د.تركي العازمي: ما بعد الوفاة...!

زاوية الكتاب

كتب د.تركي العازمي 329 مشاهدات 0


في أول أيام العيد كنت أتحدّث مع عمي سلمان، وابتسامته المعهودة لا تفارق محياه... ويوم السبت الماضي بعد صلاة المغرب توفي، رحمة الله عليه... و«إنا لله وإنا إليه راجعون»، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها.

اتقوا الله في أنفسكم وذويكم ومحبيكم قبل أن يأتيكم «هادم اللذات»... وقال عز من قائل «كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت» فلا تغرنّك الصحة والعافية وزُخرف الحياة التي تتمتّع بها أو النفوذ الذي تحتمي به وتبطش بهذا وتكذب ذاك وتخون غيره.

فمقال الأحد الماضي المعنون بـ«أصدقني القول» كنت أقصد منه توجيه للقلوب «الساهية» التي في بعض الأحيان تسبح في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي وتتبع هواها لتوقع الضرر دون قصد في إخوان لهم ولم يجدوا رادعاً يوقفهم عند حد إشاعاتهم وأخبارهم المفبركة والتي بعضها من باب التخمين أو البحث عن الشهرة...!

إنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال في الحديث «إيّاكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النار»... وليس بمقدورنا عمل شيء، قدمنا النصيحة تلو الأخرى ولا نملك وسيلة ثانية في ثقافة يسود فيها الرويبضة.

ما بعد الوفاة... أنت وعملك فقط وأمامك حساب من رب لا تغيب عنه مثقال ذرة.

إن أخطأت فأكثر من الاستغفار وعُد إلى الصواب وعليك بالصدق فهو السبيل الأوحد للنجاة.

الغريب أنه في المقبرة وأثناء دفن عمي سلمان، رحمة الله عليه، أشار صديق عزيز إلى قبر زميل له وقال «تدري بو عبدالله إنه توفي وما حصل على القرض الحسن لاستكمال بيته وغيره للعلاج أو خلافه من حوائج الدنيا... رحمة الله عليهم».

قلت لصاحبي... إن الأرزاق بيد الله عز شأنه ومن ينتظر أن تفرج كربته من العباد فهو واهم حد الوهم كون الفرَج والرزق بيد ربٍّ كريم.

صحيح إننا نعتب لتأخر اتخاذ قرارات منطقية جداً كالقرض الحسن وغلاء المعيشة حيث كل شيء ثابت وأُشبع دراسة والله نسأل أن يهدينا إلى حُسن السبيل.

وقبل فترة كان يسألني أحد رواد الديوانية «بو عبدالله... أنت تبحث عن المثالية وهذا صعب فالكل يعرف انه يوجد عندنا (مصالح وعلاقات)»

طيب... وين المشكلة؟

الشاهد أننا نستطيع بلوغ المثالية (بلد صغير، ثروة كبيرة، شعب مخلص وطيب، وكوادر على أعلى مستوى من الاحترافية وتكنولوجيا توفر لك كل شيء) ودورنا فقط يقتصر على توجيه النصيحة... إن أخذوا بها منا أو من غيرنا فلهم الشكر وإن لم يفعلوا ذلك فبعد الوفاة سيجدون الحساب «وقِفوهم إنّهم مسؤولون».

الزبدة:

إنّ الموت حق... فاعمل لآخرتك واصدق القول ووجّه النصيحة وخلاف ذلك لا تشغل بالك به، خصوصاً الإشاعات والأكاذيب التي تثيرها بعض الحسابات.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم موتانا وموتى جميع المسلمين وأن يهبنا الصالح من القول والعمل... الله المستعان.

تعليقات

اكتب تعليقك