حوَّلها الاحتلال إلى صحراء قاحلة بعد أن كانت جنة خضراء.. تاريخ بلدة “المغراقة” إحدى مدن قطاع غزة
عربي و دوليالآن - وكالات نوفمبر 26, 2023, 9:30 م 461 مشاهدات 0
خلال حرب الابادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والمستمرة منذ أكثر من 50 يوماً، شكلت بلدة المغراقةالواقعة جنوب مدينة غزة إحدى أبرز المناطق التي تعرضت للقصف الإسرائيلي المكثف من قِبل طيران الاحتلال، إذ تشكلّ المغراقة واحدةً من المناطق الاستراتيجية في قطاع غزة، فقد حاول الجيش الإسرائيلي تحقيق اختراق بري من خلالها، لكن المقاومة الفلسطينية حوّلتها إلى نقطة صدٍّ للمحاولات توغل قوات الاحتلال برياً نحو جنوب القطاع من محور جُحر الديك.
وخلال المواجهات السابقة، كانت بلدة المغراقة من أكثر المناطق التي تعرّضت لتوغلات عديدة من قِبَل قوات الاحتلال.
فيما يلي نستعرض تاريخ بلدة المغراقة وأبرز المعلومات عنها
شيّدت فوق موقع أثري يعود إلى العصر البرونزي
شُيدت قرية المغراقة الواقعة جنوب مدينة غزة في عام 1996، بحكمها قرية زراعية تبلغ مساحتها 2600 دونماً وعدد سكانها التقريبي 3600 نسمة.
موقع تشييد هذه القرية كان فوق صدر موقع أثري اسمه "تل العجول"، ويضرب هذا المعلم الأثري بجذوره حتى العصر البرونزي الوسيط والحديث.
إذ يعتبر تلّ العجول من أقدم المواقع الأثريّة في جنوب مدينة غزّة، فهو يقع على الضفّة الشماليّة لوادي غزّة، حيث كانت تقع بداية المدينة التي سميت "غزة" في العصر الكنعاني 3000 قبل الميلاد، وبيت جلايم في عصر الأيوبيين والمماليك، وكان موقع مدينة غزّة القديمة على هذا التلّ منذ 2200 عام قبل الميلاد.
وكانت تل العجول امتداداً لميناء كبير في العصر الحديدي المبكر في الفترة ما بين 1200 و 1500 قبل الميلاد، والذي كان له علاقات تجاريّة واسعة مع مصر وسوريا وجزر البحر الأبيض المتوسّط، واكتشفت فيه من قبل عالم الآثار البريطاني فلندرز بيتري عام 1933 مصوغات وحليّ ذهبيّة وقصور وإسطبلات خيل تعود لتلك الحقبة.
وبعد العصر الإسلامي صار يطلق على المكان اسم تل العجول، إذ أطلق عليها الفاتحون "تل العجول" نسبة لتربية سكانها للماشية.
تقع في قلب قطاع غزة، وسميت نسبةً إلى مياه الأمطار
تتوسطّ المغرافة قطاع غزة، إذ تقع تحديداً جنوبي محافظة غزة، ويحدها من الشمال مدينة غزة ومن الجنوب وادي غزة، ومن الشرق شارع صلاح الدين ومن الغرب محررة نتساريم ومدينة الزهراء، ويبلغ عدد سكانها قبل الحرب نحو 7 آلاف نسمة.
تبلغ مساحة بلدة المغراقة نحو 3.2 كيلومتر مربع، مقسمة بين مناطق زراعية تشكل ما نسبته 62,8% (وهي في انحسار، حيث بدأ الغزو السكاني للقرية يتصاعد بكثافة في الآونة الأخيرة، ومناطق سكنية تشكل ما نسبته 17,5%، والباقي موزع ما بين مناطق صناعية خفيفة بنسبة 1,2%، وطرق بنسبة 11,6%، ومناطق تجارية بنسبة 1,9%).
تحوّل اسمها إلى المغراقة نسبةً إلى مياة الأمطار التي كانت تتجمع فيها من كل مناطق قطاع غزة نتيجة لوجود وادي غزة بجوارها، مما يتسبب بغرق المنطقة في كثير من الأوقات، وكانت آخر المرات التي غرقت فيها قبل شهرٍ من بداية الحرب الحالية على غزة.
حوّلها الاحتلال من جنة خضراء إلى صحراء قاحلة
كانت بلدة المغراقة من المناطق الأكثر احتكاكاً بالاحتلال الإسرائيلي قبل وبعد انسحابه من غزة سنة 2005، إذ تعرضت المغراقة منذ بداية الانتفاضة الثانية في 28 من شهر أيلول/سبتمبر عام 2000 إلى عمليات توغل واجتياحات واسعة وحملات تفتيش طالت كافة منازل المواطنين الفلسطينيين في البلدة.
وقد أسفرت الحملات المتكررة عن هدم عشرات المنازل وتشريد المئات من الأسر الفلسطينية، ومن أمثلة الاجتياحات المتكررة للقرية، الاقتحام الذي وقع في الفترة ما بين 15 يونيو/حزيران 2003 و15 أغسطس/آب 2003، والذي قامت فيه الجرافات الإسرائيلية بتدمير عددٍ من منازل الفلسطينيين.
وبعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة، قام بتدمير جسورها وعزلها عن مناطق قطاع غزة.
وبعد شنّ الاحتلال الإسرائيلي لحربه المدمرة الأولى على قطاع غزة سنة 2009، كانت بلدة المغراقة إحدى أكثر المناطق المتضررة من تلك الحرب، إذ حوّلها الاحتلال إلى صحراء قاحلة بعد أن كانت أراضي خضراء مليئة بأشجار الحمضيات والزيتون، ودمرت بيوتها على ساكنيها، وصارت أشبه بمدينة أصابها زلزال تسونامي.
وأضاف الاحتلال إلى سجل جرائمه ضد البلدة، حين قامت قوات الاحتلال عام 2010 بفتح أحد سدود وادي غزة، والسماح لمياه الأمطار باجتياح منطقة المغراقة، مما تسبب في فيضانات غامرة.
وفي حرب 2014، أعاد الاحتلال الإسرائيلي اقتحام المغراقة، وارتكب فيها العديد من المجازر، ناهيك عن القصف العنيف الذي تعرضت له من قِبل الطيران الحربي الإسرائيلي، كما تعرضت سنة 2021 إلى قصف مكثف سقط على إشره عشرات الشهداء من المدنيين الفلسطينيين.
هجّرت إسرائيل أهلها وتريد جعلها بوابة لغزو جنوب القطاع
وفي الحرب الحالية، كانت منطقة المغراقة كما سواها من مناطق غزة عرضةً للقصف العشوائي والمدمر من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، والذي نتج عنه سقوط مئات الضحايا من البلدة التي كان يقطنها نحو 7 آلاف فلسطيني.
كما كانت المغراقة الواقعة شمال وادي غزة، إحدى المناطق التي تعرضت إلى التهجير القسري من الشمال إلى الجنوب، إذ أجبر الاحتلال سكانها على الهجرة.
وفي هجومه البري، حاولت قوات الاحتلال المتوغلة من محور جحر الديك التوغل على أطراف المغراقة، وتحويل المنطقة إلى محورٍ شمالي لغزو جنوب غزة، لكنها تلقت مقاومة شديدة من قِبل المقاومة الفلسطينية حتى اللحظة.
تعليقات