يحيى حمود الدخيل: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا

زاوية الكتاب

كتب الآن 1566 مشاهدات 0


تناقلت وسائل التواصل وتحديداً الواتس اب مقالاً لأحد الناشطين الإسلاميين يتحدث فيه عن أن الإخوان هم أفضل تنظيم فاعل إسلامي .

و أن غالبية غيرهم من الجماعات تحت عباءة الحكومات و ليس لهم دور في القضايا الكبرى للمسلمين.

و حتى لا يركب الإخوان نصراً ليس بنصرهم وحدهم و يتصدروا الأمر كعادتهم أ قول و بالله التوفيق ما يلي:

أولاً: القول بأن من يحمل هم القضايا الكبرى للإسلام و المسلمين هم الإخوان فقط فهذا تحجير لواسع و ظلم و منقصة في حق بقية الجماعات بل و عامة الناس . فالجهاد الأفغاني من بدايته بعد غزو الاتحاد السوفيتي، قام بحركات وجماعات مختلفة المشارب ولم تكن فقط حركة الإخوان . 

و المسلمين و العرب الذين انضموا و دحروا العدو و حرروا أفغانستان لم يكونوا ينتمون لجماعة واحدة ، بل بعضهم لم ينتمي يوما لأي جماعة  .

و كذلك الحال في البوسنة و الهرسك و قبلها الشيشان و غيرها الكثير كبورما و الفلبين . فإن أراد الكاتب فقط في فلسطين و لا أظنه يقصد ذلك فإن عباراته كانت تعميماً لا تخصيصاً ، 

أقول و إن أراد فقط فلسطين، فليس من المعقول أن يظن أن أهل فلسطين كلهم ينتمون لهذه الجماعة ولا حتى اهل غزة كلهم ، و إن كانت هي الجماعة الأكثر تنظيماً هناك  . 

و لكن الواقع يثبت ان صبر الناس و رباطة جأشهم ، كان هو الاكثر بطولة من القتال والمقاومة ، ولولا هذا الصبر والتماسك المجتمعي في غزة لما تحقق شيئا من هذا النصر ، 

لأن الناس المدنيين كما نرى هم الأكثر تضرراً ، فالخسائر في صف المقاومة (ولله الحمد) قليلة مقارنة بالخسائر المدنية للناس في غزة ، فلا يجوز أن يبخس تماسك ورباط وصبر اهل غزة ونسب الفاعلية في طوفان الأقصى لحركة الإخوان فقط  .

ثانياً: إن دول الطوق الحامية و المانعة لدخول المساعدات و المانعة للجهاد في فلسطين منذ عقود و منذ بداية الاحتلالكانت و ما زال بعضها مكتظة بالإخوان لعقود و لم يحركوا ساكناً تجاه القضية ، وكانوا ردودهم تقريبا مثل حكوماتهم استنكاراً و إدانة و تنديد هو اقصى ما يفعلونه ، ولم يكن لهم تأثير فعلي على غزة عدا فترة حكم مرسي رحمه الله ، والذي أيضا كان المطلوب منه اكبر مما قدم ، ولكن كما سيأتي في هذا المقال بأن حركة وجماعة الإخوان ليس لديهم الرؤية فيما بعد  استلام السلطة او اي منصب وهذا كان واضحا وجليا في فترة حكم مرسى وفي تونس ايضا .

 

و عودا على طوفان الاقصى أكرر وأؤكد ان شعب فلسطين و أهل غزة هم الحلقة الأقوى و هم من غيروا المعادلة و لولا نصر الله و فضله أولا وآخرا على أهل فلسطين و تحديداً غزة لما تمكنوا من هذه البطولات التي نراها في صبرهم على ابتلاءات و تقتيل أطفالهم و رجالهم و نسائهم و هدم بيوتهم امام اعينهم .

ثالثا : إن حصر نفع المسلمين وقضاياهم على القتال والجهاد جهل واضح بالدين والشرع ، قال عز وجل ( وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

فتخيل إن كل الفرق والجماعات فقط تقاتل ، فمن يعلم الناس ويدعو إلى الله ويفقه الناس بدينهم ! 

وهو امر لازم وواجب للأمة وليس من النوافل او السنن والمستحبات، فترك الجهل ينخر بالأمة والناس، ليس بالمنهج النبوي الذي أمرنا به وهو إثم عظيم.

ولإحقاق الحق فإن حركة و جماعة الأخوان هي حركة نشطة و فعالة في الميدان المجتمعي بكافة مجالاته ، اهمها اللجان الاجتماعية والعمل البرلماني و اتحادات الطلبة و غيرها من الأنشطة المجتمعية و جمعيات النفع العام و لكنهم ليسوا برجال دولة . ولم و لن ينجحوا في القيادة ، لا قيادة الدول و لا قيادة حتى الوزارات والمناصب العامة .

و الأمثلة على ذلك كثيرة جداً سواء في الكويت او خارج الكويت  .

فها هم في تونس و مصر عند قطف الثمرة و بعد عقود من العمل و التنظيم وصلوا الى سدة الحكم ، فكان الاخفاق والفشل الواضح البين و اختياراتهم السيئة للمسئولين. و ذلك لكون اختياراتهم ليست مبينة على أسس شرعية علمية و عملية ، فالاختيار يكون عندهم على أساس تبادل المنافع و المصالح أو على أساس الانتماء الحزبي ، فلا يهتمون باختيار قائد و قيادي نافع للأمة ، 

ففي مصر و تونس وبعد تصدرهم رأس الهرم  لم يكن لديهم رؤية لا خطة لاستتباب الأمر لهم و تثبيت حكمهم او حسن ادارة الدولة. 

و من يبرر لهم بأن اليهود و إسرائيل و أمريكا مكروا بهم بمصر و تونس فنجيبه بأن هذا التبرير حجة عليهم لا لهم ، فهل كان يعتقد الأخ و يعتقد الإخوان أن الجميع سيصفق لهم مثلاً بعد استلامهم الحكم ؟! أين تنظيرهم ودعوتهم التي أستمرت عقوداً تنتظر و تخطط لهذه اللحظة !

والواقع انهم اضاعوا اوقات العديد من الشباب والأمة وضيعوا فرص التمكين بمنهجهم البعيد عن الهدي النبوي والسنن الإلهية . 

 

و يمكن للقارئ تحليل و إسقاط هذه الاخفاقات على الكثير من الأمثلة التي تصدر الأخوان فيها مناصب سواء عامة في الدولة أو حتى قيادة حزب حاكم او وزارة وما دونها.

و لو انصرف فكر القارئ الى نموذج حزب العدالة و التنمية في تركيا ، فنقول أن الأتراك الإخوان يختلفون تماماً عن بقية الاخوان و قد قال النبي ﷺ في الترك عامة: " أتركوا الترك ما تركوكم ". وهو ما يدل على اختلاف اطباعهم ،

و الواضح للعيان اهتمام الحزب الحاكم في تركيا و أوردوغان تحديداً بالجوانب الاقتصادية لبلاده أكثر من قضايا المسلمين. فموقفهم من حرب غزة مؤخراً موقفاً مخزياً و لا يستطيع أحد من الإخوان العرب أن يبرروا ردود فعل الأتراك تجاه غزة وان وجد البعض ممن ما زال يبرر لهم خذلاهم لأهل غزة وفلسطين  ، فهم لم يقطعوا التبادل التجاري و لم يقطعوا العلاقات الدبلوماسية و لم يكن لهم موقف مشرف.

والجميع يعلم أن تركيا و حزبها الحاكم هم الأقرب للإخوان إن لم يكونوا فعلاً إخوانا .

فكيف يدعي الأخ صاحب المقال أن هذه الجماعة هم الأكثر اهتماما بقضايا المسلمين ، فهل يقصد ويخصص فقط إخوان فلسطين وقد اسلفنا بان اهل فلسطين ولا اهل غزة ينتمون بالكامل او حتى بالأغلب لهذه الجماعة ؟

رابعاً  : 

ان تصدر الإخوان و قفزهم على النتائج و التجارب الناجحة أمر واضحاً لمن يتدبر ، و الأمثلة كثيرة و أتركها للقارئ ليحلل الكثير من المواقف التي يقفزون عليها و التجمعات التي يتغلغلون فيها للوصول للواجهة و الاستفادة من قطف الثمرة لصالحهم  .

ولعل من أهم التجارب في حياتي الشخصية هي فترة الغزو والحراك الشبابي بالكويت ، أما الحراك الشبابي فقد بدأ وطنيا مستقلا يهدف لمحاربة الفساد في عام ٢٠٠٨ ، واستمر وبدأ بقطف الثمرة والنجاح . حتى دخلت الحركات الشبابية الاخوانية وافسدت الحراك وانحرفت به لغير مقصده . وللأسف أيضا تصدروا المشهد وانتهى المطاف بالحراك للتفكك بسببهم . 

أما في الغزو واثناء الاحتلال الغاشم ، فقد تحرك وقاوم وخدم الكويت الجميع، السني والشيعي والبدوي والحضري والشيخ والمواطن والاخوان وغيرهم ، ولكن من يبرز ويروج لهم انهم قادوا العمل هم (لجان التكافل )، وقد عملوا نعم وخدمت لجان التكافل بالغزو ولكن ليسوا وحدهم ، وقد عملت جماعات وتكتلات كثيرة غيرهم ولم تنتمي للجان التكافل ، وسيصدر لي قريبا كتاب يوميات الغزو سأورد فيه الكثير من الأحداث وبشهادات أشخاص ما زالوا احياء لتوثيق القصص والتاريخفي الغزو  بإذن الله تعالى  .

إن فشل قيادات جماعة الاخوان في المناصب واضح ولا يحتاج لكثرة ذكر أمثلة، و لعل أحد أهم أسباب عدم نجاحهم في القيادة و الحكم أنهم أتخذوا ورفعوا الشعارات الدينية و يفعلوا بها او يتخذوها منهج حياة، و لم يحققوا شروط التمكين في الأرض.

فمن يقاتل في غزة ورباطهم حالياً حققوا شروط النصر و لكن هل سيحققون شروط التمكين بعد النصر ؟؟ إذا استتب الأمر في القيادة لاحقاً بعد النصر ( بإذن الله ) للإخوان فقط فلا أظنهم سيفلحون. و قد أخفقوا في غيرها من الدول كما أسلفنا. إلا إذا تشاركوا بالحكم مع الاكفاء وحققوا شروط التمكين أو سنن استمرار الدول  .

و أخيراً أذكر القارئ و الكاتب بأن التمكين و النصر من الآن ولغاية قيام الخلافة والحكم الرشيد سيكون بالالتزام بالهديالنبوي الشريف 

وتحرير فلسطين والاقصى سيكون بإذن الله تعالى( يقول الحجر و الشجر يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فأقتله)

 

وانصح جماعة الإخوان و غيرهم من الجماعات ان يلزموا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأرجوا من الله لهم الهداية و أن يراجعوا مناهجهم و أهدافهم  و يجعلوها متوافقة مع هدي النبي ﷺ و مع أحاديث و أحداث أخر الزمان التي يستطيع المسلم العامي أن يدرك قربها و يستشعر بدأها ، و غير ذلك هو مضيعة للأوقات و هدر للطاقات و بعد عن الصراط المستقيم و هدي النبي ﷺ.

كتبه / يحيى حمود الدخيل

في الأثنين٢٦ / رجب / ١٤٤٥

الموافق ٥ /فبراير للعام 2024 م.

تعليقات

اكتب تعليقك