محمد الرويحل: خطورة الحسابات الوهمية!

زاوية الكتاب

كتب محمد الرويحل 3572 مشاهدات 0


لم نعرف بدايةً مدى خطورة وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الغاية من وصفها كان للتواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار والمعلومات واكتشاف كل ما هو جديد في عالمنا، ولم نكن نعلم أننا سنحاصر من خلالها بعالم مشوه بالكذب والتضليل والمساس بحريات الآخرين ونشر خصوصياتهم بل تلفيق الإشاعات ضدهم، كما أننا لم نعلم أن هذا العالم الافتراضي مليء بالمنافقين والمرتزقة والمتردية والنطيحة ممن يتستر خلف حسابات وهمية لترويج أجنداتهم الخبيثة ونشر الإشاعات والمعلومات التي تضر أوطانهم وشعوبهم.

لقد تفاقمت تلك الحسابات وازداد تأثيرها، وأصبحت وسيلة خبيثة لنشر الفوضى والهلع في المجتمع، كما أصبحت مركزاً لنشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة لتكوين رأي عام سياسي مؤثر، ويخدم أجندات منظومة الفساد التي كنا نتوقع أن تضمحل وتتلاشى من خلال ما شاهدناه من تعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الفصل التشريعي الأول.

تلك الحسابات التي تتلاعب بمشاعر المواطنين وعقولهم، وزعزعة الاستقرار وإثارة الفوضى الاجتماعية من خلال نشر الإشاعات لا رادع لها ولا محاسبة، بل هناك تجاهل ملحوظ من المسؤولين، وعدم اكتراث من الحكومة لعدم وجود ناطق رسمي لها لنقل المعلومات الصحيحة للمواطنين، وهو الأمر الذي ترك فراغاً كبيراً استغل من منظومة الفساد عبر تلك الحسابات لتكون المصدر الذي يبث الأخبار والمعلومات المزيفة والكاذبة للناس لإرباك الشارع والسلطة على حد سواء، وخلق فوضى سياسية تشغل المجتمع عن ملفاته وغرس الكراهية والعنف في نفوس الجهلة، وهنا تكمن الخطورة التي ما زلنا لا ندركها.

لا شك أن تلك الحسابات التي تنتهج حرباً منظمة لبث الإشاعات ونشر الفتنة والكراهية بين مكونات المجتمع لم تكن عشوائية أو تمثل أصحابها، بل هي ممنهجة ومنظمة تتلقى الأوامر والتوجيهات من منظومة ذات نفوذ ومال لها أجندة خاصة بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية، وهذا ما يثير الشك والخوف في قلوب الحكماء والمصلحين، ويجعلهم يستغربون من عدم إدراك السلطة خطورة تلك الحسابات الوهمية، خصوصا حين تتجاهلهم ولا تحاسبهم رغم وجود قوانين تجرم ما يقومون به كذلك لعدم ردها على تلك الإشاعات والأكاذيب التي يطلقونها عبر حساباتهم، بل الأغرب من ذلك ثمة حسابات تتحدث عن الحكومة وتدافع عنها وتنشر أخبارها قبل أن تنشرها الجهات الرسمية، الأمر الذي جعل المواطنين في تيه من أمرهم وحيرة مما ينشر.

يعني بالعربي المشرمح:

على الحكومة إدراك خطورة تلك الحسابات قبل أن تتمكن من خلق رأي عام قد لا يمكن السيطرة عليه، وذلك من خلال فضح تلك الحسابات ومن يديرها ومن خلفها وإحالتهم إلى الجهات المعنية وفقاً للقانون، كما عليها تعيين ناطق رسمي يوضح للمواطنين بكل شفافية وأمانة الأخبار التي تهمهم والمتعلقة بمستقبلهم، وألا تترك الساحة لأجندات منظومة الفساد لتعبث بمشاعر الناس وعقولهم عبر مرتزقة تلك الحسابات الوهمية التي لو استمرت في عبثها الذي نراه فستخلق حتماً حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.

تعليقات

اكتب تعليقك