أ. د عبداللطيف بن نخي: تطبيق «قانون المدن الإسكانية»

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 461 مشاهدات 0


حيث إن اللائحة التنفيذية للقانون رقم (118) لسنة 2023 بشأن تأسيس شركات إنشاء مدن أو مناطق سكنية وتنميتها اقتصادياً – المعروف اختصاراً بـ«قانون المدن الإسكانية» – قد صدرت في شهر ديسمبر الماضي، ينبغي أن تبادر حكومة سمو الشيخ أحمد العبدالله بتنفيذ أو تطبيق هذا القانون، من أجل تعزيز مصداقيتها وشعبيتها لدى المواطنين، من خلال السعي المشهود لمعالجة الأزمة المزمنة في توفير الرعاية السكنية، وأيضاً من أجل ترسيخ مبدأ خصخصة الرعاية السكنية، عبر تطبيق قانون شُرّع بتأييد ودعم شعبيين.

ولكن قبل تطبيق هذا القانون مع مستثمر خارجي، لابد من سد ثغرات القانون، إما بالاستعانة بمكتب استشاري عالمي لكشف وسد الثغرات ثم إعداد مُدوّنة لأفضل الممارسات وخارطة طريق للتعاقد مع المستثمرين المحليين والخارجيين، أو من خلال الاستعانة بالهيئة العامة للاستثمار كمستثمر وحيد في أوّل تطبيق تجريبي للقانون. وفي كلتا الحالتين، ينبغي أن تُشكّل المؤسّسة العامة للرعاية السكنية فرق عمل، من منتسبي الهيئة ومن سائر الجهات المعنية بإنشاء المدن السكنية، تكون المهمّة المباشرة لهذه الفرق هي سد ثغرات القانون أو متابعة إجراءات السد، وأمّا مهمّتها الضمنيّة فهي بناء قدرات وطنية – بشرية ومؤسّسية – لترشيد صياغة القوانين المتعدّدة المجالات.

من بين الثغرات الواسعة في القانون، هي الثغرة الكهربائية. حيث جاء في أوّل تقرير برلماني بشأن القانون، وهو التقرير الأوّل للجنة شؤون الإسكان والعقار في المجلس المبطل الثالث، أن وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجدّدة طلبت من اللجنة مهلة أسبوعين إضافيين لتسليم ردّها على مقترحي القانون، ولكن اللجنة أصدرت تقريرها قبل انتهاء المدة، من دون أيّ إشارة إلى رأي الوزارة، رغم أن اللجنة كانت قد اجتمعت مع قياديين من الوزارة، كان من بينهم وكيلان مساعدان.

وهذه الثغرة الكهربائية اتسعت أكثر في ثاني تقرير بشأن القانون من اللجنة البرلمانية ذاتها، حيث إنه لم يتضمّن التقرير أي إشارة إلى رأي الوزارة، رغم صدوره بعد مرور ضعف المهلة التي طلبتها الوزارة. ثم في مجلس 2023، استُبعدت الوزارة تماماً من اجتماعات اللجنة حول مشروع القانون.

لا يخفى على المهتمين بتنمية الرعاية السكنية، ضرورة وصعوبة توفير الكهرباء للمدن الجديدة في الكويت. ولا يخفى على المعنيين والمتخصّصين أن أزمة الكهرباء في المدن الجديدة لا تقتصر على أعمال إنشاء شبكة توزيع الكهرباء، بل تمتد جذورها عبر شبكة نقل الكهرباء إلى محطّات توليد الكهرباء. وكل مرحلة من المراحل الثلاث شائكة بذاتها وشابكة مع غيرها. فأعمال إنشاء شبكة توزيع الكهرباء – على سبيل المثال – لا تقتصر على تركيب وتوصيل جميع مكوناتها، بل تمتد إلى تفاصيل دقيقة، من قبيل تحديد آلية واتجاهات قياس الاستهلاك في العدّادات، ومعدّلات رصد الاستهلاك اللحظي، لتكون متوافقة – مثلاً – مع سياسة السماح للمستهلكين تصدير وبيع الكهرباء المنتجة في مبانيهم على مُشغّلي المنظومة الكهربائية.

لذلك، حسناً فعلت لجنة شؤون الإسكان والعقار في المجلس المبطل الثالث، باجتماعها مع قياديين في وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجدّدة، وأخص بالذكر في هذه الفقرة السيد الوكيل المساعد للتخطيط والتدريب. فصياغة «قانون المدن الإسكانية» يفترض أن تكون متّسقة مع رؤية الوزارة لمنظومة الكهرباء في الدولة. فقد تكون هذه الرؤية مبنية على إستراتيجية مختلفة، ثبتت كفاءتها في دول أخرى، كإستراتيجية توليد الكهرباء في محطّات متفرّقة – قريبة من المدن – ومتّصلة في ما بينها بحيث تسمح بنقل الفائض من الكهرباء إلى المدن الأخرى، بصورة مقاربة لآلية الربط بين شبكات الكهرباء الخليجية.

باختصار وبوضوح، أجدّد دعوتي للمؤسّسة العامة للرعاية السكنية إلى تشكيل فرق عمل لاستيضاح وتوثيق الكثير من المسائل الغامضة (الكهربائية وغير الكهربائية) في القانون وبشأن كيفية تطبيقه، قبل أوّل تعاقد مع مستثمر خارجي، حتى نتفادى السقوط في أخطاء جسيمة باهظة التكلفة، كغرامة «داو كيميكال»...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

تعليقات

اكتب تعليقك