داهم القحطاني: الوعي الشعبي العربي أفشل الهجوم الإيراني المصطنع

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 469 مشاهدات 0


لنتحدث بصراحة، فمن الواضح جداً أن الهجوم الاستعراضي الإيراني على الكيان الصهيوني لم يكن بمنزلة فعل حقيقي يستهدف الانتقام للضربة الجوية الصهيونية المذلة للحكومة الإيرانية والتي نسفت السفارة الإيرانية في دمشق وقتلت أهم قادة جيش الاحتلال الإيراني في سورية.

ولم يكن الأمر كذلك مرتبطاً بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني كما كان يحاول أن يلمح السفير الإيراني في الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن التي ناقشت ما أسماه الإعلام الغربي هجوماً إيرانياً على إسرائيل.

الأمر برمته كان فعلاً يستهدف الحفاظ على ماء وجه الحكومة الإيرانية، وهو فعل أتى بنتيجة عكسية رغم الجهود الإيرانية الأمريكية التي تمت عبر وسطاء قبل الحدث بأيام والتي كشفت عنها تقارير وتسريبات صحافية عدة. وهو تنسيق استهدف تحقيق أمرين أولهما التخفيف من الضغوط الداخلية، والخارجية على حكومة نتانياهو بسبب الفشل الصهيوني في ملف غزة عبر إظهار إسرائيل مرة أخرى كضحية لمحور الشر الإيراني والعربي والمتمثل أيضا في حركة حماس.

أما الأمر الآخر فكان مساعدة الحكومة الإيرانية على الخروج بمظهر مشرف أمام الشعب الإيراني وشعوب المنطقة عن طريق ما يظهر أنه هجوم إيراني غير مسبوق على عدو يفتك بالفلسطينيين قامت به إيران في وقت فشلت دول عربية أخرى في القيام به.

الشعوب العربية الذكية أفشلت هذا الاتفاق المسبق بين الإيرانيين والإسرائيليين والذي تشير تحليلات غربية عدة أنه تم عبر وسطاء عدة من بينهم الأمريكان، حين تحول الهجوم إلى مادة للسخرية والاستهزاء من الحكومتين الإيرانية والإسرائيلية بشكل غير مسبوق.

بالطبع كلا الطرفين الانتهازيين استفادا من هذا الهجوم المصطنع في تحقيق أهداف سياسية آنية، وكان محزناً أن يتم استخدام الصراع الفلسطيني كذريعة لتحقيق هذه الأهداف الانتهازية والتي تكشف عن انحياز إيران الواضح لمصلحة الوضع الراهن الذي يتيح لها السيطرة على دول عربية عدة مقابل رعاية الوضع الراهن الآخر الذي يتيح للحكومة الصهيونية اليمينية الفتك بالشعب الفلسطيني.

إن عدم تفاعل الشعوب العربية بشكل مع ما يسمى بالهجوم الإيراني يعكس تحولًا في الوعي السياسي الشعبي بحيث تم الإدراك بأن هذه الصراعات المصطنعة بين إيران والغرب ليست حقيقية، وأنها تدور في فلك لعبة المصالح المشتركة التي ترتدي زي العداء، وهي في حقيقتها تعاون وتنسيق براغماتي.

تعليقات

اكتب تعليقك