحلّ الإنساني القانوني النهائي العادل لقضية الكويتيين البدون.
والمؤسف أيضاً أنّه على خلاف ما كان مؤملاً بعد اندحار قوات الاحتلال بأن يُعاد بناء الكويت الجديدة على أسس جديدة، فقد جرى التراجع عن مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، الذي رسم دستور ١٩٦٢ ملامحه الأساسية في حدودها الدنيا، وهناك حالة تَنَكّر غير مقبولة لمبادئ النظام الديمقراطي وقيم الحرية والمساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ويقابلها تشجيع متعمد وتكريس مقصود لقيم الأنانية والاستحواذ والتنفيع، التي تتناسب تماماً مع الطبيعية الريعية للاقتصاد والأنشطة الطفيلية لرأس المال، بما يساعد على تبرير الفساد وتقبّله والتعايش معه.
هذا غير التراجع الملحوظ في مجالات التعليم والصحة والخدمات الأساسية وتردي البنية التحتية وتفاقم مشكلات السكن والغلاء وتراجع مؤشر مدركات الفساد، يضاف إليها تراجع مؤسف على مستوى حرية الرأي والتعبير.
إن ما تردت إليه أحوال البلاد هي النقيض تماماً لما يفترض أن تكون عليه الكويت التي قدّم الشهداء في مواجهة الغزو والاحتلال أرواحهم فداءً لحريتها؛ وضحى المقاومون والأسرى والصامدون داخل الوطن وعانى الصابرون خارجه من أجل تحريرها وإعادة بنائها.
إنّ حالة التردي العام وتفاقم المشكلات العامة إنما هي نتاج طبيعي للنهج الحكومي المتبع للحكومات المتعاقبة في إدارة شؤون الدولة وسوء سياساته وخياراته، وعجزه عن انجاز عملية البناء الوطني والتقدم والتطور الديمقراطي المتسق والعدالة الاجتماعية في ظل تحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقوى الاجتماعية المتنفذة... وهذا ما يجب أن تتضافر جهود القوى الشعبية الحيّة للعمل على وضع حدٍّ له والعمل على تصحيح مسار الدولة عبر إصلاح شامل يبدأ بالإصلاح السياسي الديمقراطي في ظل مناخ تسوده الحرية وضمن التزام باحترام الأسس الدستورية.
عاشت الكويت أبد الدهر وطناً حراً ديمقراطياً لجميع أبنائه… وطناً للمساواة وللعدالة الاجتماعية.
تعليقات