عبدالعزيز الفضلي: غزّة... وأبو طالب!

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الفضلي 235 مشاهدات 0


بعد ظهور الإسلام في مكة، توجه بعض زعماء قريش إلى أبي طالب، عم الرسول عليه الصلاة والسلام، فشكوا له من دعوة ابن أخيه، وتمرّده على معتقداتهم، وتسفيهه لآلهتهم، وعرضوا عليه الأموال والزوجات والمنصب ليترك دعوته أو أنهم سيواجهونه بالسلاح.

طلب أبو طالب من ابن أخيه أن يتخلّى عن دعوته حفاظاً على نفسه، ولكي لا يحمّل أبو طالب ما لا يحتمل من مواجهة قومه!

فظن الرسول، عليه الصلاة والسلام، أن عمّه سيتخلّى عن نصرته، فحزن، لكنه أجاب بكل ثبات ويقين: (يا عمّ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، ما تركته حتى يظهره الله أو أهلِك دونَه).

فلما رأى أبو طالب ثبات ابن أخيه قال: (اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أُسلِمُك لشيء أبداً).

فلما لم تفلح هذه الطريقة لثني النبي، عليه الصلاة والسلام، عن دعوته، لجأت قريش إلى سلاح التجويع، فحاصرت الرسول وأصحابه في شِعب أبي طالب ثلاث سنوات، منعت عنهم إدخال الطعام، حتى بلغ بهم الضيق والشدة أن يأكلوا أوراق الشجر

لكنهم لم يتنازلوا وظلوا ثابتين حتى تم فك الحصار.

بعض أحداث السيرة نرى لها شَبهاً من بعض الأوجه لما يجري في غزة وفلسطين.

فـ«حماس» والمقاومة في غزة بعد أن قويت شوكتهم، جاءتهم المُغريات عبر وسطاء للتخلي عن سلاحهم، وإلّا فإنهم سيواجهون بالتدمير.

فكان الجواب: «لن نترك السلاح والدفاع عن الأرض والمقدسات حتى يحقّق الله تعالى النصر أو نهلِك دونه».

استخدم الصهاينة سلاح التجويع، فحاصروا قطاع غزة لأكثر من 17 عاماً، لكن المقاومة والحاضنة الشعبية أبت التنازل أو الاستسلام.

شنّ الصهاينة حروباً متكرّرة، وأهل غزة شعارهم «إنه لجهاد نصر أو استشهاد».

ويحق لنا أن نطرح تساؤلاً على الأمتين العربية والإسلامية:

ألا موقف كموقف أبي طالب؟

ألا موقف لنصرة المقاومة بالوسائل الممكنة والمتاحة؟

ألا موقف لفك الحصار وإدخال المساعدات؟

إنني على يقين بأن الله تعالى الذي أرسل دودة «الأرضة» لتأكل صحيفة المقاطعة الظالمة، وتَفُكّ الحصار عن الرسول وأصحابه، سَيَفُكّ الحصار عن أهل غزة وينصرهم على عدوهم إن عاجلاً أو آجلاً.

وإني لأدعو كل مسلم أن يسأل نفسه: هل أنت راض عن مستوى نصرتك لإخوانك في غزة؟

فإن كنت راضياً فاستمر، وإن شعرت بالتقصير فاستكمل.

«واللهُ غالبٌ على أمره ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون».

تعليقات

اكتب تعليقك