حسين الراوي: سمو الرئيس... تحزم بالشعب وامسك بعصا الحكمة
زاوية الكتابكتب حسين الراوي يناير 22, 2024, 10:43 م 1028 مشاهدات 0
لا يخدَعنْك هِتاف القوم بالوطن
فالقوم في السر غير القوم في العَلَن
أحْبُولة الدِّين ركَّت من تقادمها
فاعتاض عنها الورى أحبولة الوطن
معروف الرصافي
سمو الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، رئيس مجلس الوزراء، في 4 يناير شرّفك وكلفّك سُمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله تعالى، بأن ولاك رئيساً للسلطة التنفيذية، ونرجو من الله أن تكون على قدر ذلك التشريف والتكليف السامي.
سمو رئيس مجلس الوزراء... جاء في تقرير صادر عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية في نهاية شهر يونيو 2023، أن المواطنين الكويتيين بلغ إجمالي عددهم نحو 1.531 مليون نسمة، وهذا يعني أنك أنت المسؤول المجتمعي والسياسي الأول عن خدمتهم ورعايتهم وتلّمس احتياجاتهم، والارتقاء بهم نحو أجود الخدمات الحياتية الضرورية من صحة وتعليم وتركيبة سكانية سليمة وأمن وسكن، وإصلاح للشوارع التي قتلت الناس وأتلفت مركباتهم، وعن كل كبيرة وصغيرة تمس معيشتهم بالدرجة الأولى.
سمو رئيس مجلس الوزراء... لقد سئم وتعب الشعب الكويتي وهو يناظر الغيوم المُقبِلة المُحملة بالوعود الوردية، لكنه للأسف مرّت عليه غيوم تلو غيوم جاءت وراحت لم تمطر عليه بأي قطرات كريمة من ثدي خزينة الدولة المنتفخ بحليب النفط والاستثمارات الخارجية والطوابع التي يدفع ثمنها المواطن في جميع مؤسسات الدولة، وهذا أمر محزن ومؤسف ومخجل، أن السنين تمضي عجولة نحو الغلاء والتبدل في الأحوال والأسواق والسِلع الذي طال حتى شَدة الفجل والبقدونس، وأن يبقى رغم كل ذلك التبدل الاقتصادي والتحول المعيشي المرتب الشهري للموظف الكويتي كالميت بلا حركة منذ زمن بعيد، ولسان حال المواطن كما قال الشاعر:
«ترانا غدينا بين لعبة رجال أعمال
ذبحنا الغلا والناس ما تشرب البترول».
سمو رئيس مجلس الوزراء... احذر أن تخطئ في حق الشعب الكويتي، بأن تهمل الاهتمام به، عن طريق اقصائه من دائرة خططك ودفتر حساباتك وملفات همومك، وألّا يكون موضع المواطن الكويتي في برنامج عمل الحكومة خلف الهامش في أسفل الصفحات كما فعل من قبلك! فالمواطن هو الثروة الحقيقة للوطن، وهو محوّر الدولة، ولا وطن بلا شعب، ولا دولة بلا مواطن.
سمو رئيس مجلس الوزراء... احذر أن يُلطخك سوق السياسة بسواده، فالتحالفات مع نواب البرلمان، وتقريب نواب منك وإبعاد آخرين، واستخدام الإعلام الرخيص، وعقد الصفقات السياسية، والانصات لأفواه المصالح الشخصية، والخوف من التكتلات البرلمانية، هذا كله سوف يفقد على الفور ثلاثة أشياء، هي: محبة الشعب، والثقة التي مُنحت لك، وسيرتك الشخصية الطيبة.
سمو رئيس مجلس الوزراء... في مُدن السياسة طبقات سياسية مختلفة، مُكوّنة من أرباب وعبيد وجماهير، وأنت لابد داخل إلى تلك المُدن، فتحزم بالشعب، وامسك بعصا الحكمة، وتقدم بخطوات التأني، واقرأ معوذات النُبل والمروءة، وانفث أمام طريقك من شر كل نائب مُبرمج وكل نائب يلعب بالبيضة والحجر، وكل شخص ينطبق عليه قول الرصافي في أول هذا المقال.
سمو رئيس مجلس الوزراء... ساحاتنا الإعلامية في السوشيال ميديا، الجزء القذر منها أكبر بكثير من الجزء النظيف، وهي ساحة لا تهدأ ولا تبرد، وقليلة الصدق وشحيحة البركة ومنزوعة الفائدة إلا قليلاً، يُشعل نارها ويؤجج هاشتاقاتها عتاولة ومُسترزقة وأعداء، يبيعون بياض الذمة بسواد الضمير، وهُم قوم ليس لهم أي وزن في ميزان القيمة العلمية ولا الفكر، لذا لا تلتفت لتلك الساحة كثيراً إلا بعين الوعي العميق، ولا تهدر وقتك في جعلها على رأس اهتماماتك، ولا تُفكر أبداً أن تنفق عليها من مالك، ولا يخدعك فيها نغم مزمار المصطفين المصفقين الهاتفين المطبلين لك.
سمو رئيس مجلس الوزراء... ينتظر منك الشعب الكويتي الكثير وبشكل سريع في الذي يخص الإصلاح المؤسسي في الدولة، والتبدل المعيشي للأحسن، وتطوير خريطة الدولة بكل جوانبها المستحقة، خاصة وأن تلك القرارات هي ملكك الدستوري، وليست مرهونة ولا مشروطة بتشريعات قانونية ولا بتنسيقات برلمانياً ولا باصطفاف إعلامي مدفوع الثمن.
وكما قال الشاعر:
«سيدي في راسك الحل سيرها تسير
كان ماسارت بـ أوامرك ظلت بـ القياد».
قبل نهاية المقال أقول: يجب عليك يا شيخ محمد، أن تفتح صفحات تاريخ من كان يجلس قبلك على كرسيك اليوم، خاصة في السنوات الأخيرة الماضية، وتقرأها بعناية ودراية وتأمُل، ستجد أن معظمهم مَر في رُهاب فقد الكرسي، وطالهم الإرهاب الديموقراطي، ودخلوا عنوّة في مزادات شراء الخدمات النيابية، وهذه الأشياء أودت بهم نحو الخسارة السياسية والشعبية بعد أن تلقوا الضربة القاضية التي أسقطتهم من على كراسيهم، فاعتبر واتعظ واحذر.
في النهاية... أعانك الله سُمو الرئيس، وحفظ الله سُمو الأمير، وحفظ الله هذه البلاد وشعبها ومن عليها.
تعليقات