داهم القحطاني: وداعاً نواف الخير والطيبة

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 1546 مشاهدات 0


فقدت الكويت بوفاة أميرها السادس عشر الشيخ نواف الأحمد رحمه الله، أحد قادتها التاريخيين، الذين ساهموا في بناء الكويت في مرحلة النهضة الحديثة.

اشتهر بوفيصل بالنزاهة ونظافة اليد والتدين والتواضع والقرب من الشعب، واتسم أيضاً بالصراحة والوضوح، فقد نقلت كاميرات تلفزيون الكويت، وعلى الهواء مباشرة ذات مباراة رياضية، كيف كان صارماً، عندما لاحظ أن اللاعبين حين يصعدون المنصة الرئيسية يصافحون أحد الوزراء قبل أمير الكويت آنذاك الشيخ صباح الأحمد رحمه الله، من دون ذنب من ذلك الوزير، فقام الشيخ نواف حينها وبحزم بمعالجة هذا الخطأ البروتوكولي.

إذاً هذه الطيبة الكبيرة لم تؤثر على الحزم في إدارة شؤون الحكم، وقد رأى الكثيرون في حينها، وخلال الإعادة التلفزيونية، التي تكرر بثها خلال أيام العزاء، كيف كان الشيخ نواف، وهو يوصي رفيق دربه أمير الكويت سمو الشيخ مشعل الأحمد، حين كان ولياً للعهد، فرأينا كيف كان يدافع عن الحكم الجديد، ويحدد ملامح هذا العهد بتنفيذ الرغبات الشعبية ضمن الإطار الإصلاحي.

كذلك يتذكر العالم كيف كان الشيخ نواف يصر على استكمال مبادرة الكويت لحل الأزمة الخليجية، وهو ما تم بالفعل في صلح العلا، وخلال السنة الأولى من حكم الشيخ نواف.

توفي الشيخ نواف، وانتقل الحكم خلال أقل من ساعتين للشيخ مشعل، حين نادى مجلس الوزراء بالشيخ مشعل أميراً للكويت، وفقاً لنصوص المادة الرابعة من الدستور، والمادة الرابعة من قانون توارث الإمارة ذي الصفة الدستورية.

وبالمناسبة تولي الأمير الجديد يتم بشكل آلي، لأنه سبق لمجلس الأمة مبايعته بالتصويت، مع ملاحظة أن المناداة بالأمير الجديد أمر إجرائي لم يحدد الدستور من يقوم به لترك المجال مفتوحاً من دون تقييد.

لم يقلق الكويتيون، ولا الدول المحيطة بالكويت، من أي تعثّر في عملية انتقال السلطة، فقد شاهد الجميع كيف استطاع الدستور الكويتي، وعبر مجلس الأمة، حل أعنف خلاف على الحكم يحصل منذ عشرات السنين، وهو ما عرف في عام 2006 بأزمة انتقال الحكم.

الكويت التي عطلت دوائرها الحكومية، وأغلقت الأسواق فيها لثلاثة أيام، تحولت في فترة العزاء إلى محطة لوصول زعماء العالم، ووفود المعزين من بلدان عديدة، وقد كان التنظيم مذهلاً لدرجة الإعجاب، حيث تم تلافي وجود مواكب سيارة قد تتعطل بسبب المرور أو قد تسبب الازدحام، عندما تمت إجراءات العزاء للوفود الرسمية في المطار الأميري المجهز بكل ما يلزم من قاعات وخدمات.

أيضاً الأسرة الحاكمة بقيادة سمو الشيخ مشعل الأحمد تلقت العزاء كأسرة في فقيد الكويت في ديوان آل صباح في قصر بيان، وبأسلوب سهل وسلس تمت فيه مراعاة عدم تعرض المعزين لأي ازدحام أو إرهاق.

وكان منظراً مؤثراً أن يقف كبار الأسرة الحاكمة لساعات طويلة وليومين متتالين ليتلقوا العزاء من الشعب الكويتي.

كما كانت لافتة إشارة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد في النطق السامي إلى من لم يتمكن من المواطنين من تقديم العزاء، وتقديمه الشكر لهم.

الكويت تدخل مرحلة جديدة من تاريخها، يتوقع فيها حصول تغييرات وتطورات وتحديثات كثيرة، من شأنها ترسيخ الحكم البرلماني الدستوري ليكون مبنياً على العمل والإنجاز، لا على الصراعات والفرقة.

تعليقات

اكتب تعليقك