هاجر البريكي: مشروع نازح‬

فن وثقافة

هاجر البريكي 1038 مشاهدات 0


‎مُبْعَدٌ فِي التِّيهِ مَشْرُوعُ نَازِحٍ
‎أَنَا غُصَّةٌ فِي الرُّوحِ تَنْعَى كِرَامَهَا

حين تمزجر عواصف اليأس فلا تُبقي واحة أمن في جنبات الوطن يكون النزوح مشروعاً إجباريًّا محتشداً بلهيب القهر من خذلان القريب الذي عجز أو تعاجز عن الإسراع بالنصرة .

في قصيدتها الرائعة والمؤثرة في عمق  الوجدان تعود الشاعرة العمانية المبدعة هاجر البريكي لتعبر عن مأساة غزة واضطرار الكثيرين من أهلها إلى النزوح داخليًّا وربما خارجيًّا إن تمادى جمود العالم حيالهم،
هاجر البريكي  بحسها الإنساني من أكثر الشعراء والشاعرات مواكبة لهذه المأساة المؤلمة منذ لحظاتها الأولى، فما بين الإبادة والمجاعة يزداد المشهد بشاعة.

عُيُونٌ كَمِثلِ الرّعدِ أرخَت سِهَامهَا
‎دَوَيَّاً عَلى مَن هُزّ فِيهَا سَلَامَهَا

‎وَوَجهٌ بِمَاءِ الجُرحِ يَرمِي حَيَاءَهُ
‎وَيَصرخُ مَقتُولاً لِيَنسَى كَلامَهَا

‎مَضَت نَحوَهُ بِالسَّيفِ صُبحَاً وَقَد بَدَا
‎فَتَىً فِي سَدِيمِ اللَّيلِ يَرعَى غَرَامَهَا

‎أتِلكَ بِلَادِي حِينَ جَارَت عَلَى الهَوَى
‎وَتِلكَ القَوَافِي حِينَ رِيقَت حمَامهَا

‎هُنَا صَدرُ مَلهُوفٍ تَدَاعَى بِمَقتَلٍٍ
‎يُوَدِّعُ فِي حُلمِ البِدَايَاتِ "شَامهَا"

‎لَقَد مَاتَ قَهرَاً حِينَ غَاضَت بِلَادهُ
‎وَجَاءَت عَلى صَمتٍ لِتردي مَلَامهَا

‎عَلَى كَفِّهَا كَانَ الجَمِيعُ مُسَافِرَاً
‎عَلى سَعفَةٍ خَانَ القَرِيبُ ذِمَامَهَا

‎مُضَرَّجَةً بِالآهِ مِن عَهدِ آدَمٍ
‎وَقَد خَلَعَت فِي كُلِّ عَهدٍ إدَامَهَا

‎أرَاهَا وَقَد رَدّت عَلَينَا سَمَاؤهَا
‎بِوَابِلِِ حُزنٍ دَكّ فِيهَا عِظَامهَا

‎وَجَرّت ذُيُول القَهرِ حَتَّى حَسِبتهَا
‎مَدَائِن كِسرَى حِينَ شُدَّت حِرامَهَا

‎أَنَا مُبْعَدٌ فِي التِّيهِ مَشْرُوعُ نَازِحٍ
‎أَنَا غُصَّةٌ فِي الرُّوحِ تَنْعَى كِرَامَهَا

‎لَقَدْ مَزَّقَتني حِينَ طَارَتْ فَرَاشتي
‎عَلَى جُنْحِ مَغْدُورٍ وَفلَّتْ غَمَامَهَا

‎وَهَلْ كَانَ ذَنْبِي حِينَ جِئْتُكِ عَاشِقًا
‎فَعَذَّبْتِ رُوحِي مِنْك أَرْجُو فِصَامَهَا

‎يُنَازِعُنِي فِيك الْوُجُودُ بِأَسْرِهِ
‎فَابْكِي بِلَادًا صَار نَبْضِي حُطَامَهَا

تعليقات

اكتب تعليقك