‫⁧‫#مقال‬⁩.. الطرفة في المجتمع الكويتي القديم‬ ‫بقلم أ. طلال سعد الرميضي‬

فن وثقافة

الآن 1132 مشاهدات 0


كانت الطرفة والفكاهة في المجتمع الكويتي متأصلة منذ القدم ،  وهي تعكس واقع المجتمع وتسلط الضوء على السلبيات والايجابيات فيه من عدة نواحي هامة كالمسكن والمأكل والأعمال ووسائل النقل والحيوانات وغيرها من الشئون الحياتية للكويتي أنذاك ,  والطرفة مرتبطة بحياة الشعوب منذ القدم ولا يخلو مجتمع منها .
ونرى أن هذه الطرافة مستمدة من النقد الاجتماعي للواقع الذي عايشه الأجداد في البيئة الخليجية البسيطة وما يواجهونه من صعوبات ومشاق في الحياة .

وكان الشعر الشعبي هو أحد الوسائل المتداولة آنذاك لإبراز هذه السلبيات في حياتهم اليومية ، حيث لا توجد وسائل اعلامية لنشر أرائهم ووجهات نظرهم كالصحف والتلفاز والمذياع إلا في أحيان قليلة ، ونجد عددا من القصائد الشعرية القديمة التي نظمها شعراء كويتيين تتضمن بعض الفكاهة كالتي أوردها مؤرخ الكويت الأول  الشيخ عبدالعزيز الرشيد يرحمه الله في كتابه (تاريخ الكويت ) الصادر عام 1926.
  ومنها رديات شعرية مع الشيخ عبدالله خلف أثناء زيارتهم لجزيرة أم النمل وما تعرضوا له من هجوم من الحشرات عليهم وبأسلوب ظريف فكاهي ، وسجل كذلك ابن رشيد في تاريخه حوادث متعددة جرت في القرون المنصرمة لاهالي الكويت تتسم بالطرافة والمزحة ، ومنها حادثة الجنية التي تعرضت لغاصة سفينة كويتية أثناء موسم الغوص على اللؤلؤ  داخل الهير بعمق البحر واصابتهم بالذعر والرعب والخوف ثم  تبين أنها عباءة سوداء سقطت على صخور البحر وتحركها تيارات مياه البحر .

كما سجل قاضي الكويت الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه ( صفحات من تاريخ الكويت )  الصادر سنة 1946م عدة حوادث قديمة مضحكة سواء جرت له شخصيا او ما سمعها من الاولين ، حيث يذكر الشيخ يوسف بن عيسى القناعي في كتابه القيم عن قصة طريفة عن بدايات استخدام الصابون في تاريخ الكويت بقوله  :
( وكانوا لا يستعملون الصابون بعد الأكل، ولم يستعمل الصابون إلا من مدة قليلة. واذكر في هذه المناسبة النادرة التالية وهي أنه دخل رجل على المرحوم الاخ احمد فوجده يغسل يده بالصابون بعد العشاء ، فقال له متأسفا " آفا عليك تغسل يدك بالصابون " فأجابه أحمد " أن الاخ يوسف يغسل يده بالصابون مثلي " فرد عليه بشده " حاشا على ذلك الوجه ان يغسل يده بالصابون .)

فالسؤال الذي يتبادر للاذهان بعد مرور ما يقارب 80 سنة على حديث القناعي ، لو تكرر أمامك ذات الموقف في احدى الولائم ، و لم يستخدم الضيف الصابون في غسل يديه ماذا ستقول !!!؟؟

وحوى كتاب ( من هنا بدأت الكويت ) والصادر عام 1962م للاستاذ عبدالله الحاتم الكثير من المواقف المضحكة ، والحاتم من ادباء الكويت المميزين وتولى أمانة رابطة الادباء في الستينيات من القرن الماضي وقد ذكر في كتابه القيم الكثير من القصص المضحكة والمواقف الطريفة والقصائد الفكاهية ، ومنها ما  أورده للشاعر  إبراهيم خالد الديحاني قصيدة يرد على من يتهم كل شخص أسمه إبراهيم بالجنون والعته وكانت حادثة مشهورة بالمجتمع الكويتي  بها الطرافة والحكمة  .

والجدير بالذكر ان عبدالله الحاتم اسس مجلة أطلق عليها اسم ( الفكاهة ) صدر العدد الاول منها في اكتوبر 1950 واستمرت حتى العدد التاسع ثم توقفت عن الصدور في فبراير 1952 وكانت هذه المجلة المثيرة تحتوى على الكثير من النكت والطرائف و القصائد المضحكة ولاقت قبولاً واسعاً في المجتمع الخليجي ، وكانت تضم على غلافها الخارجي بعض الرسومات البسيطة كبدايات فن الكراكتير بمنطقة الخليج العربي .

ونجد روح  الفكاهة متوفرة لدى العديد من الكتاب المميزين الذين اتسمت اقلامهم بالنقد الساخر بتناولهم قضايا المجتمع عبر مقالاتهم الصحفية خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي .
وكذلك نجد أن الشعر الشعبي قد تناول مواضيع اجتماعية متنوعة تهم الشأن المحلي بنصوص تتسم بالطرافة والمزح بأسلوب شيق ماتع ، وذاع صيتها ما بين الناس وانتشرت وحفظوها لنا من الضياع والشتات ومنها رديات الشعراء فهاد بن جافور وسعيد الغربة وحمد المهنا يرحمهم الله .

وفي الختام نشدد أن الطرفة متأصلة في المجتمع الخليجي منذ تأسيسه وهي في حدود الاحترام وعدم تجريح الاخرين وفق الخلق الاسلامي الرفيع وهذا ما سمعناه وسجلته كتب التاريخ عبر صفحاتها نسأل الله أن يستمر النقد الاجتماعي لبعض القضايا الاجتماعية وفق هذه الضوابط التي عمل بها الاجداد الاوائل .

*باحث كويتي

تعليقات

اكتب تعليقك