د.نجم عبدالكريم: حوار عاصف بين محمود درويش وناجي العلي

زاوية الكتاب

كتب د. نجم عبدالكريم 1050 مشاهدات 0


قبل أن يتم اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن بعام واحد، نشرت مجلة الأزمنة العربية في عددها رقم 170 لعام 1986 حواراً هاتفياً حاداً، دار بين الشاعر محمود درويش، ورسام الكاريكاتير ناجي العلي، الذي كان قد رسم كاريكاتيراً ينتقد فيه بشدة الدعوة التي أطلقها درويش لمد جسور مع اليسار الإسرائيلي، وقد كُتب ذلك الحوار على الصفحة 14 وما بعدها في ذلك العدد من المجلة، حيث بدأ درويش:

- شو يا ناجي، بشوفك مستلمنا؟

- ريتك توضح لي أكثر أخ محمود؟

- شو بدي أوضح. أنت حاطط دبساتك على طحينتنا.. شو في؟ مالك؟

- يا عمي لا تزعل منّي، لأنه ما في شي ضدك شخصياً. أنت بتعرف ما في شي بيني وبينك إلا كل خير، وكل محبة. وأنت يا محمود عارف هذا الشي.

- وكل اللي رسمته وكتبته ما بيخليني أزعل؟ لا، لا... أنا زعلان، وزعلان جداً... وبجد.

- يا محمود أنت إلك حق تزعل لو إني ما تعرّضت إلك، وأهملتك مثل ما باهمل دائماً الساقطين. أنا انتقدتك لأنك مهم لشعبك. أنت لازم تفرح مش تزعل!

- (بغضب) مش أنت يا ناجي اللي يصنفني مهم ولا لأ.

- يا عمي مدوا الجسور زي ما بدكوا... بركي الجسور بتفيدكم مستقبلاً. أما أنا وجماعتي فلا. إحنا يا عمي إلنا جسورنا... جسورنا إحنا مع الناس المشرّدة المحدودة بخط واحد ما في غيره. من باب المخيم مع أهلنا في الداخل، هاي هي جسورنا، وما بنعرف غيرها. وإحنا بننتقد كل واحد بيحكي هالحكي.

- (مُهدداً) آه... بس أنت مش قدّي يا ناجي.

- شو يعني؟ مش فاهم. إذا كانت الشغلة صارت شغلة قدود! فأنا يا محمود قدك، قد غيرك. والله أنا لما بارسم ما باحسب قدّ لأحد، وأنت تعرف هذا منيح يا محمود درويش!

- بدي إياك تفهم منيح يا ناجي، أنا محمود درويش اللي قادر يخرجك من لندن في أية لحظة.

- أووف... أوووف... والله هاي لغة جديدة يا زلمة... بالله عليك تعملها يا محمود؟

- وأعمل أبوها.

- وشو ها السلطات اللي صارت عندك؟ كأنك صرت محمد رسول الكيلاني - رئيس مخابرات الأردن، أو صلاح نصر - رئيس المخابرات المصرية. على كل حال أنتو يا عمي السلطة، وعملتوها من قبل وأخرجتوني من الكويت، وصديقك ياسر عرفات هددني بأن يضع أصابعي في الأسيد إذا لم أسكت، وما عادت فارقة معي يا محمود، هالخد صار معوّد عاللطم.

***

وهناك الكثير مما تم تجاهله من ذلك الحوار، لكن يبقى محمود درويش قامة شعرية نادرة ومتميزة، وقد كانت له مواقف سياسية مضادة للكثير من الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، وكان قاب قوسين أو أدنى من جائزة نوبل لو أنه تماهى مع اتفاقية أوسلو، ولكن درويش تصدّى لاتفاق أوسلو، وأصبح الرمز المعبِّر عن الشاعر الثائر.

أما الفنان الملتزم ناجي العلي فهو الذي سخَّر كل قدراته الفنية من أجل قضيته، حتى دفع حياته ثمناً، بعد أن جندلته رصاصات الغدر في أحد شوارع لندن.

تعليقات

اكتب تعليقك