أ. د عبداللطيف بن نخي: مناشدة طبيبة والهيمنة على وزارة الداخلية
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي فبراير 14, 2024, 11:52 م 2180 مشاهدات 0
قبل ما يزيد على السبع سنوات، نشرت إحدى الصحف اليومية مناشدة إنسانية موجّهة إلى وزير الداخلية بمنح تأشيرة «التحاق بعائل» لأم مقيم من مواليد الكويـت يعمل بوظيفة «محترمة»، وهو المعيل الوحيد لها بعد وفاة زوجها.
وبعد مرور قرابة شهر، نشرت الصحيفة رد وزارة الداخلية على المناشدة. واقتصر الرد على إعادة عرض خلاصة أحدث القرارات النافذة في شأن «الالتحاق بعائل». حيث أفادت الوزارة أن التعليمات في شأن الالتحاق بعائل لا تنطبق على صاحبة المناشدة، لأن الوزارة أوقفت منح تأشيرات «الالتحاق بعائل» للأم ولغيرها من الأقارب، باستثناء الزوجة والأبناء.
والصحيفة بدورها عقّبت على رد الوزارة – المُجرّد من المسؤولية الإنسانية – بالقول: «نعلم تمام العلم كما يعلم غيرنا أن القوانين الجديدة اقتصرت الالتحاق على الزوجة والأبناء، وأما الحالة التي نشرناها فهي تستحق تطبيق روح القانون تقديراً لظروف وأوضاع المسكينة».
وبعد الثناء على مبادرة الصحيفة الإنسانية وعلى تعقيبها على رد الوزارة، أدعو وزارة الداخلية إلى تطوير منظومتها الإدارية المعنية بالتعاطي مع طلبات الاستثناء، بحيث تُدرس جميع طلبات الاستثناء – المقبولة والمرفوضة – من قِبل لجنة متفرّغة من المختصّين في المجالات ذات العلاقة (كالحقوق والاقتصاد والأمن الوطني الشامل وعلم الاجتماع) للخروج بتوصيات لتنقيح تلك القوانين والقرارات. فضلاً عن إمكانية الاسترشاد برأي اللجنة قبل اتخاذ القيادي قراره النهائي في شأن طلب الاستثناء.
فالكثير من طلبات الاستثناء منشأها قصور أو خلل تشريعي أو إداري. ولذلك الموافقة عليها واجبة أو متّسقة مع الغايات المنشودة من تشريع وإصدار القوانين والقرارات ذات العلاقة.
وبشكل عام، الجهات المعنية بتنظيم شؤون الناس – المواطنين والمقيمين – مطالبة بالحصافة وسعة الصدر في التعاطي مع طلبات الاستثناء وملاحظات وشكاوى المتضرّرين من خدماتها أو من القوانين والقرارات التي يشرّعونها. ولا يليق بها المكابرة وتجاهلهم.
وبناء على ما سبق، أدعو وزارة الداخلية إلى النظر في طلب مقدّم من مقيمة طبيبة لالتحاق زوجها بها، حيث رفضت الوزارة تسلم طلبها بدعوى أن القوانين والقرارات المنظّمة تسمح بالتحاق الزوجة بزوجها، ولكنها لا تسمح العكس؟!
لذلك، أدعو الوزارة إلى مراجعة مدى دستورية هذه القوانين والقرارات، وتحديداً من حيث شبهة التمييز في الحقوق بين الزوج والزوجة ومخالفة المادة (29) من الدستور التي توجب أن يكون الناس متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس.
كما أدعوها إلى تنقيح القوانين والقرارات المنظمة لإقامة الأجانب، خصوصاً في ما يتعلّق بطلبات الالتحاق بعائل، لتكون الكويت أكثر جذباً للكفاءات المهنية، ولتفادي تسرّب الكفاءات المهنية المقيمة في الكويت إلى بقية الدول المتسارعة في التنمية والانفتاح، الباحثة عن الكفاءات المهنية.
كما أدعوها إلى تنقيح تلك القوانين والقرارات من الشوائب والتناقضات الذاتية والبينية. فمن بين الأمثلة على التناقضات الذاتية، نجد أن قرار وزارة الداخلية رقم 56 لسنة 2024، يستثني أساتذة الجامعات والمهندسين من شرط الحصول على «مؤهّل جامعي»! وأحد الأمثلة على التناقضات البينية، هو عدم اتساق القرار الوزاري ذاته مع توجّهات الدولة، حيث إنه يستثني ممارسي مهن يفترض أن تكون منذ سنوات خاصة بالكويتيين، كمهنة الأخصائي الاجتماعي والنفسي في القطاع الحكومي وأمين المكتبة. وأيضاً يستثني العامل في مجال الخدمة الاجتماعية والمؤذّن، وهي مهن ينبغي أن يشغلها كويتيون، شباب متطوعون أو كبار سن متقاعدون.
في الختام، أناشد وزير الداخلية بالوكالة إصدار قرار وزاري يساوي بين الزوجة بالزوج في طلبات الالتحاق بعائل، وتشكيل لجنة لتنقيح القوانين والقرارات ذات العلاقة بطلبات الالتحاق...
اللهمّ أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.
ملاحظة:
شكوى الطبيبة من أخطاء تنظيمية جسيمة، أضرّت بها وبأسرتها، وقد تضر مرضاها. وهي لا تسعى أبداً إلى الهيمنة على القرار في الوزارة. لذلك أرجو ألا يكون رد الوزارة: «اللي مو عاجبه قوانينا وقراراتنا يروح يشرب من البحر».
تعليقات